في هذا المحور عمل تقرير الحالة الدينية الصادر عن المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة على رصد تفاعلات الحقل الديني مع باقي الحقول الإجتماعية الأخرى، والآثار الناجمة عن هذا التفاعل، وقد تم اختيار ثلاثة تفاعلات أساسية، وهي : ● تفاعلات الإقتصادي والقيمي : حيث أشار تقرير منظمة الشفافية الدولية حول مؤشر الفساد، إلى أن المغرب إحتل الرتبة 89 سنة 2009 و85 سنة 2010، وبأن الفساد في المغرب يلتهم 2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. كما صدر تقرير في يونيو 2009 عن البنك العالمي اعتبر أن غياب سياسة تقديم الحساب لا تساعد على بلوغ الأهداف، بل تؤدي إلى تبذير الأموال العمومية والاختلاس والرشوة بالمغرب، وبالتالي تراجع الحماس لفعل التنمية. ● التفاعل الديني والثقافي : حيث أثارت قضية المرجعية وموقع الدين في الحياة العمومية جدلا خلال سنتي 2009 و2010. وقد ارتكز الخطاب العلماني على ثلاث مقولات أساسية، تتعلق الأولى بالدعوة لسمو المرجعية الدولية على القوانين الوطنية، وترتبط الثانية بالمطالبة بفصل الدين عن السياسة، ثم التخويف من الإسلاميين. ● تفاعلات الديني والسياسية : حيث تناول التقرير موضوع الأحزاب وقضايا الهوية، ورصد توجيه حوالي 133 سؤالا كتابيا وشفويا إلى وزارة الأوقاف، مقابل حوالي 177سؤالا كتابيا وشفويا إلى باقي القطاعات الأخرى.وفي نفس الإطار تناول تفاعل الديني والأمني سواء في ما يتعلق بتدبير العلاقة مع التيارات الدينية، أو فيما يتعلق بتفاعلات ملف السلفية الجهادية، ورصد الخلايا المفككة واشتباه الارتباط بالقاعدة، ثم المساندة الحقوقية والجمعوية لمعتقلي السلفية الجهادية، وأخيرا مسألة حظر حزب البديل الحضاري ومنع حزب الأمة. ما هي حصيلة الاقتصاد الوطني في علاقته بمنظومة القيم خلال سنتي 2009 و2010، وهل هناك بوادر مصالحة معها أم الواقع عكس ذلك؟ سؤال يطرح على مستويات مختلفة لاسيما في ظل الاستراتيجيات الاقتصادية التي تم اعتمادها خلال هاتين السنتين من التدبير الحكومي للاقتصاد الوطني. هناك أولا حديث عن الرغبة التي تهم تكريس مفاهيم الحكامة الرشيدة، وكذلك القبول بإنشاء دار الصفاء كأول نافذة في المغرب للمعاملات البديلة باعتباره حدثا لانطلاق توجه جديد في المعاملات البنكية. بالمقابل تميزت هاتين السنتين بالتأكيد المستمر على النهج الليبرالي باعتباره عقيدة ومرجعا اقتصاديا، واستمرار تصاعد اقتصاد الخمر والقمار والجنس والمخدرات، إضافة إلى استمرار التطبيع الاقتصادي مع الكيان الصهيوني. شهدت سنتا 2009 و2010 حركة على مستوى التفاعل الديني والسياسي، سواء على مستوى تفاعل الأحزاب السياسية مع قضايا الهوية والمرجعية عبر العمل التشريعي والرقابي أو بعض المواقف الحزبية من هذه القضايا. وعرفت سنتا 2009 و2010 تفاعلات من طرف الأحزاب السياسية بخصوص القضايا المتعلقة بالهوية والقيم، خصوصا على مستوى العمل البرلماني والرقابي، حيث تم طرح مجموعة من الأسئلة الكتابية والشفوية في البرلمان، ستقوم هذه الورقة أهم المعطيات الكمية المتعلقة بالأسئلة البرلمانية في مجال الهوية والقيم، سواء تلك الموجهة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أو إلى باقي القطاعات الوزارية