في زمن عربي ما .. وجغرافية ما .. قالت الأم للولد وهي تشير بعينين شاردتين مستغرقتين بالتلفاز إلى طبق البطاطس البارد القديم: كُل البطاطس أنا لا آكل البطاطس قال الولد الناحل العاصب البطن من جوع. قالت الأم للعصا : إضرب الولد ، قالت العصا المنكمشة في الركن القصي من الغرفة بلا حول ولا قوة وقد تآكلت من هرم و نسيان : أنا لا أضرب الولد ..واش بغيتي تشريها ليا مع حقوق الإنسان؟ مشات أيام العز. قالت الأم للنار أحرقي العصا ، قالت النار أنا لست إرهابية لأحرق رمزا من رموز السلطة. قالت الأم للماء أطفئ النار ، قال الماء : حقينتي الاحتياطية من الماء لا تسمح بلعب الأطفال هذا . قالت الأم للبقرة : إشربي الماء، قالت البقرة: أنا لا أشرب إلا المياه المعدنية ، جنون البقر علمني أن أحتاط في مأكلي ومشربي .قالت الأم للسكين: اذبح البقرة، قالت السكين: هل تريدين الزج بي في السجن بتهمة التشرميل . وقال الولد الصغير المحمر العينين كقطة متوفزة في الليل، المزرَقّ الشفتين، الآيل إلى اختناق داهم : بل سآخذ جرعة زائدة من مخدري . ولم تهتم الأم بما قاله الولد ، والدمع والخنين يعبثان بأنفاسها، فقد كانت مشغولة جدا ببطل مسلسلها المكسيكي الذي كان يلفظ في تلك اللحظة أنفاسه الأخيرة، نتيجة أخذه جرعة مخدر زائدة ويسأل صديقته أن تسامحه فتلوي شفتيها غير مبالية ، وتقفز الأم إلى الشاشة وتركع أمامها بخشوع ،سائلة بطلها أن لا يرحل و يتركها هي الوفية، وحيدة للفراغ ولشغب ولدها البوحاطي الشقي