أطلق مركز تنمية الطاقات المتجددة، التابع لقطاع البيئة بوزارة إعداد التراب الوطني والبيئة في المدة الأخيرة برنامجا لتجهيز الحمامات العمومية في المغرب بسخانات عصرية للمياه عوض اللجوء للخشب كمادة تقليدية للتدفئة، وقد جهزت بالفعل بعض الحمامات بهذه التجهيزات الأقل إضرار بالبيئة والأكثر فعالية من الناحية الطاقية في بعض المدن كمراكش، ذلك أن الأسلوب التقليدي المعتمد في الحمامات (عود الحطب والخشب) أقل مردودية من هذه السخانات بنحو 28 %. ويأتي هذا النمط في استهلاك الطاقة لتحقيق غاية الحفاظ على الثروة الغابوية التي تذهب هكتارات منها سنويا بطريقة غير مشروعة وغير معقلنة، بحيث إن الحمامات العمومية المقدرة ب 5000 حمام تستهلك سنويا مليونا و250 ألف طن من الخشب والبقايا، وتنتج بالمقابل مليونا و850 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، في حين أن النموذج الجديد من السخانات، الذي يعتمد على الطاقة الشمسية، يخفض من نسبة الانبعاثات الملوثة بمعدل 166 طنا مقارنة بالتلويث الذي يحدثه حرق الخشب لكل حمام شهريا. ويشتغل المركز المذكور حاليا على 4 نماذج من مسخنات الماء الشمسية المكملة للطاقة الناتجة عن حرق الخشب أو الغاز. وتكمن أهمية المبادرة في أنها تحاول إدخال تقنيات وأساليب استهلاك نظيفة للطاقة على الحمامات، التي تستحوذ على نصف ما يستهلك في المدن من خشب، ومن شأن الإقبال المتزايد على المسخنات الشمسية أن تخفف من الضغط على الموروث الغابوي الذي يتناقص سنويا ب30 ألف هكتار، بيد أن الأمر تعترضه بعض الصعوبات المتعلقة بالتكلفة المرتفعة نسبيا لهذه التقنية، وهو ما يدفع بعض أرباب الحمامات المهتمين بالمسخنات إلى صرف النظر لعدم قدرتهم على شرائها. يشار إلى أن البرنامج الذي شرع فيه مركز تنمية الطاقات المتجددة يفوق غلافه المالي 40 مليون درهم (4 ملايين أورو)، ويساهم في تمويله ب 1,6 مليون أورو الصندوق الفرنسي للبيئة العالمية، وتدعمه فنيا الوكالة الألمانية للتعاون التقني. ومن جهة أخرى، فإن البرنامج يندرج في إطار مخطط استراتيجي وطني ممتد من سنة 2002 إلى حدود ,2020 والهادف إلى تنمية استعمال الطاقات المتجددة بالمغرب، ويحتوي هذا المخطط على توجهات وتدابير من شأنها منح دينامية لقطاع الطاقات المتجددة، ونجد أن أحد أهدافه التفصيلية رفع مساهمة الطاقات المتجددة في الميزان الطاقي الوطني إلى مستوى أقل من 1% حاليا، وهذه الحصيلة يجب أن تصل إلى10% في أفق ,2011 وذلك عبر المحاور الثلاثة التالية: كاستعمال طاقة بديلة للتسخين والطهي بالأفران والحمامات (3000 وحدة)، بأفران الخزف (100 وحدة)، وأفران متطورة. وفي مجال القوانين، تم التنصيص في المخطط المذكور بأن نصا يهيأ، وهو يتعلق بمقاييس السخانات المائية الشمسية، ومناهج تجارب هذه السخانات، وخصوصياتها التقنية لسخان الماء الشمسي، ولاستعماله. وفي المحور الخاص بالترتيبات التنظيمية تحدث المخطط نفسه عن مشروع قرار يعد حول إلزامية استعمال السخانات المتطور بالحمامات الجديدة، وذلك حرصا على الاستعمال العقلاني للطاقة. تجدر الإشارة إلى أن الخشب الذي يمثل ربع الاستهلاك الوطني للطاقة يعتبر الطاقة المتجددة الوحيدة التي تستعمل بطريقة مكثفة هي الخشب، إذ يمثل هذا الاستعمال استهلاكا سنويا يفوق 3 ملايين طن، وهو استعمال يتم بطريقة غير مؤطرة تؤدي إلى تجريد غابوي خطير. محمد بنكاسم