المعنية. وعرفت سنتا 2009 و2010 كذلك اهتماما إعلاميا بارزا بظاهرة الشذوذ الجنسي بالمغرب، وهو اهتمام ارتبط في أغلب الأحيان بمحطات ووقائع تسلط الضوء على هذه الظاهرة، مما يجعل التضخيم الإعلامي يؤثر على التعاطي الموضوعي معها، ويعطيها أبعادا سياسية واجتماعية متعددة. إلا أن هذا الاهتمام الإعلامي لا يعكس بالضرورة الحجم الحقيقي للظاهرة، ومدى قوة الفاعل المدافع عن التوجه المشرعن للشذوذ الجنسي بالمغرب، ويهتم الإعلام عموما بهذه الظاهرة خلال محطات معينة أهمها موسم ضريح سيدي علي بنحمدوش بضواحي مكناس، الذي يعقد في شهر مارس من كل سنة، بالإضافة إلى محطات مرتبطة بأنشطة بعض الفاعلين المدافعين عن الشذوذ الجنسي في المغرب في فترات متفرقة من السنة. ومن جهة أخرى، تضاربت المعطيات بخصوص أعداد الشواذ جنسيا في ظل غياب أرقام رسمية وموثوقة عن نسبتهم وعن انتشارهم الجغرافي، وعن مدى انتشار هذه الظاهرة داخل المجتمع، فبينما اعتبرت مجلة نيشان الأسبوعية في عددها الصادر شهر مارس 2009 (20-26 مارس) أن عدد الشواذ يناهز ثلاثة ملايين حسب إحصائيات غير رسمية. وذهبت بعض التقديرات الأخرى إلى أن عددهم لا يتجاوز 1000 شاذ وشاذة، وهو الرقم الذي يورده موقع جمعية «كيف كيف» المدافعة عن الشواذ جنسيا على الأنترنيت. المحور الخاص باليهود المغاربة في هذا الفصل الأخير من التقرير، يرصد التقرير وضعية اليهود المغاربة، الذي ينطلق من الإطار التاريخي للجماعات اليهودية، وتشكلات الهوية اليهودية بالمغرب، وتاريخ هجرة اليهود المغاربة، وجرد لأهم المواسم اليهودية، وتفاعل اليهود المغاربة في الحياة بصفة عامة، ووضعيتهم في مدونة الأحوال الشخصية، وأخيرا موقف اليهود المغاربة من العدوان الأخير على غزة، ويسجل التقرير وجود مسارين من ناحية التقلص العددي لليهود المغاربة بفعل الهجرة والتي تطال الشباب بشكل خاص حيث لا يتجاوز العدد حاليا 3000 يهودي مغربي، وفي المقابل غياب تسجيل حالات توتر بين الجالية وباقي المغاربة إلا من استثناءات نادرة تتداخل فيها اعتبارات غير دينية. كما سجل التقرير عودة متنامية للاهتمام الروحي المتمثل في إحياء المناسبات الدينية ومزارات اليهود المغاربة. اليهود المغاربة، هم المغاربة الذين يعتنقون الديانة اليهودية، لهم وجود تاريخي قديم، وقد هاجرت نسبة كبيرة منهم إلى (إسرائيل)، إلا أنهم ما زالوا يحتفظون بعدد من معابدهم الدينية ومساكنهم. ويسعى هذا المحور إلى تسليط الضوء على بعض المعالم الدينية ليهود المغرب خلال سنتي 2009 و2010، من خلال الوقوف على أهم الأعياد والمناسبات والطقوس الدينية، بالإضافة إلى بعض الأحداث والوقائع الخاصة بهم. وحسب التقرير، شهدت سنتا 2009 و2010 وفاة شخصيتين من اليهود المغاربة، واللذين كان لهمل دور سياسي وأدبي وثقافي في المغرب، كما يعتبران رمزين من رموز الحضارة اليهودية، من خلال كتاباتهما ومؤلفاتهما ونضالاتهما ضد السياسة الصهيونية كما أنهما عاشا مرحلة الاضطهاد والتهجير والترحيل، وبعد مجييء الملك محمد السادس عادا للإستقرار في المغرب. 