مقدمة عامة الجهة لغويا ناحية من النواحي و تعني بالفرنسية (Région) وهي بمعنى جزء من الكل كما تعني أيضا الضاحية أو المجال المحيط بمركز معين وعملية التقسيم الترابي إلى عدة جهات هي التي تعطينا ما يمكن تسميته بالجهوية (Régionalisation) أما المعيار في عملية التقسيم الجهوي والهدف من الجهوية فسيدفعان بنا إلى التساؤل عن أصل فكرة الجهوية وهنا أيضا لابد من التمييز بين الجهوية في مفهومها القديم ذات المدلول الدفاعي الإنتمائي(Régionalisme) والجهوية في مفهومها الحديث التي ترتكز على المجال، ويحيل مفهوم الجهة أيضا للجهوية السياسية Régionalisme التي تأخد بعين الاعتبار الوعي بالمصالح المشتركة أو بتعبير أخر في الحسبان الأخد بعين الاعتبار الأشخاص الذين يعيشون في الجهة والتطلع لى المشاركة في تسير هذه المصالح ومن هذا المنطلق تبدو فكرة الجهوية قريبة جدا من فكرة الشؤون المحلية التي تتواجد على مستوى الجماعة. ويحيل مفهوم الجهوية الإدارية régionalisation إلى اعتراف الدولة لوحدة جهوية معينة تتميز بانسجامها، وتخويلها عن طريق مجموعة من التدابير المشاركة في تدبير شؤونهم المحلية. وبذلك فمفهوم الجهوية ذو المدلول السياسي الذي ينبع من داخل الجهة ذاتها يتداخل مع مفهوم الجهوية ذي المعنى الإداري الذي يستمد من الأعلى، حيث الدولة تشرف على الجهة، لذلك فكل التجارب الجهوية في مختلف الدول تختلف باختلاف المقاربات تبعا للإرث التاريخي والثقافي والمؤسساتي لهذه الدول، وكذلك للأولويات الاقتصادية والاجتماعية المرسومة من طرف الجهة، وهكذا تختلف الجهوية في الدول البسيطة الموحدة عنها في الدول المركبة الفدرالية، كما تختلف من دولة بسيطة إلى أخرى.* أنواع الجهوية إن أساس شرعية الجهوية: هل هو قانوني أم دستوري يختلف باختلاف أنواع الجهوية التي تتبناها الدول، كما أن هذا الأساس يختلف باختلاف المكانة التي تحتلها الجهة داخل المجتمع ومكانتها التاريخية. وفي هذا الإطار يمكن التمييز بين نوعين من الجهوية استنادا إلى الإطار القانوني الذي تستمد منه وجودها وهي: الجهوية الإدارية والجهوية السياسية .الجهوية الإدارية : وهي نوعين : جهوية إدارية لامركزية وجهوية إدارية مع عدم التركيز :الجهوية الإدارية اللامركزية: في إطار هذا النوع تتمتع الجهة باستقلال ذاتي يتمثل في وجود إدارة منتخبة، موارد مالية وبشرية واختصاصات محددة بواسطة قوانين عادية.الجهوية الإدارية مع عدم التركيز: تتوفر على إدارة موارد بشرية ومالية ولها اختصاصات محددة، غير أن الجهة تكون مسيرة من قبل ممثلين للسلطة المركزية.وعموما فالجهة في إطار اللامركزية هي وحدة ترابية مستقلة تجاه السلطة المركزية، في حين أن الجهوية في إطار عدم التركيز هي مقاطعة إدارية تابعة للسلطة المركزية وتخضع لسلطتها الرئاسية.