ألباريس: فتح الجمارك التجارية لسبتة ومليلية "خبر رائع" ومونديال 2030 سيقوي العلاقات المغربية الإسبانية    مجلس النواب يقر بصعوبة التقصي في الدعم الحكومي لاستيراد المواشي    لقجع: تنظيم التظاهرات الرياضية الكبرى سيحقق نهضة تنموية بالمغرب    عرض عربي أول للفيلم المغربي الجرح وتفاصيل منافسة أربعة أفلام أخرى بمهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة    بتنسيق مع "الديستي".. اعتقال شرطي و3 أشخاص متلبسين ب"ترويج 94 ألفا و728 قرصا من القرقوبي و3 كيلوغرامات من الكوكايين    "أولاد الفشوش" يتمسكون بالبراءة.. والنيابة تحذر من الرشق بالبيض    صناعة السيارات: افتتاح الدورة الثامنة لملتقى "طنجة المتوسط أوطوموتیف میتینغ"    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    الصين تدعو واشنطن للكف عن الضغوط وتؤكد استعدادها للتعاون دون تنازل عن مصالحها    هل يسرع تصنيف المغرب ضمن الدول الآمنة ترحيل المهاجرين من أوروبا؟    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا    "التراث الثقافي المغربي في سياق الذكاء الاصطناعي ومقاربة الهوية الإفريقية" محور ندوة علمية    تعيين مدراء جدد لمراكز دراسات الدكتوراه في جامعة شعيب الدكالي    ضحايا زلزال الحوز حاضرون في الأنشطة الخيرية ل"جمعية ماراطون الرمال"    الصناعة التقليدية المغربية تطرق أبواب العالمية من خلال اتفاقية جديدة    تراجع جديد في أسعار المحروقات بمحطات الوقود    آيت ملول تحتضن مهرجان سينما الأسرة    بوريطة: علاقات المغرب وإسبانيا إيجابية.. والحكم الذاتي يحظى بإجماع دولي    المندوبية السامية للتخطيط…توقعات بمعدل نمو يصل إلى 3,8 في المائة خلال الفصل الثاني من سنة 2025    العمال الموسميون يرفعون حالات الإصابة ببوحمرون بإسبانيا    بلقشور يعلن عن رفع المنع في حق حسنية أكادير ويؤكد أن العصبة ستقوم بتسوية الملفات المتبقية    "كان" الشباب... الاتحاد الإفريقي يعلن عن برنامج مباريات المنتخب المغربي    إسبانيا: "الحكم الذاتي" يظل الحل الأكثر مصداقية وجدية لتسوية النزاع حول الصحراء    خطابي: الإعلام العربي يتصدى للعدوان    وزارة الداخلية تتخذ قرارا مفاجئا في حق "قائد تمارة"    فرقة الأخلاق العامة بطنجة توقف أزيد من 20 شابة للاشتباه بقيامهنّ ب "الدعارة والفساد"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    أكثر من 20 قتيلا ضمنهم أطفال في قصف همجي إسرائيلي على مخيم نازحين    بعد "ميتا" و"إكس".. "تيك توك" ينضم إلى محاربة المعلومات المضللة    محمد السادس للرئيس السوري أحمد الشرع: أنتم تديرون هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلدكم الشقيق    قيوح يستعرض تجربة المغرب في تطوير النقل الجوي خلال مؤتمر "الإيكاو"    سعد لمجرد لن يشارك في الدورة 20 من موازين    رسميا.. فيرجيل فان دايك يجدد عقده مع ليفربول    الاتحادات الكروية ترفض مقترح أمريكا الجنوبية المتعلق بتنظيم كأس العالم 2030 بمشاركة 64 منتخبا    نصائح طبية لمرضى حساسية الحيوانات