كشف خبير فلسطيني في شؤون القدس والمستوطنات الصهيونية أن عام 2012 من أسوأ وأشد الأعوام خطورةً ووطأةً على مدينة القدسالمحتلة والمسجد الأقصى المبارك جراء الهجمة الاستيطانية واستمرار ممارسات الاحتلال الصهيوني بحقهما. وأضاف جمال عمر في حديث خاص لوكالة "صفا" الفلسطينية، أن هذا العام شهد تكثيفًا لعمليات الاستيطان ولاقتحامات المستوطنين المتكررة للمسجد الأقصى وأداء الطقوس التلمودية بداخله، بما فيها تعرض المدينة لتغييرات جذرية عميقة بفعل عمليات التهويد التي لم نشهد لها مثيلًا منذ عام 1967. ووصف الوضع بالقدس ب"الكارثي والخطير جدًا"، خاصة في ظل مصادقة حكومة الاحتلال على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدةبالمدينة بهدف تغيير معالمها وطمس هويتها، وتدمير السلم الاجتماعي فيها، وفرض ما يسمى بسياسة الأمر الواقع. يأتي ذلك، فيما واصل قادة الكيان الصهيوني تحديهم للقوانين الدولية والضرب بها عرض الحائط، حيث أطلق حزب «الليكود بيتنا» الجديد برئاسة «بنيامين نتنياهو» حملته الدعاية للانتخابات المقبلة، عبر التأكيد على عزمه مواصلة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية والقدسالمحتلة. ووعد «نتنياهو» في كلمة له في مهرجان إطلاق الحملة الانتخابية، أول أمس، بمواصلة تعزيز البناء الاستيطاني في الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، قائلا: «لقد فعلنا الكثير لتعزيز المغتصبات في السنوات الأربع الماضية وخلال السنوات الأربع القادمة سوف نواصل القيام بالكثير لتعزيز المستوطنات». تغيير جذري وأكد الخبير الفلسطيني أن كيان الاحتلال يسعى ضمن مخطط 2020م لأن تصبح القدس أقلية فلسطينية ضعيفة لا حول لها أمام اجتياح عمراني صهيوني كبير، لافتًا إلى أنه في ظل هذا المخطط فإن نسبة الفلسطينيين ستصبح 12 % من مجموع سكان القدس يملكون 11 % من الأرض فقط. وأوضح أن الصهاينة يغتنمون فرصة الانقسام الفلسطيني وانشغال العالم العربي بأوضاعه للانقضاض على المدينة المقدسة وصناعة الأمر الواقع فيها، وكذلك تحويل الوجود الفلسطيني بالمدينة إلى أقلية ضعيفة من أجل استكمال مشروع تهويدها. وأشار إلى أن القدس تتعرض لتغييرات عميقة في باطن الأرض من خلال تكثيف أعمال الحفريات التي دمرت التاريخ والآثار الإسلامية، التي لا يمكن إعادتها كما كانت. وحسب عمر، فإن المشهد العمراني للمدينة يشهد تغيرًا جذريًا، من حيث اللافتات ومسميات الشوارع والساحات التي تم تهويدها وكتابة أسماء عبرية عليها، كما أن المباني أصبح لها مسميات عبرية، وحتى المسجد الأقصى لم يسلم من عمليات التهويد. وتابع" نحن الآن أمام مشهد تغييري عميق في القدس، خاصة أن مظهرها العام يغرق خطوة خطوة في بحر من الطوفان العمراني الإسرائيلي". مخاطر كبيرة وحول مخاطر إجراءات الاحتلال بالقدس، أكد المختص في شؤون القدس أن هذه الإجراءات تُشكل مخاطر كبيرة أولها أن تصبح هناك أكثرية يهودية في المدينة، بحيث يحصل تغيرًا في الرأي العالمي من أن الأمر قد تم، وعلى الفلسطينيين أن يقبلوا بالأمر الواقع، وأن الحل الوحيد تبديل أراضي بأراضي. والخطر الثاني وفق عمر يكمن في أن الصهاينة يسعون لربط مصالح بعض المواطنين بنظام الحياة الصهيوني من خلال منح الجنسية الإسرائيلية لآلاف المقدسيين، وهذا ما تم فعليًا، حيث يعدون هؤلاء «إسرائيليين» عند الاحصائيات وليس فلسطينيين. وعد هذا الأمر بأنه خطير وتحول في ثقافة المجتمع الفلسطيني، مؤكدًا في ذات الوقت عدم وجود أي تعبئة دينية ولا حتى برنامج وطني تعبوي لحماية المدينة من التهويد والحفاظ على نسيجها السكاني. وفيما يتعلق بالمطلوب فلسطينيًا وعربيًا، شدد المختص بشؤون القدس على أن المطلوب فلسطينيًا تبني مشروع وطني فلسطيني شامل بكل مكوناته من أجل العمل على حماية القدس ودعمها بكل الامكانيات، وكذلك اعلانها مدينة منكوبة وإعلان حالة الطوارئ القصوى فيها. وقال "بإمكان الفلسطينيين اتخاذ قرارات استراتيجية تتعادل مع قرارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الاستيطان واعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، من خلال سحب السلطة الفلسطينية اعترافها بالكيان الإسرائيلي". والمطلوب عربيًا الإسراع في تقديم المساعدة والدعم للمدينة، ووضعها في قلب الصراع، وكذلك اعتبارها أولوية قصوى في أي تفاهمات مع الاحتلال، وعلى العالم أن يتحمل مسؤولية ما يحدث. وعن توقعاته للعام 2013 المقبل بالنسبة للقدس، رأى عمر أن العام الجديد لا يبشر بأي خير، حيث تتوالي تصريحات قادة الاحتلال ونواياهم العنصرية تجاه المدينة المقدسة على صعيد الاستيطان وعمليات التهويد والهدم، خاصة وأن الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب. وأكد أن الفرصة في العام القادم متاحة للصهاينة الذين سيستغلون بشكل أكبر الانشغال الفلسطيني والعربي من أجل تحقيق أقصى درجات العدوان على القدس والأقصى، لأن هناك مؤشرات لذلك خاصة أن اليمين الإسرائيلي يزداد قوة وسياسات الاحتلال تزداد وضوحًا.