"القرعة" أو "التعذيب بالاختيار" كان الأسلوب الأبرز للتعذيب في مدينة الخليل الفلسطينية، لكن جنود الاحتلال لم يكتفوا بهذه الطريقة، بل تجاوزوها إلى تحديد نوع العذاب الأقسى بحق ضحيتهم، والضرب المبرح حتى الوفاة. هذا ما حدث للشهيد الفتى عمران عبد الغني غيث (18) عاما من البلدة القديمة من مدينة الخليل، الذي تعرض للتنكيل والضرب بطريقة لا يقبلها عقل أو منطق. فقد أفاد شهود عيان أن دورية من جيش الاحتلال اختطفت الفتى من أمام منزله قرابة الساعة السابعة مساء الاثنين الماضي، واقتاده إلى منطقة الفحص القريبة حيث اعتدى عليه أربعة جنود بالضرب المبرح على جمجمته ومختلف أنحاء جسمه مما أدى إلى استشهاده. وأكدت مصادر طبية في مستشفى محمد علي المحتسب في المدينة أن الشهيد غيث وصل إلى المستشفى قرابة الساعة الثامنة والثلث مساء وقد فارق الحياة. وقال الدكتور محمد علي ربعي الذي استقبل الحالة في المستشفى أن علامات تنكيل وضرب ظهرت على مختلف أنحاء جسد الشهيد أدت إلى وفاته. وأضاف: وصلنا الشهيد قرابة الساعة الثامنة والثلث وكان قد فارق الحياة على ما يبدو قبل ذلك بحوالي ربع ساعة، ورغم ذلك أجرينا له الفحوصات الروتينية وأجرينا له تنفسا اصطناعيا ومساجات للقلب لكن دون فائدة. وتابع ربعي: وجدنا آثار كدمات على بطن وصدر الشهيد وأطرافه، وكان الدم ينزف من أذنيه وأنفه ووجدنا آثار ضرب شديدة على جمجمته ورقبته ومخلفات والجانب الخلفي من رأسه. ووجدنا يده مخلوعة وآثار نزيف حاد. وأكد ربعي أن مستشفى محمد علي المحتسب يستقبل يوميا عددا من الحالات المماثلة التي تعرضت للتنكيل. حالات أخرى وأضاف: في نفس اليوم (الاثنين) استقبلنا ثلاث حالات مماثلة تعرضت للضرب على الجمجمة والأماكن الحساسة، وجميعهم كانوا يعتقلون في البلدة القديمة وينقلون إلى منطقة الفحص ويتعرضون لأسلوب الضرب نفسه، وكانت الشهادة من نصيب عمران. ونقل الدكتور ربعي عن الشاب حمزة سلمان الرجبي (22) عاما الذي تعرض لنفس الأسلوب من الضرب قوله: أخذوني من البلدة القديمة إلى منطقة الفحص وهناك انهال علي اثنين من الجنود بالضرب المبرح في مختلف أنحاء جسدي، وفي الوقت ذاته كان اثنين من الجنود يصورون عملية التنكيل. من جهته قال عماد غيث ابن عم الشهيد أن أربعة من جنود الاحتلال اعتقلوا عمران من أمام منزله واعتدوا عليه بالضرب المبرح، ودققوا في هويته ثم اقتادوه إلى منطقة الفحص، وقام أشقاؤه بمتابعة الجنود، وبعد أن ألقوه في منطقة الفحص حملوه إلى المستشفى حيث فارق الحياة. وأضاف: ووجدنا آثار التعذيب على رأسه وجمجمته ورقبته ومختلف أنحاء جسده. جمعية الحق من جهتها استنكرت مؤسسة الحق المعنية بحقوق الإنسان الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين، وأصدرت بيانا إلى الجهات المعنية بحقوق الإنسان في العالم. وقال عمر جبران، منسق وحدة البحث الميداني في المؤسسة أن قوات الاحتلال تستهدف المواطنين بالقتل والتنكيل، وأن هذه الظاهرة بدأت تتسع في الخليل بشكل خاص وفي الضفة الغريبة بشكل عام. وأضاف: وجهنا مذكرات وبيانات لكل المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان في العالم للمطالبة بالضغط على إسرائيل لإلزامها بتطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وتابع جبران أن ظاهرة التنكيل تتكرر بشكل مستمر ومتواصل، ولوحظت في مدينة بيت لحم. وأضاف: هذا يدفع إلى الاعتقاد بأن سياسة منظمة تخضع للجيش الإسرائيلي يتم اتباعها في الضفة الغربية لمعاقبة الفلسطينيين. وأشار إلى أن حالة الشهيد غيث مؤشر خطير، مطالبا بتشكيل لجنة تحقيق نزيهة لمعاقبة المسؤولين حتى لو كانت حالات فردية. كما طالب بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني. فلسطين- الخليل-عوض الرجوب