الأليفة دون الحاجة للتخلي عنها    شي جين بينغ يجري مباحثات مع رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم    الفرق المتأهلة ومواعيد مواجهات نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    هيئة حقوقية تندد بتوالي حوادث العنف داخل المؤسسات التعليمية    مغربيات يتظاهرن في سلا تضامنا مع المرأة الفلسطينية ورفضا للعدوان على غزة    بنك المغرب بالجديدة يستقبل في لقاء تربوي    تقرير: المغرب في المرتبة 81 عالميا من حيث زخم التحول الرقمي    هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في "سياستها القمعية"    أمريكا.. إلغاء الامتيازات الصحفية لوكالات الأنباء الكبرى    رئيس برلمان أمريكا الوسطى في زيارة للعيون    تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 17 سنة إلى نهائي كأس إفريقيا..نادي موناكو يشيد بأداء موهبته إلياس بلمختار    مقدم شرطة رئيس يطلق النار لمنع فرار سجين كان رهن المراقبة الطبية بالمستشفى الجامعي بمراكش    البندقية تنفتح على السينما المغربية    واكي: الرقمنة تدعم تنمية المغرب .. و"جيتيكس إفريقيا" يخدم الشراكات    دوائر أمنية بالجديدة في وضع مقلق... مطلب استعجالي لإعادة الإعتبار لهذا المرفق الحيوي    "تمغرابيت" تزين معرض الكتاب في باريس .. إبداع وذاكرة وشراكة متجددة    تسجيل ثالث حالة إصابة بداء الكلب في مليلية خلال أقل من أسبوعين    جامعة عبد المالك السعدي تُثري فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب ببرنامج ثقافي متنوع في دورته ال30    كلب مسعور على حدود المغرب .. والسلطات الإسبانية تدق ناقوس الخطر    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعراء مصر: محمود درويش‏..‏ كان أجملنا‏..‏
نشر في أسيف يوم 07 - 09 - 2008

لانستطيع أن نصنف محمود درويش علي أنه شاعر عادي‏,‏ ولا نخضع أشعاره لمقاييس النقد الأدبي‏.‏ فهناك بعض الشعراء الذين اختارتهم الأقدار ليكونوا رموزا وليسو‏5‏ فقط مجرد شعراء‏.‏ وفي تقديري أن محمود درويش واحد من هؤلاء الشعراء وكان من الممكن أن يكون شاعرا عربيا عاديا‏,‏ لكن محمود درويش هو شاعر القضية الفلسطينية بلا منافس‏.‏ وبقدر ما اشعلت القضية الفلسطينية عقل ووجدان الإنسان العربي طوال نصف قرن من الزمان بقدر ما أخذ درويش مساحة في هذا الوجدان العربي‏.‏ إن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولي‏,‏ ولأن درويش رمز هذه القضية فقد احتل مكانة أكبر بكثير من مجرد أنه شاعر كبير‏,‏ ولهذا حينما يقيم محمود درويش كشاعر في مسيرة الشعر العربي لا يستطيع أحد أن يفصله عن هذه القضية أو يفصل هذه القضية عنه‏.‏ هذه مقدمة لابد منها أما محمود درويش الشاعر فأنا شخصيا أري أنه يمثل موهبة كبيرة بالفعل وانه اضاف للشعر العربي لونا ومذاقا جديدا‏,‏