1. أبراهام ألبير السرفاتي : في نونبر 2010 توفي أبراهام السرفاتي بإحدى المصحات بمدينة مراكش عن سن تناهز 84 عاما، وهو مهندس وسياسي مغربي يهودي الديانة، واستطاع أن يبرز دوليا بسبب مواقفه المعارضة تجاه بعض السياسات التي اتخذت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، كما سبق أن سجن لعدة سنوات خلال ما يسمى ب «سنوات الرصاص»، بدرب مولاي الشريف، وقضى سبعة عشر عاما في السجن وثماني سنوات في المنفى. و يعتبر السرفاتي من الرافضين للهجرة إلى الكيان العبري، بل كان يسعى دائما للعودة إلى وطنه المغرب. وشهدت جنازته حضور الأفراد المنتمين لأسرته، وعدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين، ومنهم عبد الرحمان اليوسفي، الوزير الأول السابق، كما عرفت حضورا من الجانب الرسمي لكل من المستشار الملكي أندري أزولاي ووزير الدولة محمد اليازغي ووزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة أمينة بنخضرة بالإضافة إلى حضور قيادة الطائفة اليهودية بالمغرب. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أكد محمد اليازغي «بأن المغرب فقد، برحيل أبراهام السرفاتي، مناضلا فذا وتقدميا كبيرا دافع دوما على مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، وأضاف ضمن بأن أبراهام السرفاتي» قد تمكن من إعطاء المثال للمدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني بتعبيره عن مناهضة الصهيونية». وقد سبق لأبراهام السرفاتي في سنوات الستينيات أن كان زعيما لمجموعة « إلى الأمام» الماركسية اللينينية بالمغرب قبل أن يتم اعتقاله عام 1975 وحكم عليه بالمؤبد بناء على تهمتي»الإخلال بالنظام العام، وكذا التشكيك في مغربية الصحراء»عقب تصريحات أيد خلالها تقرير مصير ساكنة الأقاليم الجنوبية وقضى17 سنة منتقلا بين عدد من المعتقلات ومراكز التعذيب قبل أن يطلق سراحه عام 1991 من قبل الملك الراحل الحسن الثاني ويرحل إلى فرنسا بدعوى « كونه برازيليا لا يحمل الجنسية المغربية» وقد عمل الملك محمد السادس خلال شهر شتنبر من سنة 1999 على إعادته إلى البلاد. 2. ادموند عمران المالح في نونبر2010 توفي بالمستشفى العسكري بالرباط، الكاتب المغربي اليهودي إدمون عمران المالح عن سن يناهز 93 سنة. وينحدر أصل إدموند عمران من عائلة يهودية مشهورة من أصول أمازيغية، من قبيلة آيت عمران جنوب الأطلس. وقد فضل الهجرة إلى فرنسا بسبب مواقفه المعارضة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وذلك سنة 1965، وعاد إلى المغرب سنة 1999 للإستقرار بشكل نهائي. كما كان لادموند المالح إنخراط في مسار الكفاح من أجل استقلال المغرب، قبل أن يهاجر إلى فرنسا حيث اشتغل أستاذا للفلسفة وصحافيا. وباشر منذ سنة 1980، وهو في سن ال 63، تأليف سلسلة من الروايات والمؤلفات التي تحولت إلى مراجع عالمية بفعل الأبعاد الشاملة التي احتوتها المواضيع العامة التي تطرقت إليها . وقد كان للتربية التي تلقاها ادموند عمران المالح في وسط تميز بتعايش كبير بين المغاربة اليهود والمسلمين ونسج فيه صداقات مع عدد من جيرانه المسلمين دون مشاكل أو شعور بالاختلاف مع المسلمين، عظيم الأثر على الأعمال التي خلفها. محور التحديات: 9 تحديات تواجه التدين بالمغرب يتناول هذا المحور مختلف الجوانب التي تعترض تحقيق تدين قريب من النموذج المعياري، وقد تم تحديد هذه التحديات انطلاقا من مجموعة من الإعتبارات المنهجية الناظمة في التقرير. وحصرها التقرير في تسعة تحديات نعرض لها على الشكل التالي: 1. التحدي لأخلاقي والقيمي: وتضم عدد من المؤشرات الفرعية أبرزها الدعارة والاتجار في البشر، والعلاقات الجنسية، والمخدرات، والقمار، والجريمة، والرشوة بالمغرب. 