"حزب الله" يؤكد مقتل 17 جنديا إسرائيليا الخميس في معارك الجنوب    رسميا: فيفا يعلن عن موعد انطلاق مونديال كرة القدم سيدات تحت 17 في المغرب    وزارة الأوقاف: فاتح شهر ربيع الآخر 1446ه بعد غد السبت    الحكومة تُحدد نظام البذلة الرسمية لموظفي الجمارك    قلعة أربعاء تاوريرت بالحسيمة.. معلمة شاهدة على تاريخ الريف    طنجة.. توقيف شخص لتورطه في حيازة وترويج 7 كيلوغرامات و800 غرام من الكوكايين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الحسيمة.. عائلة من افراد الجالية تتعرض لحادثة سير خطيرة على طريق شقران    "الماكلة واللعنة".. جزائريون مقيمون في المغرب يرفضون الانخراط في الإحصاء    المنظمة العالمية للملاكمة تقرر إيقاف الملاكمة الجزائرية إيمان خليف مدى الحياة    إسبانيا على وشك خسارة استضافة مونديال 2030 بعد تحذيرات الفيفا    "مجموعة العمل من أجل فلسطين": الحكومة لم تحترم الدستور بهروبها من عريضة "إسقاط التطبيع" ومسيرة الأحد تؤكد الموقف الشعبي    نقابات الصحة تكشف تفاصيل اجتماع تنفيذ الاتفاق مع الوزارة    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    الملك يهنئ رئيس الحكومة اليابانية الجديدة    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية    موظف شرطة ينتحر بسلاحه في الرباط        "درونات" مزودة بتقنية الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة البناء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    مشروع هام لإعادة تهيئة مركز جماعة "قابوياوا"    الركراكي: الانتظام في الأداء أهم المعايير للتواجد في لائحة المنتخب المغربي    الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    بايتاس يلوم الجفاف على عدم تحقيق نسبة نمو كبيرة للاقتصاد المغربي    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أخبار الساحة        عبد اللطيف حموشي يستقبل المستشار العسكري الرئيسي البريطاني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    جائزة نوبل للسلام.. بين الأونروا وغوتيريس واحتمال الإلغاء    "جريمة سياسية" .. مطالب بمحاسبة ميراوي بعد ضياع سنة دراسية بكليات الطب    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    تقييم "أوبن إيه آي" مطورة "تشات جي بي تي" ب157 مليار دولار بعد تبرعات طائلة    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    القطب الرقمي للفلاحة.. نحو بروز منظومة فلاحية رقمية فعالة    سفير إسرائيل بالأمم المتحدة:الرد على هجمات إيران سيكون قريبا    مندوبية طنجة تعلن عن منع صيد سمك بوسيف بمياه البحر الأبيض المتوسط    كيوسك الخميس | ودائع المغاربة لدى الأبناك تتجاوز ألفا و202 مليار درهم        الرئيس الإيراني: "إذا ردت إسرائيل سيكون ردنا أقسى وأشد"    وقفة أمام البرلمان في الرباط للتضامن مع لبنان وغزة ضد عدوان إسرائيل    إطلاق مركز للعلاج الجيني في شيفيلد برئاسة أستاذ مغربي ببريطانيا    المغرب يشرع في فرض ضريبة "الكاربون" اعتبارا من 2025    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    دراسة: التلوث الضوئي الليلي يزيد من مخاطر الإصابة بالزهايمر    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر إعلان قيام "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا
نشر في التجديد يوم 03 - 07 - 2014

تؤكد تطورات الأوضاع في العراق وسوريا أنه كلما تعقدت إيديولوجيا الخطاب القتالي فيها كلما ازدادت مسؤولية المتبصرين من العلماء والدعاة في حماية الشباب في باقي الدول من آلية الاستقطاب التي تتفنن الجماعات المقاتلة هناك في تطويرها والإبداع فيها. وليس من المبالغة القول إن الدور الذي يمكن أن يلعبه المتبصرون من هؤلاء العلماء والدعاة لحل معضلات الاقتتال هناك ربما يضاهي الدور الذي يمكن أن يقوم به المنتظم الدولي لجلب السلام والاستقرار لشعب البلدين والمنطقة برمتها.
ويعلم الجميع أن آلة الاقتتال هناك تجد وقودها الأساسي من الشباب الذي يتم استقدامهم من الخارج، بعد عمليات غسل الدماغ بخطابات تتخفى خلف الدين، وتستغل الهشاشة الدينية والفكرية لدى الشباب، كما تستغل حماستهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية ل"تقنعهم" ببديل يضمن لهم المساهمة في تحقيق أحلام إقامة الدولة الإسلامية، والطريق إلى الجنة.
مسؤولية العلماء والدعاة واضحة وجلية وضخمة، وتدور حول تجفيف المنابع البشرية للجماعات المقاتلة في العراق وسوريا (وأيضا في باقي مواقع نشاط الإرهابيين)، والتي نجدها تمتد لتخترق النسيج المجتمعي للمغرب و لعدد من دول شمال إفرقيا وفي الخليج، كما تخترق النسيج البشري للجاليات المسلمة في الغرب. وهذا الاختراق سهلته هشاشة الثقافة الدينية لدى الشباب، وكرسه ضعف المجهود التحسيسي الأهلي والرسمي في أوساط الشباب.