وقدم تجربة شعرية متميزة ارتبطت بقضية قريبة جدا إلي قلوب الناس‏,‏ واستطاع أن يعبر عن كل هذا من خلال شعر جميل في لغته وصورته ورشاقة أسلوبه‏.‏ ومحمود درويش في السنوات الأخيرة وبرغم رصيده الشعري الكبير كان يسعي إلي اضافة جانب جديد إلي تجربته الشعرية‏,‏ وهو أنه شاعر إنسان يغني لهموم الإنسان في كل مكان‏,‏ وليس فقط شاعر قضية يمكن أن يختلف الناس عليها أو يتفقون‏.‏ كان شعر درويش في السنوات الأخيرة شعرا ناسفا يمثل مأساة الإنسان في هذا العصر بكل جوانب القبح والقسوة فيه‏.‏ وكنت أتمني لو امتد العمر بمحمود درويش حتي يكمل هذا التحول الخطير والكبير في مسيرته في الشعر‏.‏ وقد عرفت محمود درويش عن قرب والتقينا كثيرا في مناسبات عديدة منذ دعاني الراحل الكبير ياسر عرفات إلي الغداء في مقره في عمان في منتصف الثمانينيات‏,‏ وكنا نقدم يومها مسرحية الوزير العاشق علي مسرح جرش‏,‏ وكنت في صحبة عبدالله غيث‏,‏ وسميحة ايوب‏,‏ ونخبة من نجوم مصر كان في مقدمتهم كرم مطاوع وسعد أردش ومنذ هذا اليوم لم تنقطع صلتي بمحمود درويش‏,‏ وكثيرا ما جمعتنا لقاءات نزار قباني ومحمود درويش وأنا‏.‏ ولا شك أن رحيل محمود درويش خسارة كبيرة للشعر العربي‏,‏ وخسارة أكبر للقضية الفلسطينية‏.‏ ولأصدقاء درويش ومحبيه وما أكثرهم‏!,‏ غياب محمود درويش سوف يترك فراغا رهيبا‏.‏ *****جابر عصفور‏:‏ درويش شاعر مقاومة بمعني يتجاوز القضية الفلسطينية إلي قضية الظلم والقمععبد المعطي حجازي‏:‏ هو في المقدمة من حركة الشعر العربيأبوسنة‏:‏ قفز عبر الأسوار الفنية ليصبح واحدا من أبرز الرواد الحقيقيين للقصيدة العربية الحديثة‏ متابعة‏:‏ تهاني صلاح د‏.‏ هالة أحمد زكي مي إسماعيل لا يعرف قدر شاعر كبير إلا شاعر كبير‏,‏ والذين يتحدثون هنا عن درويش وموقعه علي خريطة الشعر العربي شعراء كبار‏,‏ منهم من عاصروه ومنهم من جاءوا بعده ومنهم من سبقوه‏,‏ لكنهم جميعا مع اختلاف موقعهم من الزمان والمكان واللغة والأسلوب يتفقون جميعا علي مكانة درويش العظيمة في قلوبهم وقلوب قراء الشعر‏,‏ وعلي ضخامة إنجازه وتجديده وتجدده المتواصل الذي استطاع أن يظل معه طوال الوقت هو نفس الصوت العذب‏,‏ لا يتغير مهما تغير‏,‏ ولا يدركه النشاز مهما صال وجال وارتفع وانخفض في سلالم الأنغام‏,‏ وها هم رفاقه وتلامذته وكلهم محبوه يتحدثون عنه‏.‏ الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي‏:‏ يستحق الشاعر الكبير محمود درويش أن يكون حديث الناس‏,‏ فهو موجود في المقدمة من حركة الشعر العربي‏,‏ فلا شك في أنه وجه أساسي من وجوه شعراء الجيل الثاني الذي ظهر بعد جيل الرواد المجددين في الأربعينيات والخمسينيات‏.‏ومن المؤكد أنه تأثر في بداية حياته الشعرية بما قرأه للرواد المجددين ولا شك في أنه اعتبر نفسه منتميا إليهم ولكنه استطاع أن يستقل بلغة شعرية خاصة أن يكون له في الشعر العربي المعاصر بداية من السبعينيات وإلي اليوم محل مرموق‏.‏ الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة‏:‏ يعتبر محمود درويش صاحب موقع متفرد بين جيل شعراء الستينيات في الشعر العربي المعاصر فهو يتفرد بموهبته الاستثنائية التي قفز بها عبر الأسوار الفنية للقصيدة العربية ليتخطي المراحل التي عرفتها القصيدة منذ الخمسينيات حتي الآن ليصبح واحدا من أبرز الرواد الحقيقيين للقصيدة الشعرية فقد استطاع أن يصل من كينونة وهوية فلسطينية إلي هوية عربية ثم ارتقي ليصبح شاعرا عالميا‏.