لقد كانت هذه السنة متميزة في محاربة الغش أثناء اجتياز امتحانات الباكالوريا، لهذا تجهزت وزارة التعليم لمواجهة هذه الظاهرة، فعلى المستوى الإعلامي كانت تصريحات نارية من المسئولين، لكن أبرزها كان للسيد وزير التعليم حيث قال:(والله لا نقل فيها شي واحد) وفعلا تجندوا على المستوى المادي واللوجستيكي لإحباط كل محاولة للغش، سواء التقليدي حروز أو الحديث باستعمال الأجهزة الإلكترونية. لكن ومع ذلك انتصر حزب النقلة الذي يحمل شعار: من نقل انتقل ومن ..» لأن المعادلة تقول كلما زادت مجهودات المراقبين زادت مجهودات الغشاشين واستعملوا تقنيات جديدة لا تخطر على بال المراقب، فببساطة التلميذ الذي كرس جهده للغش لا التحصيل فهذه العملية بالنسبة إليه حياة أو موت، والمغرب في هذا المجال لا يعد استثناء، فكل دول العالم توجد بها هذه الظاهرة ولو بشكل نسبي، حتى كاد حزب النقلة أن يطلق نداءا عالميا «يا نقالة العالم اتحدوا». فبالله عليكم كيف يمكن إقناع التلميذ بالإقلاع عن عادة الغش وهو يرى التزوير في الدولة مستشريا من أخمص قدميها إلى أم رأسها، لنأخذ على سبيل المثال ميدان تسيير الجماعات والبلديات فكم من مرة تم ضبط رؤسائها وهم يحملون شهادات ابتدائية مزورة ولكن بعد فوات الأوان، حيث استفادوا من سنوات التسيير و راكموا ثروات هائلة. زد على ذلك السادة النواب الذين رابطوا في البرلمان منذ سنين بسبب تزوير نتائج الانتخابات، ومنهم محظوظون أصبحوا وزراء في حكومات سيرت البلاد منذ الاستقلال، وتمتع الغشاشون بلقب معالي الوزير، حيث فتحت لهم خزائن الأرض والعرض وحققوا كذلك ثروات لا تعد ولا تحصى دون وجه حق. إذن فهذا البرلمان مزور يصدر قوانين ضد الغش إنه التناقض، هذا غيض من فيض، إذن فالتلميذ هو حلقة في مسلسل الغش الشامل لا يمكن معالجته بالمراقبة الصارمة وحدها، لأنه لا يعيش في كوكب آخر. إن الأمر خطير فتصوروا معي أن هذا التلميذ النقال أصبح مهندسا فرحمة الله على القناطر والطرق.. أو طبيبا..إنها كارثة وستنعدم الكفاءة وبذلك سنتراجع على مستوى التنمية المستدامة أو غير المستدامة التي دوخنا بها الإعلام، وللتخلص من هذه الظاهرة أو الحد من انتشارها لا بد من الوقوف على أصل الداء. إن المسلمين برعوا في كل العلوم طب هندسة .. وكانوا أساتذة العالم بامتياز لكن الاستعمار دمر هذه المنظومة التعليمية واستبدلها بالتعليم العصري وفرضها على أتباعه، فمنذ الاستقلال تمت محاربة التعليم الأصيل إلى اليوم حيث تم تقليص مدة تدريس مادة التربية الإسلامية بالنسبة للشعب العلمية، وكذا خفض معاملها مقارنة بباقي المواد. إذن كيف يمكن أن نحد من هذه الظاهرة وتعليم شبه علماني؟ ونحن مسلمون، إنه انفصام ثقافي فالنقيل ينتمي لثقافة مادية لا تراقب الله في كل أعمالها، فالمشكل ثقافي بامتياز إذن فلابد من إعادة الاعتبار للتعليم الأصيل وتطويره ليواكب العصر، انظروا معي إلى هؤلاء العظماء خريجي مدرسة القرآن الخوارزمي ابن الهيثم البيروني ابن سينا ... إنهم شعلة علمية أنارت ظلمات العالم بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، فلا بد من الرجوع إلى المنبع الصافي لنهل العلم طلبا للأجر ومراقبة الله في كل أعمالنا، لنحد من هذه الظاهرة الخبيثة وليس فقط بالتهديد والوعيد «والله لا نقل فيها شي واحد» بصراحة أشفق على الوزير أنه كمن يريد إطفاء النار، فالمسألة أكبر من وزير إنها الدولة واختياراتها. إيوا أش اظهر ليك في النقيل أبا المعطي..؟ شوف اولدي أنا مقريتش ولكن جدي كيقول الغش ما مزيانش