وإذا كانت الأرقام التي تكشف عنها التقارير الأمريكية بهذا الخصوص تؤكد أن القاعدة البشرية للجماعات المقاتلة تتلقى إمداداتها من 81 دولة، وخاصة دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، فإن التطور "السياسي" الأخير الذي عرفته المنطقة بإعلان الجماعات المقاتلة قيام ما أسموه "الدولة الإسلامية"، ينبئ بتفاقم الهجرات الشبابية إلى جحيم القتال هناك.
ففي الوقت الذي يكشف فيه تقرير أمريكي جديد وجود 1500 مغربي (أي أزيد من 12 في المائة !) ضمن 12 ألف مقاتل أجنبي دخلوا سوريا للقتال ضمن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروف ب"داعش"، يعلن هذا التنظيم عن خطوة خطيرة تتعلق بإعلانه عن تأسيس دولة الخلافة الإسلامية، وتسميتها ب"الدولة الإسلامية" دون إضافة العراق والشام وذلك لتصبح "دولة لكل المسلمين في كل العالم"! و تؤكد وكالات الأنباء ومختلف وسائل الإعلام، قول "الدولة الإسلامية" "إنها تريد إلغاء حدود الدول من البحر المتوسط إلى الخليج وإعادة الخلافة للمنطقة". وتوجه خطابا لا يستهدف سوى الاحتياطي الهش من الشباب في تلك الدول بالقول "ننبه المسلمين انه بإعلان الخلافة صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة إبراهيم (أبو بكر البغدادي) وتبطل شرعية جميع الإمارات والجماعات والولايات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصلها جنده" !
ورغم أن هذا الخطاب قد يشكل تهديدا للدول المجاورة، إلا أنه في العمق يهدف إلى تحقيق هدفين استراتيجيين أساسيين يهمان دول الإمداد بالشباب بالخصوص والتي ضمنها المغرب:
الهدف الأول، هو تجديد قوة الجذب في المشروع القتالي للجماعات المقاتلة هناك، والذي تحدثت تقارير مختلفة عن وجود توجه لدى المقاتلين للعودة إلى بلدانهم بعد التطورات السياسية والعسكرية التي عرفتها سوريا والتي كانت لصالح نظام الأسد. وتشكل الصيغة المعلنة، دولة الخلافة الإسلامية وبيعة خليفة المسلمين، رهانا قد يضاعف من قوة الإغراء لبقاء هؤلاء المقاتلين و الاستمداد بمقاتلين جددا.
الهدف الثاني، يتعلق بخطورة تحول التنظيم الجديد، الذي دخل في صراع مرير مع تنظيم القاعدة الذي انفصل عنه، من الصراع حول اقتسام الموارد البشرية المقاتلة في العراق وسوريا، وكذلك مصادر التمويل والإمداد اللوجستيكي، إلى توسيع مجال النفوذ الجغرافي ليشمل دولا عبر عنها بسعيه إلى "إلغاء حدود الدول من البحر المتوسط إلى الخليج وإعادة الخلافة للمنطقة"، وإذا نجح البريق الإيديولوجي ل"دولة الخلافة" و "بيعة الخليفة" و "وجوب البيعة والطاعة"، لا قدر الله، فإننا قد نجد القابلية للهجرة للقتال في سوريا والعراق تتحول، بسبب "الحاجز الأمني"، إلى مشاريع محلية لإقامة فروع ل"الدولة الإسلامية" المعلنة تمهيدا لإقامة "دولة الخلافة" الواسعة.
إن خطورة إعلان "الدولة الإسلامية" ليست مجرد مشروع لتصفية الحساب بين التنظيمات الإرهابية، خاصة القاعدة و"داعش"، بل يتعداه إلى تأطير الشباب في دول "الإمداد بالمقاتلين"، والتي من ضمنها المغرب، من أجل توسيع ذلك المشروع جغرافيا. و إذا كانت خطورة الهجرة إلى القتال يمكن ضبطها والتحكم فيها نسبيا بمقاربات أمنية، باعتبارها تتعلق بحركة للشباب عبر الحدود، فإن خطورة خدمة "الدولة الإسلامية"، بما تعنيه حمولاتها الدينية والإيديولوجية، يجعل المقاربة الأمنية غير كافية، ويجعل لدور العلماء والدعاة والمجتمع المدني عامة، دورا استباقيا استراتيجيا لتجفيف منابع تلك "الدولة" المشؤومة، بتوسيع قدراتهم التأطيرية ورفع الحواجز المفتعلة بينهم وبين الشباب لاعتبارات ضيقة ولحسابات سياسوية مغامرة.
وإذا استحضرنا ما كشفت عنه التقارير المختلفة من توسع دائرة هجرات عودة المقاتلين من ساحة القتال هناك إلى أوطانهم، يمكن تصور الخطر الذي ينطوي عليه إعلان تلك "الدولة" المشؤومة كمحور استقطاب فعال لموجة أعمال إرهاب جديدة قد تسعى إلى تحقيق أحلام مجانين "الدولة الإسلامية" في مختلف الدول.
إن العلماء والدعاة المتبصرين وحدهم من يستطيع تفنيد الأسس الأيديولوجية التي يتأسس عليها الخطاب القتالي الذي يشكل إيديولوجيا "الدولة الإسلامية" وما شابهها، فهل يخرجون من معتكفاتهم؟ وهل تزال العقبات من أمامهم؟ إنه الرهان الاستراتيجي لمواجهة آلة دمار جديد تتغذى على الجهل بالدين والهشاشة في الثقافة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.