2. التحدي الأسري : من خلال رصد واقع الأسرة المغربية وتحدياتها، والتحولات الديمغرافية التي عرفتها، وتأثير الهجرة النسوية الداخلية، ومقاربة ظاهرة الإجهاض وما يعرف «بالأمهات العازبات» والعنف ضد النساء، ثم أثر تعديلات مدونة الأسرة على المجتمع، من خلال تنامي ظاهرة الطلاق وأخيرا التفاعلات الدولية الخاصة بالأسرة المغربية. 3. تحدي الإستغلال الجنسي للأطفال : حيث عرفت سنتا 2009 و2010 حراكا دالا بخصوص التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال، عكسه حجم الوقائع والأحداث الخاصة بهذين الموضوعين في المغرب، فقد تناولت عدد من المجلات والجرائد موضوع التحرش الجنسي سواء من خلال ملفات أو ربورتاجات وشهادات أو مقالات للرأي، كما عرفت ظاهرة الإعتداء الجنسي على الأطفال أيضا حراكا شعبيا ومدنيا من خلال البيانات والعرائض المنددة بهذه الممارسة المشينة. 4. تحديات لغوية وثقافية : حيث شكل النقاش اللغوي محور اهتمام مختلف الفاعلين السياسييين والأكاديميين والمجتمعيين خلال سنتي 2009 و2010 . فمنذ ندوة المجلس الأعلى للتعليم خلال شهر أكتوبر 2009 حول موضوع «تدريس اللغات وتعلمها في منظومات التربية والتكوين: مقاربات تشخيصية واستشرافية»، توالت الأنشطة والندوات والملتقيات والمحاضرات التي تعالج السؤال اللغوي بالمغرب أو قضية من قضاياه المتشعبة. 5. تحدي المشاكل التعليمية، حيث عرفت سنتا 2009 و2010 حركية معتبرة على المستوى التعليمي، إذ برزت مجموعة من الظواهر في الفضاء المدرسي، خصوصا ظاهرة الغش وتعاطي المخدرات والرشوة في المدارس المغربية والتحرش الجنسي بالتلميذات، مما يعكس حجم التحولات القيمية التي أصبحت تعيشها المدرسة المغربية. 6. التحدي المذهبي : حيث تم الوقوف على تدابير السلطات العمومية بخصوص الإختراق المذهبي المتمثل في نشر التشيع برعاية السفارة الإيرانية بالرباط حسب المسئولين المغاربة، وقد جاء ذلك إثر توتر العلاقة بين البلدين حيث وصلت إلى درجة القطع وإغلاق السفارتين. 7. التحدي التنصيري : حيث شهدت سنتا 2009 و 2010 حملة تنصيرية استهدفت المغرب، انتقلت من استهداف الفئات الاجتماعية الهشة والهامشية واستغلال الفقر والأمية والجهل من أجل نشر التنصير في المغرب، إلى استهداف التيارات التنصيرية للأطفال والقاصرين، وهو ما دفع بالسلطات المغربية إلى القيام بإجراءات للتصدي لهذه الظاهرة، مما أثار جدلا محليا ودوليا بخصوص الحريات الدينية في المغرب. 8. التحدي التطبيعي، حيث اتخذ مسلسل التطبيع المغربي مع الكيان الصهيوني مسارات متعددة ومتفاوتة من حيث درجة الأهمية، إلا أنها متداخلة ومتكاملة، تجمع بين المعلن والمخفي وتتفاوت وتيرتها من سنة لأخرى. وقد عرفت سنتا 2009 و 2010 العديد من اللقاءات بين المغرب والكيان الصهيوني، سواء الرسمية أوغير الرسمية، من طرف شخصيات حكومية ومدنية. كما تنوعت مظاهر ومداخل التطبيع لتشمل المجالات السياسية والاقتصادية، والفلاحية والديبلوماسية، والسياحية والثقافية