مِنْ أجْلِ هذا اُعلنُ العِصْيان باسمِ الملايينِ التي تجهلُ حتى الآنَ ما هو النهار وما هو الفارقُ بينَ الغُصْنِ والعصفور وما هو الفارقُ بين الوردِ والمنثور وما هو الفارقُ بين النَّهدِ والرُمَّانة وما هو الفارقُ بين البحْرِ والزَنْزانة وما هو الفارقُ بين القمرِ الأخْضرِ والقُرُنْفُلَة وبينَ حَدِّ كَلِمَةٍ شجاعة وبينَ خدِّ المِقْصَلة ... ... مِنْ أجلِ هذا اُعْلِنُ العِصْيان باسمِ الملايينِ التي تُسَاقُ نَحْوَ الذبحِ كالقِطْعان باسمِ الذين انْتُزِعَتْ أجْفانُهُم واقْتُلِعَتْ أسْنانُهُم وَذُوِّبُوا في حامضِ الكِبريتِ كالدِّيدان باسمِ الذينَ ما لهُمْ صوتٌ ... ولا رأيٌ ... ولا لِسان ... سَأعْلِنُ العِصْيان ... ... مِنْ أجلِ هذا اُعْلِنُ العِصْيان باسمِ الجماهيرِ التي تَجلِسُ كالأبقار تحتَ الشَّاشةِ الصّغيرة باسمِ الجماهيرِ التي يُسْقونَها الوَلاءَ بالمَلاعِقِ الكبيرة باسمِ الجماهيرِ التي تُركَبُ كالبعير مِنْ مَشْرقِ الشّمسِ إلى مَغْرِبِها تُركَبُ كالبعير وما لها من الحُقُوقِ غيرَ حقِّ الماءِ والشّعير وما لها من الطُّموحِ غيرَ أنْ تَأخُذَ للحلاّقِ زوجةَ الأمير او إبنةَ الأمير ... او كلبة الأمير ... باسمِ الجماهيرِ التي تضرَعُ للهِ لكي يُديمَ القائدَ العظيم وحُزمة البرسيم ... يا أصدقاءَ الشعرِ: إنِّي شجرُ النّارِ, وإنِّي كاهنُ الأشواق والناطقُ الرسْمِيُّ عن خمسينَ مليوناً من العُشَّاق على يدِي ينامُ أهلُ الحُبِّ والحنين فمرةً أجعَلُهُم حَمائِماً ومرةً أجعَلُهُم أشجارَ ياسمين يا اصدقائي ... إنَّني الجُرحُ الذي يَرفُضُ دوما سُلْطَة السِّكِّين ... يا أصدقائي الرائعين: أنا الشِّفاهُ للذينَ ما لهمْ شِفاه أنا العُيونُ للذينَ ما لهمْ عُيون أنا كتابُ البحرِ للذينَ ليسَ يقرأون أنا الكتاباتُ التي يحفِرُها الدَّمعُ على عنابرِ السُّجون أنا كهذا العصرِ, يا حبيبتي أواجهُ الجُنونَ بالجُنون وأكسِرُ الأشْياءَ في طُفولةٍ وفي دمي , رائِحة الثورةِ والليمون ... أنا كما عَرفْتُموني دائماً هِوايتي أن أكْسِرَ القانون أنا كما عرفْتُموني دائماً أكونُ بالشِّعْرِ ... وإلاّ .. لا أريدُ أنْ أكون ... يا أصدقائي: أنتُمُ الشِّعْرَ الحقيقيَّ ولا يُهِمُّ أن يَضْحكَ ... أو يَعْبِسَ ... أو أنْ يَغْضبَ السلطان أنتُمْ سلاطيني ... ومنكُمْ أسْتمدُّ المَجْدَ , والقُوَّة , والسلطان ... قصائدي مَمْنوعة ... في المدنِ التي تنامُ فوقَ المِلحِ والحِجارة قصائدي مَمْنوعة ... لأنّها تَحمِلُ للإنسانِ عِطرَ الحُبِّ , والحَضارة قصائدي مرفوضة ... لأنّها لكُلِّ بيتٍ تَحْمِلُ البِشارة يا أصدقائي: إنَّني ما زِلتُ بانتظارِكم لنُوقِد الشَّرارة !