الجهوية السياسية : نجد الجهة في هذا النوع تتمتع بسلطات مهمة وتحتل مكانة متميزة داخل التنظيم الإداري والسياسي، فالجهة تتقاسم مع السلطة المركزية الوظائف السياسية في الميدان التشريعي والتنظيمي وقواعدها محددة دستوريا. فالجهوية السياسية هي أعلى مستوى من مستويات اللامركزية الترابية في إطار الدولة الموحدة دون الوصول إلى مستوى الدولة الفيدرالية التي تتوفر فيها الجهة على سيادتها التامة مع احترام القوانين الاتحادية. نجد الجهة في هذا النوع تتمتع بسلطات سياسية مهمة وتحتل مكانة متميزة داخل التنظيم الإداري والسياسي، فالجهة تتقاسم مع السلطة المركزية الوظائف السياسية في الميدان التشريعي والتنظيمي وقواعدها محددة دستوريا. الجهوية السياسية هي أعلى مستوى من مستويات الدولة الفدرالية التي تتوفر الجهة على سيادتها التامة مع احترام القوانين الاتحادية. مهدت الأزمة التي عرفتها دولة الرعاية إلى تراجع إحتكار الدولة للسياسة العامة، وإلى ظهور أنماط جديدة من التدبير العمومي، بإشراك فاعليين آخرين في صناعة القرار العام.فالأزمة التي عرفتها الدولة التدخلية أدت إلى عودة النظرية الليبرالية في الاقتصاد من جديد . وتدعو هذه الأخيرة إلى ضرورة تحرير الاقتصاد من هيمنة وسيطرة الدولة واعتماد قانون السوق المفتوحة. وفي هذه السياق بدأ الحديث الأدنى من الدولة، ومن هؤلاء نجد "ميلتون فريدمان"Milton Friedman الذي يشدد على إخضاع جميع مجالات المبادرة الاقتصادية إلى قانون العرض والطلب وعقلانية السوق أما "فريدريك هايك"F.HAYKE فإنه لا يلغي الدولة بشكل مطلق، حين دعوته إلى النظام العفوي، بل يبقى دورها سائدا بحدود التنظيم الذاتي للنظام القانوني، فإذا تدخلت الدولة، فيجب أن يتم ذلك في إطار مبدأ المساواة الشكلية بين الأفراد، لكنه ينتهي إلى القول بأن تراجع تدخل الدولة ينير الطريق إلى العبودية، و هو عنوان إحدى مؤلفات La route vers la servitude )) حيث يعتبر أن الاقتصاد الموجه يدار بوسائل توتاليتارية. في هذا السياق، تم التسريع من وثيرة خوصصة المنشآت العمومية وإشراك القطاع الخاص كقوة تنتظيمية وضبطية قادرة على تدبير المرافق المخوصصة بشكل عقلاني. إن الجهوية كآلية تدبيرية لتعزيز لامركزية صنع وتنفيذ القرار، ولدمقرطة تسيير وتنظيم وهيكلة مختلف دواليب ومجالات ومكونات المجتمع، هي مفهوم حديث التبلور. ولقد ظهر مفهوم الجهوية – بالمعنى السابق- في إطار المجتمعات الغربية وما عرفته، من تحولات معرفية وتكنولوجية واجتماعية متعددة مست كافة الحالات والأصعدة. وقد كان من بين أهم ما أفرزته هذه التحولات تأسيس (دولة وطنية) كانت بمثابة البديل الاجتماعي والسياسي والفكري للنظام الإقطاعي المتداعي، (بنيات وهياكل اجتماعية وأنساق قيمية وعقائدية...). وتجدرالإشارة إلا أن الدولة الوطنية في بداية تشكلها عملت على مركزة سلطتها بحكم انشغالها الكبير ببلورة "مشروع مجتمعي توافقي" متكامل المكونات وواضح الأهداف والمقاصد والتوجهات الفكرية والسياسية. لذا فقد كان "البعد أو الهم المركزي" حاضرا في بداية تشكل هذه الدولة الوطنية في الغرب. إلا أن ذلك لم يلغي طابعها الديمقراطي المستنير . ومع تسارع وثيرة التحول والتغير الاجتماعيين، وما كان لذلك من انعكاسات على كافة الأصعدة، برزت مجموعة من القضايا والمشاكل والحاجات الجديدة في الغرب والتي طرحت الجهوية كخيار تدبيري للمجتمع، يهتم بجميع جهاته ومجالاته وقطاعاته الإنتاجية المتعددة. ولعل من أهم نتائج التحولات الأنفة، والتي كانت – بشكل أو بأخر – وراء تدعيم تبني سياسة " الجهوية" ما يلي: - ظاهرة تقسيم العمل الاجتماعي: ومعنى ذلك أن المجتمعات الحديثة، ونظرا لتعدد وتعقد مكوناتها ) مؤسسات، وبنيات، وعلاقات، وأنماط معرفية وقيمية...