الفنية، والجمعوية، والرياضية. ** الإطار المفاهيمي والمنهجي للتقرير اعتمد تقرير الحالة الدينية بالمغرب 2009-2 010 منهجا إجرائيا يعتمد على منهج دراسة الحالة باعتباره منهجا كيفيا له القدرة على الإحاطة بمعظم مناحي الظاهرة المدروسة في أبعادها المختلفة، وتوظيف النتائج الكمية لتحليل الظاهرة، كما اعتمد التقرير من الناحية النظرية منهج التحليل النسقي كأساس لتحليل سلوكات الفاعلين الدينيين والعلاقات البينية وعلاقات الصراع والتعاون التي تنشأ فيما بينهم، والتفاعلات الحاصلة بين السلوك الفردي والمؤسسات الدينية المؤثرة في تدين الأفراد عبر تحديد شبكة الفاعلين المؤثرين في حركية التدين في المجتمع المغربي، ليقوم التقرير بعد ذلك بتحديد المفاهيم الأساسية التي اعتمدها في وصف وتحليل الحالة الدينية بالمغرب والتي حصرها في أربعة مفاهيم مركزية (الدين والتدين والقيم والفاعل الديني)، حيث يحيل كل مفهوم إلى محور خاص بالتقرير، فمفهوم الدين ينقلنا مباشرة إلى المحور الأول المتعلق بالواقع الديني، ومفهوم التدين والقيم يحيل على تفاعل القيم وتحديات التدين والتي توجد في المحور الثالث، والفاعل الديني يحيل إلى المحور الثاني المخصص للفاعلين الدينيين الرسميين (إمارة المؤمنين ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المجالس العلمية ...)، وكذا إلى المحور الرابع مع الفاعلين الدينيين المحسوبين على المجتمع المدني ( والحركات الإسلامية والزوايا ) . و استثمر التقرير نموذج تقرير الحالة الدينية بمصر الصادر عن مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، وذلك لسنتي 1995 و1996، والذي تحول لاحقا إلى مشروع دليل الحركات الإسلامية، كما اعتمد على الخبرة المنهجية التي تولدت من التراكم المسجل في الدراسات الكمية والميدانية السوسيولوجية المنتجة حول الدين والتدين بالمغرب، وهو ما يجعل التقرير ينطلق من هذا التراكم المعرفي الحاصل في الدراسات السوسيولوجية والسياسية حول موضوع الحالة الدينية بالمغرب واستثمار نتائجه، ولكن من دون الوقوع في أسر المعرفة الجزئية التي حكمت بعض هذه الدراسات، وهو ما جعل التقرير يعتمد على ثلاثة مصادر أساسية للمعلومات، تتعلق الأولى بالوثائق والبيانات والتقارير الرسمية وغير الرسمية، وثانيا برصد الواقع بموضوعية، وثالثا القيام بمقابلات مع الفاعلين في الحقل الديني مما سمح بتصنيف هذه المعطيات وفق مؤشرات مركزية تحكمها وحدة رصد أساسية، وتتفرع عنها مؤشرات فرعية متعددة. وقد ارتقى تقرير الحالة الدينية في صيغته الحالية من مرحلة الوصف، إلى مستوى التحليل، حيث قام برصد الواقع أولا بشكل «تصويري»، ثم العمل بعد ذلك على تحليل هذه الوقائع بناء على تحليل نسقي يحاول فهم العلاقة التي تربط بين النسق الديني من جهة، والأنساق الاجتماعية الفرعية الأخرى، السياسي والثقافي والاقتصادي. وذلك في أفق الانتقال من الوصف، ثم التفسير إلى الاستشراف. و سجل التقرير أن الحالة الدينية عند الحديث عن التفسير أو الاستشراف، تحتاج إلى كثير من الدقة والتأني والإحترازا المنهجي والابستيمولوجي. وفي هذا الصدد حاول تقرير الحالة الدينية، 2009- 2010، حسب تقديمه، أن يتحرى الدقة والموضوعية ما أمكن في جمع ورصد وتدقيق وتحليل الوقائع والمعطيات المرصودة.