‏وقد تفرد هذا الشاعر بهذه المكانة بسبب موهبته وثقافته ونضاله الذي جمع بين النضال الوطني الفلسطيني علي المستوي الميداني والمستوي الشعري ومستوي كاتب النثر الذي يكتب المقال من طراز رفيع فجمع بين ثقافة الهوية الفلسطينية وانغماسه في التراث الشعبي وبين الإحاطة بالتراث العربي الفصيح وتتبع القصيدة العربية منذ بدايتها في العصر الجاهلي فأصبح واحدا من أبرز المشاركين في حركة الشعر الحديث واحتك بالثقافة العالمية وارتقي بذائقته الجمالية إلي مستوي التفرد‏.‏واستطاع من خلال نموذجه الشعري أن يجمع بين الغنائية والواقعية مستلهما الواقع الفلسطيني التاريخي والأساطير‏.‏ ‏ د‏.‏ جابر عصفور‏:‏ هو واحد من الشعراء العالميين الكبار‏,‏ وهو لا يحسب علي الشعر العربي وحده وانما يحسب علي التراث الانساني كله‏,‏ وهو بالتأكيد شاعر القضية الفلسطينية ولكنه غاص فيها فاكتشف العام من خلال الخاص‏,‏ وأدرك الجذور الإنسانية ولذلك اصبح شعره يخاطب الانسان المظلوم والمقموع‏.‏كما انه كشاعر كان يواجه الشر في كل أحواله ولهذا اعتبره العرب شاعرهم في المقاومة ووضعوه في صدارة المقاومة‏.‏ ولا شك أن خسارتنا فيه كبيرة ليس بوصفه شاعرا عربيا أو فلسطينيا ولكن بوصفه شاعرا استثنائيا‏.‏ فقامة محمود درويش في الشعر لا تقل عن القامات الكبيرة التي نحتفل ونحتفي بها في الثقافة العربية مثله مثل يوسف ادريس ونجيب محفوظ وأم كلثوم وعبدالوهاب‏.‏ وبلا شك لن يرث أحد مقعد محمود درويش ومكانته في الشعر العربي إلا بصعوبة بالغة لانه كان شاعرا نادرا استثنائيا بكل معني الكلمة‏.‏ ‏ الشاعر مريد البرغوثي‏:‏ هو أجملنا وأولنا وأحلانا‏,‏ كنا نفرح لخروجه سالما بعد كل جولة من جولات موجة الموت‏,‏ في التاسع من أغسطس صعد محمود درويش إلي جداريته العظيمة ليرتاح هناك‏,‏ لم يعهد لأحد برثائه‏.‏ جلس في حضرة غيابه ورثي نفسه بنفسه لا ليعفي أحدا من المهمة بل لأنه يخشي الركاكة ويمقتها‏.‏ فقط‏,‏ أنا سأصدق طبيبه الذي أعلن النبأ وشرح أسباب الوفاة لكن الشاعر سيد الكلام وسيد اللغة قتلته أيضا ركاكة القيادات الفلسطينية المتحاربة وركاكة القضية والنظام والسياسات العربية‏,‏ فعلي أيديهم أوشكت القضية الفلسطينية أن تفقد معناها‏.‏ أنا أعلم كم كان كمده وقهره عظيما وهو يري هذا الاقتتال الداخلي من أجل سلطة وهمية‏.‏لقد اتصلت بمحمود درويش قبل دخوله العمليات وقال لي إن مثل هذه العملية يمكن أن تؤدي إلي الشلل وهذا ما يخشاه لا الموت‏.‏واليوم أقول إن علي الشعب الفلسطيني أن ينهض من جديد ليشفي القضية الفلسطينية من الشلل المخيف الذي أصابها بفعل كثيرين من الساسة الذين سيقفون غدا أو بعد غد لرثائه بلغتهم الركيكة ودموعهم المؤقتة‏,‏ من سوف يصدقكم أيها المقاتلون أتحبون شعره العزيز وأنتم تتسابقون علي دولة القبح‏,‏ أتحبون شعره في الحب وأنتم ترفعون سقوف الكراهية؟ لقد أتعبتم قلوبنا جميعا أيها الساسة فعودوا إلي رشدكم ليرتاح الشاعر ولو بعد الموت‏.