فعلا لم تعد مصر أم الدنيا ولا حتى ربيبتها، انتهى السحر الآن، هناك صوت إعلامي مسيطر على المشهد السياسي شعاره (لا أريكم إلا ما أرى). لقد فضحتهم قناة الجزيرة في لقطة مثيرة للاشمئزاز حيث يظهر أجانب ومصريين يرقصون فرحا وبشكل هستيري على نغمات (إسح إدح إنبو، الواد طالع لابوه ..)، وهذا صحيح لأن الأب المخلوع مبارك «طالع» له شَبَه، إنه السيسي وفي نفس الوقت تظهر صورة موازية لهذا المسخ الإعلامي للحشود الرافضة للانقلاب وهي تردد (يسقط يسقط حكم العسكر) فأي الصورتين أحق بالتصديق؟ ناهيك عن لقطات لمصريين يصيدون السمك في النيل ويبتسمون ويختار مخرج الجنرال شوارع خالية بعد إغلاق مداخلها بالدبابات ليوهموا المشاهد أن ما يحدث من مظاهرات ربما تكون لقطات من المريخ أو كوكب آخر، وهذه صور تأكد أن مصر بخير وأن الشعب يرقص طربا مع العسكر في انسجام تام بل أن هذا الأخير يوزع الشكولاتة والمياه الباردة على الثوار في التحرير، إنها حريرة إعلامية حامضة. وعندما تتسرب لقطات من ميدان رابعة يكاد الجنرال وزبانيته يغمى عليهم من هول الفضيحة، وهنا يبدأ تلفيق الاتهامات للقنوات الداعمة للشرعية، فهي متآمرة وصورها مفبركة. لكن مشهد إطلاق الغازات المسيلة للدموع على مصلي الفجر كان فاضحا فلم يبق لإعلام الفرعون إلا أن يعتبر إطلاق الغاز المسيل للدموع مجرد من الجنرال ليتخشع المصلين ويذرفون الدموع وهم يستمعون للقرآن. أما عن المستبد بشار فبعد أن قتل أزيد من 100 ألف من الآدميين انتقل إلى أصحاب الأربع (الحمير الثائرة) وربما سوق إعلامه أن هذه ناقلات جنود وذخيرة للجيش الحر، لقد تم الإجهاز على مجموعة من الحمير بسلاح الكلاشينكوف، فبعد أن كان هذا السلاح يستعمل من طرف الثوار ضد الإمبرياليين، استعمله بشار ضد الحمير. أما السيسي فهو بلا إنجاز يذكر سوى انقلابه على رئيسه مرسي، لكن إعلامه أراد أن يحقق له إنجازا وهميا، حيث قامت مخابراته بإلقاء القبض على طائر لقلاق مهاجر وتم التحقيق معه وتعرض لتفتيش دقيق وصرح مسؤولون أن هذا الطائر يحمل جهازا للتجسس على الجيش العظيم، لكن لسوء حظ الجنرال كان الطائر مسجلا عند منظمة دولية تهمتم بالبيئة وحماية الطيور وهذا الجهاز هوفقط لتتبع طيرانه، وبعد ذلك تم الإفراج عنه وواصل طيرانه في اتجاه جنوب إفريقيا، إنها فضيحة. لكن حمير بشار لم تكن مسجلة في أية منظمة، وإلا لكان بشار في وضع لا يحسد عليه. وبعد إنجاز السيسي تم إبلاغ كل لقالق العالم بتفادي الطيران في مصر خشية التعرض للاعتقال. باختصار، فإعلام الدكتاتور يجعل من الحبة قبة لتشويه سنة من حكم مرسي ويحاول إقناع المصريين أن هذه السنة فيها من الفساد ما يفوق ستون سنة من حكم العسكر. إوا باز. لقد أصدر العسكر أوامره لوسائل إعلامه لإظهار مصر هادئة والتعتيم على مظاهرات المعارضة وهذا يذكرنا بأيام وزارة الداخلية والإعلام، ففي أواسط الثمانينات كانت هناك مباراة بين المغرب والكاميرون، وكان النقل مباشرا، فجأة اشتبك اللاعبون بالأيدي والأرجل، وماكان غير الله يعطيك صحيحتك، هنا انقطع الإرسال وذهب بنا المخرج إلى مناظر طبيعية من إيموزار مصحوبة بموسيقى أندلسية ولم يعد البث إلا بعد أن هدأت المعركة. إوا آش ظهرليك أبا المعطي؟ الزواق يطير أولدي، هذا زمان برق ما تقشع.