( قد أصبحت تتطلب ما يدعى ب " التخصص الوظيفي" الذي يفرض على كل تدخل (فرد أو جماعة أو مجال...) أن يكون له تخصصا معينا مضبوطا يشتغل في إطاره داخل حدود الأهداف والوظائف المرسوم له من طرف المجتمع العام. ويتوقع في إطار الإلتزام بمعايير ومقتضيات هذا التخصص، أن يصبح القطاع، أو الجهة، أو المؤسسسة المعنية ... أكثر إيجابية ومردودية.- تطور مفاهيم الديمقراطية ومبادئ تكافئ الفرص الاجتماعية: أفقيا: من بين جهات ومناطق ومجالات المجتمع .. وعموديا: بين مختلف أفراده، وطبقاته، وشرائحه وفئاته المتعددة والمتباينة المصالح والمواقع والأدوار... ويندرج مفهوم" الجهة " بكل دلالاته وحوامله ضمن السياق العام لتطور الديمقراطية في المجتمعات الغربية. إن" الجهة " كمكون أساسي في المجتمع، ستصبح في ظل هذه الشروط مالكة لحقها في ممارسة الاختلاف والتميز في حاجاتها وأولوياتها واهتماماتها، وفي نهج مختلف أساليب الديمقراطية للتعبير عن مطالب وخصوصيات هذا الاختلاف والتميز، بل ولهيكلة وتدبير هذا الاختلاف أيضا، وفق ما تمليه ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والبشرية الخاصة.-تبلور المفاهيم المرتبطة بالتنظيم العقلاني للمجتمع : وذلك على اعتبار أن هذا التنظيم كمفهوم جديد، يقوم على استراتيجية بناء وتنظيم المؤسسات والمجالات الاجتماعية على أساس عقلاني رشيد، يرتكز في سياسة المهام والوظائف والمسؤوليات- سواء بالنسبة للأفراد أو المؤسسات أو الجهات- على الكفاءات والخبرات الفنية والاجتماعية لا على الهويات أو علاقات القرابة والزبونية أو غيرها من الاعتبارات اللاعقلانية، التي ما تزال مهيمنة بشكل كبير في مجتمعاتنا الثالثية. لقد كانت لهذه "الفلسفة التنظيمية" نقلة نوعية في المجتمع الحديث، ليس فقط على مستوى الفكر، بل على مستوى الممارسة الاجتماعية كذلك. وفي إطار هذه التحولات الأنفة أيضا، برز مفهوم أساسي، ألا وهو مفهوم التخطيط للتنمية في مختلف المجالات والمستويات، وطنية كانت أو جهوية. وذلك على اعتبار أن هذا التخطيط رصد للحاجيات والإمكانات... وبلورة للاستراتيجيات التدبيرية الكفيلة بتفعيل هذه الإمكانات وتلبية هذه الحاجات. إن هذه الشروط كلها سوف تدعم الصيرورة الديمقراطية لصنع القرار، الذي سوف لن يصبح – في إطار التخطيط العقلاني المتكامل – خاضعا لرغبات أو أهواء أو مصالح محدودة ولاعقلانية، بل سوف يتم في إطار عقلاني منظم، تشارك فيه كل الأطراف والفعاليات والمكونات المعنية بالمجتمع. في ظل هذا الفكر التخطيطي تعتبر "الجهوية" بكل عواملها ومستتبعاتها، محاولة لإيجاد صيغة توافقية رشيدة بين المجتمع المدني من جهة – بكل فعالياته ومؤسساته وجهاته- وبين الدولة كإطار اجتماعي للمجتمع العام لمشروعه الشمولي، الذي تكاملت، في الصيرورة التاريخية لتشييده.