‏ ‏ الشاعر حسن طلب‏:‏ محمود درويش يحتل مكانة مخصوصة ومتميزة في الشعر العربي‏,‏ ولماذا يحتل هذه المكانة‏,‏ لأنه أصر منذ البداية شأنه شأن كل فنان كبير علي أن يكون هو نفسه صنع من نفسه كهرباء نفسه وتمرد علي كل ما يمكن أن يحبسه داخل إطار أو داخل أي تصنيف‏.‏نحن عرفناه في البداية تحت لافتة شعراء الأرض المحتلة من روايته الأولي عاشق من فلسطين وأوراق الزيتون وغيرهما‏.‏لكنه تمرد علي هذه اللافتة ليخرج علينا بوجه جديد ولكن فيه شيئا من الجذور الأولي ولكن الجديد فيه هو الأوضح والأكثر لفتا للنظر قدم لنا أيضا في هذه المرحلة من منتصف السبعينيات المحاولة رقم‏7‏ وخرج علينا بقصيدة عربية جديدة من فكرة المقاومة المباشرة عن فكرة المرحلة الأولي‏.‏لأن المقاومة اتسعت وأصبحت مقاومة إنسانية ضد كل ما يقيد حرية الإنسان في كل مكان أصبحت أنشودة للحرية وأصبحت أغنية للحياة يستطيع أن يرددها البشر في كل مكان ويتغني بها المقهورون الواقعون تحت نير الاستبداد والطغيان مهما يكن دينهم ولونهم‏,‏ وهذه المرحلة تجسدت في قصيدة بيروت‏.‏محمود درويش يمتاز أيضا بالإضافة إلي التجدد والتمرد المستمرين يمتاز بأنه من نسيج وحده عاشق وحده وكتب قصيدته وحده ومات وحده‏.‏لم يتحرك في حماية كوكبة المنتفعين وأدعياء الشعر ولم يصنع لنفسه حاشية كما يفعل البعض وإنما أصر علي أن يكون هو صديق نفسه وحاشية نفسه فكسب احترام الجميع والتفت إلي الذات في مرحلته الأخيرة منذ ديوان جدارية فاكتشف كنزا خبيئا قدمه لنا وأدهشنا به ومات وهو في غمرة هذا الكشف مات وقلمه في يده‏,‏ مات دون أن يكمل لنا هذه الكشوف التي وعدنا بها ثم تركنا وغاب فجأة‏.‏ولكن غياب محمود درويش سيظل حضورا دائما متجددا لأنه ترك لنا ما يضمن به البقاء والخلود‏.‏ الشاعر محمد سليمان‏:‏ محمود درويش واحد من أبرز الشعراء العرب في نصف القرن الأخير‏,‏ وهو مؤسس قصيدة المقاومة منذ ديوانه الأول أوراق الزيتون الذي صدر عام‏1964‏ وقصيدة المقاومة تختلف عن القصيدة السياسية التي انشغلت بعد هزيمة يونيو في أواخر ال‏60‏ بهجاء النظم والحكومات والجيوش العربية بينما انشغلت قصيدة المقاومة بالتشبث بالأرض وبالذاكرة وبالتاريخ والتراث الشعبي الفلسطيني في محاولة منها لصد المحو والإبادة وطمست الهوية الفلسطينية‏.‏ قبل‏40‏ سنة قدم الناقد الراحل رجاء النقاش محمود درويش وزملائه بكتاب شعراء الأرض المحتلة فبدأت نجومية محمود درويش التي استحقها بموهبته وذكائه‏,‏ فعلي مدي أربعة عقود صدر لدرويش أكثر من‏20‏ مجموعة شعرية بالإضافة إلي كتاباته النثرية الأخري‏.‏في الوقت نفسه انشغل درويش بتطوير وتجديد قصيدته فانتقل من القصيدة البسيطة المباشرة التي تهتم بالتحريض‏,‏ إلي القصيدة المركبة والطويلة والقصيرة الملحمية ثم عاد مرة أخري ليقدم لنا القصيدة القصيرة وقصيدة الدمضم في كتابه الأخير أثر الفراشة الذي صدر هذا العام‏.‏خلال هذه المسيرة الطويلة نجح درويش في كسب أرض إبداعية جديدة‏.‏ وترجمت بعد أعماله إلي اللغات الأخري واستطاع أن يصبح واحدا من أكثر الشعراء جماهيرية في الوطن العربي‏.