قبل أن نبدأ حديثنا عن التغيير أود أن أصف منظرا رأيته، رأيت حى الشعلة في بغداد يشتعل نارا .. ومستودعا للأغذية منفجرا وآلاف القتلى والجرحى ... ولكنى هذه المرة لم أبك على ذلك هذه المرة بكيت بغداد،بغداد اسم له رنين محبب إلى قلوبنا، عاصمة الخلافة الإسلامية لمئات السنين، قلعة الأسود وكعبة المجد والصمود كما تغنى بها الشعراء، بغداد التى وصفها المستشرقون بقولهم : نشهد إننا لم نجد على الأرض مكانا كان أصحاب الأديان أحرارا فى ممارسة شعائرهم كما حدث فى بغداد. وبهذه المناسبة أيضا أريد أن أوضح أن قانون الله سبحانه وتعالى فى التغيير لا يتعلق بالمسلمين، فالآية تقول "إن الله لا يغير ما بقوم"، فأى قوم اتخذوا أسباب التغيير الإيجابي في السلوك يمنحهم الله قيادة البشرية، والتغيير ليس زرا يتم الضغط عليه فتتغير الصفة، بل هى عملية صعبة. إعادة صناعة الإنسان تحتاج إلى جهد، وبناء على الأفكاربالعمل فى كل المجالات، التغيير صناعة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، ودليلنا أمة عاشت قرون ترعى الغنم وتحولت بعد 25 سنة فقط إلى أمة ترعى الأمم. هؤلاء هم صحابة رسول الله. نتفق اليوم أن هناك خلق مهم جدا ينقصنا ويعطلنا : الإحسان أي الإتقان للأسف أصبح كل أدائنا للأعمال تحت بند : أي كلام، أي أداء، أي شيء يؤدى الغرض والسلام. كل شيء. مذاكرة الطالب، صناعة الصانع، تدريس المدرس، كل مجالاتنا لا تحمل طابع الجودة والإتقان بل الإستعجال والتسيب والفهلوة. مع إن الإتقان سنة حياة المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه . الغرب أخذ هذا الشعار مبدأ ولذلك سادوا وتقدموا لأن القيادة مرتبطة بالقوانين، فهيا بنا نتخلق بالإحسان، نتخلق بالإتقان. إذا صنعنا أي شيء يجب علينا إتقانه، لا يعقل أن يحتاج العمل فعليا إلى مائة شخص فنضطر إلى تعيين مائتي،ن لأن المائة لن يؤدوا كما ينبغى. إن الأمة تترهل، هل يعقل أن يكون متوسط ساعات العمل اليومية الفعلية فى الغرب من 8 الى 10 ساعات وأن يكون متوسط ساعات العمل الفعلية اليومية فى الأمة العربية على أحسن الدراسات 12 - 13 دقيقة والبعض هبط بها إلى 5 دقائق . قوانين الله ثابتة إذا أردنا العزة والسيادة لا بد لنا من الإتقان. يقول تعالى : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكروالبغى}،سورة النحل، الآية:90. الإحسان هو الصفة الثانية المطلوبة بعد العدل، ويقول أيضا : {إن الله يحب المحسنين}سورة البقرة، الآية: 195 . ويقول جل و علا : {إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا}،سورة الكهف:الآية 30. ويقول : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا ترهق وجوههم قتر ولا ذلة}،سورة يونس،الآية: 26. وجب علينا الإتقان والإحسان فى كل مناحى الحياة . أتدرون أين سوء الأداء وقلة الإحسان؟ فى طالب يذاكر شيء ليحصل به على نتيجة، قى مدرس لا يشرح كما ينبغى، فى سلعة زراعية أو صناعية صنعناها لتعيش ايام ثم تتحطم، هناك دول بعينها تشتهر بصناعات معينة، ولا ينافسها فيها أحد، وهناك دول أخرى تحتكر صناعة وإتقان مجموعات من الصناعات، ونحن أين منتجنا العربى؟ ما الذى نستطيع أن نرفع راية الفخار به ونقول هذه صناعة لا يقدر عليها سوانا ؟ لا يوجد. إذا قرأنا صنع في دولة غربية فنحن نشتري المنتج دون تفكير مع ثقة كاملة في جودته، أما إذا كان صنع فى بلد عربى فنحن نقلبه وننظر للسعر ونفكر كم سيدوم عمره! قابلنى صديق قائلا : الحمد لله أن الغرب يتفوق تكنولوجيا كل يوم حتى نأخذ نحن هذا الإنجاز جاهزا نستعمله ونتفرغ للعبادة ! لم أصدق أنه جاد، أي عبادة تلك وأنت عبادتك أن تتفوق على الجميع فى كل المجالات، يجب إتقان كل شيء بداية من السلام إلى قمة الأداء العملي. أستطيع أن أسلم بكلمة واحدة السلام عليكم، أو أزيدها وأجعلها السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأضيف إليها مصافحة قوية باليد ثم ابتسامة واسعة على الوجه ونظرة محبة من العين، أرأيتم مراحل الإتقان؟ عمرو خالد هذا المقال ملخص لمحاضرة الإحسان الصادر من سلسلة "حتى يغيروا ما بأنفسهم" للداعية عمرو خالد الذي ألقاها على الفضائيات يوم السبت الموافق 29/3/ 2003