هكذا إذن، وفي إطار هذا السياق الغربي المرسوم بالعديد من سمات التكامل والتوافق – ولكن ضمن حدود نسبية ومعروفة- تبلورت مفاهيم " الجهة والجهوية واللامركزية ...." كآليات تدبيريه تهدف إلى إقامة قطيعة مع الآليات التقليدية كالعلاقات العشائرية، والقبلية، والقرابية، والزبونية... المتسمة بالعديد من مظاهر اللاعقلانية .تتموقع الجهوية بين الهاجس السياسي والواقع الاقتصادي والإجتماعي، هدفها في ذلك تحقيق الأمن والتنمية على الصعيد الوطني والجهوي، إنه طبعا خلق تنمية متكاملة ومتكافئة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. حيث أن مدلول الجهوية في الدول المتقدمة يختلف عن مدلولها في الدول المتخلفة، فهي تكون في الأولى موجهة أساسا نحو إعادة التوازن المحلي للنمو الاقتصادي، ثم تحقيق شروط التنمية الاقتصادية الكلية، أما في الثانية فإن المشكل أعقد بكثير، فلن تكون هناك تنمية دون وجود تنمية اقتصادية جهوية، إذ عليها أن تساهم في خلق مسلسل الإقلاع الاقتصادي العام من جهة، زيادة على محاربة الفوارق بين الجهات وإحداث تنمية متوازنة فيما بينها من شأنه القضاء على الاختلال الذي يحدثه نمو جهة أخرى على حساب الجهات الأخرى التي تظل منطوية ومنغلقة على نفسها. وتحقيق تنمية متكاملة ومتكافئة من منظور جهوي لن يتم إلا بتوظيف الوسائل والإمكانات ضمن دراسة تعتمد تقديرات موضوعية، تهم كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. معيقات التنمية الجهويةلا يمكن الفصل بتاتا بين الجهة كمؤسسة إدارية وقانونية تتوفر على اختصاصات و سلطات في مجال التنمية المحلية و تأطير المجال الجهوري باعتباره الإطار الذي يستوعب كل القرارات التنموية الجهوية .إذن، فالتقسيم الترابي هو وسيلة بيد الدولة لضبط وثيرة التنمية وضبط المجتمع السياسي، وربط السكان بإستراتيجية الإنتاج، وأداة لإعادة هيكلة المجتمع حسب التناقضات والضغوط الظرفية، بإدماج شرائح اجتماعية جديدة في المنظومة السياسية والإدارية للدولة. ومنه يظهر أن هناك اختلافا وتفاوتا بين الجهات التي أفرزها هذا التقسيم، سواء من حيث المساحة وعدد السكان أو من حيث البنيات أو التجهيزات التحتية، أو حتى من حيث الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر عليها كل جهة. فهناك جهات تعتبر غنية وقوية بمقوماتها ومكوناتها والتكامل بين الأقاليم المكونة لها، وفي المقابل هناك جهات يمكن اعتبارها فقيرة منذ البداية باعتبارها تجمعا براغماتيا لأقاليم معينة لا تتوفر على مقومات النهوض الاقتصادي، ولا يوجد تناسق وتكامل لا اقتصادي ولا ثقافي ولا حتى تاريخي بينها.والسؤال المطروح هنا هو إلى أي حد عمل قانون الجهة رقم 96-47 على وضع الجهة كوحدة ترابية في الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والمحلي؟ وماهي الإكراهات والمشاكل التي تعترض الممارسة الجهوية ؟ ثم ماهي آليات وميكانزمات تطوير استراتيجية التنمية الجهوية بجهة في أفق الجهوية السياسية أو الموسعة بالمغرب؟إن أهم معوقات التطور الديمقراطي في بلادنا، تعثر مسلسل إعتماد الجهوية، كخيار دستوري، وتردد الدولة في تعميق اللامركزية وترسيخها بشكل يمكن المواطنين من تسيير شؤونهم المحلية والإقليمية والجهوية، ومن أبرز خصوصيات الجهات في إطار الوحدة الوطنية للبلاد، هو ما يقتضي مراجعة صلاحيات الولاة والعمال .كما أن مشكلة الصحراء تدعونا إلى التفكير في دعم هذا الخيار بشكل واضح.ولذلك فالمغرب مدعو لتعديل دستوره وفق مقاربتين التاليتين:-إما إعتماد إصلاح شامل يتم بموجبه تعميم نظام الجهوية بصلاحيات واسعة على مستوى جميع الوحدات الترابية للمملكة -أو إعتماد وضع خاص بالأقاليم الصحراوية أو منحها سلطات خاصة شبيهة بنظام الحكم الذاتي الموجود عند بعض الدول كإسبانيا أو ألمانيا...ولكن في إطار السيادة المغربية. أما ترك الوضع عل ما هو عليه فهو يعزز خيار عدم الثقة في جدية المغرب وتردده في حسم قضية اللامركزية بطريقة مؤسساتية قانونية لاغبار عليها.وبالنظر إلى حجم الاختصاصات الموكولة لمجلس الجهوي بموجب القانون رقم 96-47 المنظم للجهات، فإن هناك إكراهات قانونية تتعلق بالاختصاصات الموكولة للمجلس الجهوي (نمط الاقتراع، تعثر تنفيذ البرامج المسطرة، تعقد المساطر القانونية، مشكل الإمارة بالصرف داخل المجلس الجهوي)، فمن الإشكاليات المطروحة تبرز من خلال صعوبة تحديد طبيعة القضايا الجهوية سواء على مستوى تحديد مجال اختصاص الجهة أو من خلال التداخل بين ماهو شأن وطني وما هو شأن جهوي، هذه الأخيرة التي تتطرق إليها المشرع بشكل عام، مما يضفي عليها طابع الغموض .فالمقتضيات التي تسند الاختصاص للجهة باعتبارها جماعة محلية تبقى غامضة وعدم وضوح ودقة مقتضيات قانون الجهة 96-47 وورودها بشكل عام يحول دون اضطلاع الجهة بدورها التنموي.وعلى الرغم من أن المشرع حاول التمييز في أطر اختصاصات التي تقوم بها الجهة، بين الإخصاصات الذاتية والمنقولة من طرف الدولة، إلا أن الواقع يبرز أن الدولة تبقى في آخر المطاف هي المتحكمة في تقرير التدخل وآليات التدخل مما يجعل القضايا الوطنية تتداخل مع القضايا الجهوية والعكس صحيح، في هذا الإطار نشير إلى المادة السابعة . والعديد من هذه الاختصاصات يستدعي تدخل الدولة والجهات. كما أن درجة استقلال الهيئات الجهوية المنتخبة نسبي إن لم نقل يتقلص في أحيان أخرى كثيرة لفائدة السلطات غير الممركزة على صعيد الجهة، والمشرع لم يعترف للجهة كباقي الجماعات المحلية الأخرى، إلا باستقلال محدود وضيق بحيث لم يتح لها التمثيل على صعيد مجلس المستشارين، الذي يضم حسب مقتضيات الفصل 38 نسبة ثلاثة أخماس (5/3) من الأعضاء المنتخبين في كل جهة من قانون الجهات.