‏خسارتنا كبيرة فهو شاعر كبير بكل المقاييس وجائزته الكبري رغم كل الجوائز التي حصل عليها هي التفاف جماهير القراء حول قصيدته وتقديرهم لشعره‏.‏ الشاعر محمد كشيك‏:‏ محمود درويش شاعر استثنائي بكل المقاييس فلا يوجد شاعر وصل لقامته لأنه استطاع عبر أكثر من‏40‏ سنة أن يجرب ويختبر جميع الأدوات الشعرية من قصائد تقليدية حتي وصل إلي آفاق الحداثة في محاولة دائمة للارتباط بالواقفين علي الضفة الأخري بالواقع الحر وكانت مسيرته الشعرية بمثابة تأريخ لحركة الشعر العربي وتألقه وارتياده آفاقا لم تكن موجودة من قبل‏.‏لقد استطاع درويش الوصول بالقصيدة إلي مشارف عليا لم يسبقه إليها أحد من قبل‏,‏ وصارت القصيدة بين يديه كأنها السحر وأعتقد أن محمود درويش يمثل مجموعة الأجيال المتعاقبة وفيه ومن خلاله استطاع أن يصل التقطير الأنقي بالشعر‏.‏بوفاة محمود درويش أعتقد أن الشعر العربي فقد أهم أركانه الأساسية‏,‏ فهو قامة في تاريخ حركة الشعر مثله مثل المتنبي ومثلث الشعر‏:‏ المتنبي‏,‏ أحمد شوقي‏,‏ ودرويش‏.‏هؤلاء الشعراء هم الذين استطاعوا أن يصلوا إلي عروق الذهب في مناجم الشعر العربي‏.‏ الشاعر أمين حداد‏:‏ محمود درويش شاعر عظيم وموقعه كبير من الشعر العربي وسيكتشف هذا مع الزمن‏.‏هو اكثر شعراء الفصحي تجديدا وانتاجا‏,‏ وكانت له مفاتح الشعر‏,‏ وهو شاعر انساني عظيم لأجيال قادمة‏.‏ الشاعر رجب الصاوي‏:‏ احتل محمود درويش موقع الفارس النبيل الحامل لسيف المقاومة والجمال في نفس الوقت‏,‏ فلم يتقيد بقضيته الخاصة الضيقة ولكن استطاع بشعره أن يصل إلي العالمية من خلال الصياغات الانسانية والفلسفية العامة للعالم وإعادة اكتشاف الكون من جديد‏,‏ هذا بالإضافة إلي خصوصية عالمه الذي تتجسد فيه مأساة الانسان المعاصر في كل زمان ومكان‏,‏ هكذا كان محمود درويش‏.‏ *****عمرو موسي ينعي عاشق فلسطين وشاعرها المبدع محمود درويشنعي السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية شاعر فلسطين والعرب الكبير محمود درويش الذي غيبه الموت مساء‏2008/8/9.‏وقال موسي‏:‏ ببالغ الأسي والحزن تنعي جامعة الدول العربية الشاعر المبدع محمود درويش والذي برحيله تفتقد فلسطين والعرب جميعا واحدا من أبرز أعلامها الشعرية والثقافية في العصر الحديث‏.‏وأضاف موسي‏:‏ لقد تجاوز درويش بشعره وحضوره الثقافي والإنساني المميز كل الحدود محطما قيود الوطنية الضيقة والانتماءات الصغري ليكون بحق صوت فلسطين الحضاري المتواصل بآلامه واحزانه وطموحاته مع روح العصر والفكر الإنساني العالمي المبدع‏.‏وقال موسي‏:‏ يغمرنا الأسي ونحن نودع محمود درويش ونتقدم لعائلته وكذلك
إلي القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات وإلي شعراء فلسطين وأدبائها ومثقفيها جميعا بخالص العزاء والمواساة في هذا المصاب الأليم‏,‏ وكلنا أمل بأن يتحقق حلم عاشق فلسطين في أن نري قيام الدولة الفلسطينية المستقلة‏,‏ كما كان يحلم بها شاعرنا محمود درويش وناضل من أجلها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.