ان مهنة التدريس كسائر المهن الأخرى تحتاج إلى تكوين المدرسين والمدرسات وتأهيلهم قبل ولوج ميدان التعليم ثم مواكبة تكوينه وفق طبيعة المستجدات التربوية ؛ بحيث على التكوين بمفهومه العام ألا يقتصر على الصفات العامة المشتركة او على بعض الفروق التكوينية المرتبطة بالحاجيات التكوينية الخاصة بل يحتاج إلى أن يطبق النظريات والمعارف والعلوم النظرية في مواقف عملية واقعية، تحت إشراف فني خاص وممهنن , أي أن يتم التركيز على اكساب المدرسين صنعة ومهنة التدريس وليس فقط التركيز على البعد المعرفي في التكوين وهو ما يستلزم وضع هيأة التربية والتكوين في سياق التدريب العملي أو التربية العملية وذلك لتحقيق الأهداف التالية : 1 - أن يدرك المدرس ما تتوفر عليه سحنته الحقيقية من قدرات وصفات ويعمل على تنميتها وبلورتها بل وصقلها . 2 - أن يطبق عملياً ما درسه في التربية وعلم النفس أي التركيز على البعد التطبيقي دون تضخيم للجانب النظري . 3 - أن يشعر بالانتماء لمهنة التدريس من خلال افتخاره بمهنته مما يتطلب جعل قطاع التعليم قطاع جدب وإغراء . 4 - أن ينضبط المدرسون للتوجيهات الرسمية دون وقوع في اسرها ، مما يفتح باب الابداع والتنوع في اختيارالبرامج والمناهج والمقاربات البيداغوجية . 5 - مد المدرسين بالعدة البيداغوجية والديداكتيكية اللازمة لتعزيز كفاية حسن التصرف في المواقف الصعبة . 6 - تعزيز الانتماء لتوجهات النظام التعليمي واختياراته. 7 – فتح باب النقد المتبادل بين الاسرة التعليمية أي التعامل مع القطاع بروح نقدية تدفع في اتجاه النمو والتطور . أ تكوين المدرسين : أي مضمون ،اية أهداف ؟ . إن قطاع التربية والتكوين اليوم وفي ظل المد الجارف لمفاهيم العولمة على مستوى (المعلوماتي، التكنولوجي، ...) وسيادة مفاهيم من قبيل مجتمع المعرفة، واقتصاد المعرفة، مما أصبح معه قطاع التربية والتكوين يتجاوز في وظيفته وأدواره حدوده التقليدية وأدواره التاريخية. وعندما نتحدث عن التعليم اليوم فإننا نقصد بالإضافة إلى التعليم المدرسي الأكاديمي بكل مستوياته ، الجوانب الثقافية ،الاجتماعية ،الإعلامية ، التكنولوجية والإلكترونية ..الخ أي ربط التعليم بكافة مناحي الحياة بكل. وبالتالي ميدان التربية والتكوين لم يعد يحتمل الوظيفة التقليدية التي تختزله في « مجرد أداة بسيطة لنقل المعلومات إلى الآخرين وليس مجرد إطار ترسخ فيه قيم الولاء والوطنية والاعتزاز بالتراث والذات والتفاعل مع الغير، وليس فقط مجرد نظام يتم بموجبه تأهيل أفراد ليحصلوا على شهادات ومعلومات تمكنهم من شغل مناصب وممارسة أدوار معينة داخل المجتمع، وليس كذلك مجرد عمل يقوم به نظام تعليمي يحتوي على إدارات وأساتذة وطلبة ومناهج ومعارف وكتب ووسائل ومناخ تعليمي مناسب من أجل تخريج مهنيين أو مهندسين أو أطباء أو أساتذة وغيرهم ..» ولكن القطاع اليوم هو في صلب التحولات الكونية المبنية على العولمة والثورة التكنولوجية ، اذ دون استثمار ثمراتها تفقد المجتمعات ادورها ورسالتها وغائية وظيفتها. فالتعليم في الدول المتقدمة هو ضمان استمرار هيمنة قوتها العسكرية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والحضارية والتكنولوجية والمعلوماتية . وعليه فالتعليم اليوم يقود عمليا او ينبغي له ان يقود ويدير حركة الاجتماع الحضاري للمجتمعات؛ بل اصبح في بعض الدول مركز الفاعلية الحضاري والتمكين الحضاري للشعوب وهذا ما يفسر الميزانيات الضخمة التي تصرف على التعليم والاستثمار فيه ، وهنا تبرز اهمية مسألة إعادة النظر في دور المدرس ورسالته أي استحضار مسالة التجديد التربوي في عموميتها وشموليتها بما يجعل موضوع التعليم وفلسفته موضع تساؤل وزحزحة من خلال إعادة المراجعة للمفاهيم المؤطرة للنظام التربوي ولدور المدرس ورسالته فالمراجعة الشاملة للمكونات النظام التربوي ليست عملا اختزاليا اوتلبية لضغوط الخارج والداخل بل هي ضرورة مجتمعية تعبر عن النضج والتطور الطبيعي لوعي المجتمع ولمؤسساته التربوية والتعليمية؛ بحيث مطلب التغيير والتجديد هو حاجة مجتمعية تبرز من داخل حراك المجتمع ولا دور للخارج فيها واملاءاته ، في هذا السياق النفعم بالقناعة المعبر عنها بضرورة توفر الشرط الداخلي كداعم لاي تجديد تربوي منشود ، تبقى الحاجة ملحة الى مراعاة تأثر قطاع التربية بالسياق الدولي كما بالسياق الداخلي وبناء عليه لابد من استحضار العوامل السياسية والثقافية والاجتماعية والنفسية والعلمية والتقنية المستجدة و التي تفرض شروطا جديدة على التعليم المعاصر وبالتالي تفرض على المدرس تجديد ادواره وتحديد رسالته بكل وضوح .