وعلى الرغم من كون المشرع قد أقر بوجود قضايا جهوية مستقلة يتولى تدبيرها مجلس جهوي منتخب إلا أن المشرع أستبعد الاقتراع العام المباشر كوسيلة لتشكيل المجلس الجهوي. فالدستور نفسه خول تحديد شروط التدبير اللامركزي للمشرع العادي، هذا الأخير الذي اهتدى إلى الاقتراع غير المباشر، إضافة إلى ذلك هناك ضعف الموارد المالية للمجالس الجهوية التي تظل جد ضعيفة ومحدودة مقابل تضخم الحاجيات الملحة للساكنة اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا والتي تمليها عدة معطيات كضعف البنيات التحتية بالوسط القروي ( الكهرباء، الماء ،الطرق، الصحة، التجهيزات الثقافية والرياضية ...) وتقلص الموارد الطبيعية (نذرة المياه انحسار المجال الغابوي، التصحر، تعرية وانجراف التربة ...) إضافة إلى إكراهات النمو الديموغرافي والمشاكل البيئية بالوسط الحضري، وتدهور النسيج الحضري القديم، وانتشار السكن العشوائي والنقص في التجهيزات والخدمات الأساسية، وإضافة إلى هذه المعيقات فإن الجهوية في المغرب رغم مرور عقد من الزمن على تأسيسها، فإنها لازالت تعاني من غياب تصميم جهوي لإعداد التراب.إن أزمة الجهوية في المغرب تعكسها هيمنة المقاربة الأمنية –السياسية المركزية على حساب البعد التنموي الجهوي، والتي تعطي لسطات الوصايا المعينة (العامل-الوالي ..) حاكما حقيقيا على المستوى الجهوي، ومن تم تبقى المجالس المحلية المنتخبة دورا صوريا وإستشاريا في تحقيق التنمية المحلية.مامدى تحمل النظام السياسي المغربي لفكرة الجهوية السياسية أو "الجهوية الموسعة" لتقسيم السلط والشرعية وصناعة سياسة عامة محلية مؤثرة في السياسة العامة المركزية ؟أليس خطاب الجهوية (السياسية-الموسعة –المتدرجة) مجرد خطاب سياسي للنخبة السياسية بالمغرب؟يتبع في المحور الثانيالتجارب الجهوية الغربية وأفاق الجهوية الموسعة في المغربالهوامشالمهدي بنمير: "اللامركزية والشأن المحلي: أية آفاق في ظل المفهوم الجديد للسلطة". المطبعة الوراقة الوطنية. مراكش 2000.السعيدي مزروع فاطمة: "الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب"، الطبعة الأولى 1424-2003.محمد بوجيدة :" التنظيم الجهوي اللامركزي بالمغرب دراسة تحليلية على ضوء القانون المقارن الجديد للجهات والممارسة العملية " الطبعة الأولى- سنة دار القلم للطباعة والنشر -2000.علي السدجاري: "الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث" – السنة 1994 – الرباط ردمك ( سلسلة بحوث الإدارية).إدريس الأزهري: "الجهوية والتنمية الإدارية بالمغرب" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام – جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال- الرباط .2000.عبد الحق المرجاني: "الجهوية ونظام تمويلها" رسالة السلك العالي للمدرسة الوطنية الرباط السنة الجامعية 1992.مجلة الدولية – مجلة فكرية وفصلية تعنى بالشؤون والقضايا الدولية – العدد الرابع 2008.مصطفى محسن" المسألة الجهوية وإشكالية التنمية بالمغرب" مقال بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة " الجهة بالمغرب تشييد جماعة محلية– 1998-عدد 16عبد العالي حامي الدين: سؤال الانتقال الديمقراطي بالمغرب - المعوقات الدستورية للانتقال – مقال بمجلة وجهة نظر العدد 23 خريف 2004.* طالب باحث في القانون الدستوري وعلم السياسةجامعة القاضي عياض – كلية الحقوق – مراكش