مع اقتراب ساعات الحسم في سوريا, أكد دبلوماسيون روس التقوا رئيس النظام السوري «بشار الأسد» حديثًا أنه فقد فرصة الانتصار على المعارضة، كما فقد أية فرصة للهرب، قائلين: إنه بدأ يفقد السيطرة. وكشف هؤلاء الدبلوماسيون الذين التقوا بشار الأسد في الأسبوعين الماضيين بأنه أصبح رجلاً فاقدًا لأية فرصة بالنصر أو القدرة على الهروب. فيما تتوالى تصريحات قادة سياسيين وعسكريين غربيين تحذر من مغبة إقدام بشار الأسد على ارتكاب حماقة، في لحظات الشعور بقرب انتهاء أجله، إلى استخدام أسلحة كيماوية ضد المعارضة السورية المسلحة التي تطرق بأقدامها أبواب القصر الجمهوري. وينقل مقال رئيسي خصصته صحيفة «نيويورك تايمز»، الاثنين الماضي، عن محلل سياسي روسي على صلة بوزارة الخارجية الروسية أن الوفد الروسي الذي أرسلته موسكو للاجتماع مع الرئيس بشّار الأسد قبل أسبوعين «تحدّثوا عن شخص فقد أي أمل بالنصر أو بالفرار». وأضاف «فيودور لوكيانوف»، وهو رئيس تحرير مجلة روسية للشؤون الخارجية ورئيس مركز أبحاث نافذ، في مقابلة في العاصمة الروسية، قائلا: «طغى على الأسد شعور أنه سيُقتَل في جميع الأحوال». وقال إنه لا سبيل لإقناع الأسد بأن بوسعه الخروج من السلطة والبقاء على قيد الحياة، إلا إذا توفّر اقتراح دبلوماسي «جريء للغاية». وأضاف الباحث لوكيانوف: «إذا ما حاول الرحيل، أو المغادرة، أو الخروج، فإنه سيُقتَل على يد رجاله»، وتوقع بأن قوى الأمن التي تسيطر عليها الأقلية العلوية لن تسمح له بأن يغادر السلطة ويتركها تواجه مصيرها. وقال: «إذا ما بقي، فسيقتله أعداؤه. لقد وقع في فخ. الموضوع لا يتعلّق بروسيا أو بأي طرف آخر. المسألة كلها الآن هي بقاؤه على قيد الحياة». ولاحظ «لوكيانوف» أنه حتى لو رحل الأسد، فإن أجهزة الأمن العلوية المتطرّفة يمكن ببساطة أن «تتحوّل إلى ميليشيات». ويتفّق هذا التحليل مع تصريح العام للجامعة العربية نبيل العربي بأن نظام الرئيس بشار الأسد يمكن أن يسقط «في أي وقت»، معتبراً أنه يواجه معارضة تكسب مزيداً من الأرض كل يوم. وقال الدبلوماسيون الروس: إنه بالرغم من أنه لايزال يحتفظ بأفضل القوات الموالية له للدفاع عن دمشق، إلا أن قوات المعارضة باتت تشدد الحصار على المطار الدولي والعاصمة ذاتها، مما يشكل خطرًا بفقدان قواته المحافظة على أجزاء أخرى بالبلاد. وللمرة الأولى، فقد تحدث مسؤول روسي كبير، بصورة تفصيلية، عن إمكانية إجلاء الرعايا الروس من سوريا. وقال نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، لوكالة «إيتار تاس» أن روسيا جاهزة لمساعدة مواطنيها الراغبين بمغادرة سوريا. ويعيش عشرات الألوف من الروس في سوريا، وأغلبهم نساء تزوّجن من سوريين بعد سنوات من التعاون بين البلدين في زمن الحرب الباردة. وقدّر «بوغدانوف» أنه سيتوجّب إجلاء الروس من سوريا بطريق الجو. وأضاف: «نظراً للوضع السائد، فإننا ننصح المواطنين الروس بعدم التوجّه إلى سوريا». من جهة أخرى، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب إردوغان، في أعقاب اجتماعهما بأنقرة أمس الاثنين، أنهما اتفقا على منحى جديد لحلّ الصراع في سوريا. وقد كشف مسؤول تركي كبير، اشترط عدم ذكر اسمه، أن الخطط تشمل البحث عن طرق تسمح للأسد بالتخلي عن السلطة. ومع أن روسيا قالت سابقاً أنها ليست «متزوّجة بالأسد»، فقد ألمح المسؤول التركي أنها باتت الآن أكثر اقتناعاً بالبحث عن بديلٍ له. وقال: «اللهجة الروسية باتت أكثر طراوة»، مضيفاً أن بوتين اعترف بأن الأسد لا يبدو مستعداً للرحيل. روسيا تفقد الأمل بانتصار الأسد إلى ذلك، ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أنه بعد 20 شهرا من الصراع في سوريا، تظهر إشارات بأن روسيا بدأت تفكر في تغيير رأيها، حيث فقدت الأمل في انتصار الرئيس بشار الأسد على معارضيه. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، لأول أمس،: «إن معركة كبيرة، ربما تكون الحاسمة في الحرب الأهلية السورية، على وشك الاندلاع في دمشق. وقد أعلنت الأممالمتحدة أنها بصدد سحب موظفيها غير الضروريين». وأضافت: «على جانب آخر يتحرك الثوار إلى دمشق ومعهم الأسلحة التي غنموها من القواعد العسكرية الإستراتيجية والأموال وصواريخ الأرض جو، وأن الثوار ليسوا بالقوة الكافية للاستيلاء على العاصمة لكنهم ليسوا في أي مزاج للانسحاب. وبعد هذه الحرب الطويلة والمريرة ليس هناك سوى اتجاه واحد فقط للسفر وهو إلى الأمام». وتابعت الصحيفة: «إن بشار الأسد طوق المدينة بقوة من 80 ألف عسكري، وهناك تقارير بأن محاوريه الروس فقدوا كل أمل في انتصاره أو هروبه. وما زالت قيادة ضباطه قوية وموالية له، وهناك 4000 ضابط من السنة من ضباطه البالغ عددهم 27 ألفا في القوة الموالية، ومنهم انشق نحو 1800، بينما يبلغ عدد الضباط العلويين نحو 22 ألف ضابط منها، وعدد الانشقاقات فيهم ما زال ضئيلا». وأوضحت أن الطبيعة الطائفية العميقة لموقف الأسد الأخير وفشل الثوار في فعل أي شيء يقنع هذه الأقلية بأن حقوقهم وممتلكاتهم وأرواحهم ستكون محمية بعد سقوط النظام؛ يقدم مؤشرات لمدى صعوبة ما يمكن أن تثبته المعركة من أجل دمشق، إذا سُمح لها أن تحدث. وأشارت الصحيفة إلى أن دعم روسيا العسكري للأسد كان محكوما عليه بالفشل منذ البداية. فقد كان خليطا ساما من ثلاثة عناصر: الصداع من دعم روسيا التقليدي لسوريا وثمرة المخاوف المحلية بشأن الثورات الشعبية وتغيير النظام والثورة في شمال القوقاز وأخيرا سوء التفسير الكامل لطبيعة الربيع العربي نفسه. موافقة على نشر «باتريوت» ولكبح جماح «الأسد» الذي بدأ يشعر بالإحباط وبقرب انتهائه سياسيا وربما عمريا، وأمام تزايد مخاوف الغرب من احتمال استخدام "الأسد" لأسلحة كيماوية ضد المعارضة المسلحة، وافق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أول أمس، على نشر صواريخ باتريوت في تركيا لحمايتها من امتداد الحرب في سوريا إليها. وقال وزراء خارجية دول الحلف في بيان «استجابة لطلب تركيا قرر حلف الأطلسي دعم قدرات الدفاع الجوي التركية للدفاع عن سكان تركيا وأراضيها». وانتقدت روسيا وسوريا وإيران طلب تركيا نشر صواريخ باتريوت التي تستخدم لاعتراض الصواريخ. وطلبت تركيا في نونبر من الحلف نشر الصواريخ بعد أسابيع من المحادثات مع الحلفاء بشأن كيفية دعم الأمن على حدودها مع سوريا التي تمتد لمسافة 900 كيلومتر. وأرسلت أكثر من مرة طائرات مقاتلة إلى الحدود وردت بالمثل على سقوط قذائف سورية على أراضيها. وأكّد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أن النشر المحتمل لصواريخ باتريوت تابعة للحلف الأطلسي في تركيا على الحدود مع سوريا، يرتدي طابعاً دفاعياً بحتاً، مشددًا على أنه يجب على روسيا ألا تقلق. وقال أوغلو: «إنه نظام دفاعي، لا داعي لقلق أي دولة وخاصة روسيا». وأضاف أن بلاده لديها حدود بطول 900 كم مع سوريا التي تشهد مواجهات بين النظام والثورة المسلحة، مشيرًا إلى أنها تعرّضت لانتهاكات حدودية من طرف النظام السوري. وأردف: «تركيا قادرة على ضمان أمنها بقدراتها الخاصة وبقدرات الحلف الأطلسي، وروسيا تعلم جيدًا أن صواريخ باتريوت دفاعية بحتة». وكانت روسيا قد حذرت من نشر هذه الاسلحة في تركيا، معتبرة أنها تهدد بإثارة «نزاع مسلح خطير».