أياما قبل موعد الثلاثين من يونيو بدأت عمليات الحشد بالنسبة لمؤيدي الدكتور محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية وعدد من الميادين الأخرى في محافظات الجمهورية، ونظم المؤيدون مليونيات عبروا خلالها عن رضاهم عن أداء الرئيس وعبروا عن عزمهم الدفاع عن الشرعية أمام كل محاولة الانقلاب، مستلهمين حماسهم من خطاب الرئيس الذي ألقاه ثلاثة أيام قبل موعد حركة «تمرد»، والذي خاطب فيه شعبه بلغة يفهمها وفضح بعض الفلول الذين تحولوا بين ليلة وضحاها إلى ثوار وحراس لثورة 25 يناير بأسمائهم، قبل أن يمد يده للحوار.. غير أن الوضع ظل كما البداية؛ فقد رفضت المعارضة كل يد ممدودة للرئيس ورأت أن خطابه لم يكن موفقا ولم يحمل جديدا، بل وجه كثيرون سهام نقدهم إلى مرسي لأنه لم يتلو خطابه من الورقة كما كان يفعل سلفه الفرعون. وفي صباح يوم 30 يونيو بدأ المتظاهرون يحتشدون وانطلقت مسيرات من مختلف أحياء محافظة القاهرة في اتجاه ميدان التحرير يتقدمها رموز من المعارضة ونصبت خيام للاعتصام، وبحلول المساء أصبح الميدان ممتلأ عن آخره إضافة إلى الشارع الكبير المقابل لقصر الاتحادية. مقابل ذلك، احتشد مصريون آخرين في ميدان رابعة وفي ميدان النهضة بجامعة القاهرة في مليونية الدفاع عن الشرعية. بدأت القنوات الإعلامية التي تفتقد للمصداقية منذ أن تحولت من مؤيد لنظام الفرعون إلى معارض لمرسي المنتخب ديمقراطيا في حملتها الداعمة ل»تمرد»، واكتسبت قوة وجرأة في النقد لدرجة الوقاحة في كثير من الأحيان من خلال تعظيمها للكذب وتزييف الحقائق وغضها الطرف عن التظاهرات المؤيدة للرئيس. في الجانب الآخر، بدأت القوات المسلحة في التحيز إلى متظاهري التحرير بعد أن بدأت طائرتها في التجول فوق الميدان وهي ترسم العلم المصري وترمي الأعلام الوطنية وقنينات الماء، في الوقت الذي أخلت مقرات الإخوان فاسحة المجال أمام البلطجية الذين اقتحموا المقرات في عدد من المحافظات مستعملين الخرطوش والرصاص الحي، ونقذوا جرائم قتل في حق المؤيدين في غياب تام لحماية الأمن والجيش. يمكن تقسيم المتظاهرين الذين طالبوا برحيل مرسي إلى ثلاث فئات؛ الأولى تضم أنصار المعارضة التي رفضت الجلوس إلى طاولة الحوار رغم مد اليد إليها أكثر من مرة، والثانية تضم مؤيدي النظام السابق الذين يتلقون المال مقابل خدمة النزول للتظاهر في الشارع والانخراط في أعمال تخريب ممنهجة ضد مقرات الإخوان وأنصارهم، ثم فئة من الشعب سارت عليه مؤامرة بتخطيط منظم، بدأت من افتعال أزمات متتالية من كهرباء ومياه منتهيه بالوقود والسولار حتى عاد مشهد الطوابير من جديد بعد تلاشيه في فترة وجيزة، مسحت تلك المشاهد والصور التي رسمتها سياسة الدولة العميقة على مدار أعوام من الذل والهوان ..وأخذت تلك المؤامرة ترويجاً ممنهجاً أتى من حجم الإشاعات والاتهامات منذ بداية الاسبوع الأول من تولي الرئيس مرسي رئاسة الجمهورية وكأن مرسي باع مقدرات مصر بما فيها الأهرامات وقناة السويس وأن النظام السابق لم يفعلها مطلقا.. بالفعل؛ لقد كانت الحشود المعارضة ضخمة رغم وجود المخربين الذين قاموا بحرق 10 مقرات للإخوان واستهدفوا بالرصاص الحي عددا من المتظاهرين المؤيدين، لكنه كان مشهدا من سيناريو محبوك يمهد لكلمة العسكر.