و السؤال كما جاء في المعجم كلمة استفهامية تتطلب إجابة من المخاطب و السؤال طلب الصدقة كذلك . و قبل فتح باب السؤال ارتأيت أن أفتح و إياكم نافذة نطل بها عن سبب فتح هذا الرتاج ، و بهذا أخبركم أنه في أواسط التسعينات من القرن الماضي زارتني عائلة فرنسية يوم كنت قاطنا مدينة مراكش و أهدتني عرفانا منها عن الترحيب كتابا لمؤلفه البرازيلي بابلو كويلو كتابا جميلا ظاهرا و باطنا بفرنسية سلسة و بفلسفة مشوقة . فتذكرت معه أشياء وجب بعدها السؤال . و السؤال بكيف و متى و بم و مع من (في بعض الأحيان) و كثيرة هي آلياته و السؤال عصب الحياة و بداية كل شيء و بالسؤال تفهم الأوضاع و الأشياء و بالجواب عنه يتعذر العبث. و بالسؤال ما من أجله و كثير. و الطفل حين يبلغ درجة من الوعي يبدأ بالتساؤل إن وهبه الله العقل السليم و من سؤاله ما يعلمه و منه ما لا يفهمه و فيه ما لا يستساغ و به الظريف الباعث عن السرور و منه كذلك الوازن المتعذرة إجابته. و من السؤال ما ورد في القرآن الكريم ، و يقول الحق سبحانه:" و يسألونك عن الساعة" " و يسألونك عن الروح" "و يسألونك عن الخمر و الميسر" و كثيرة هي مواطن السؤال في القرآن الكريم التي وردت بصيغ مختلفة كذلك، و منه ما أشار إليه الرسول الكريم حين قال: " إياكم و كثرة السؤال" حفظا للمسلم على كرامته و عزة النفس لأن به طلب الصدقة و ورائه خمول و كسل. و تسائل العرب و جاء الجواب فنبه و أنار و أعز و بشر و أنذر و أشفى و بلغ و ما تسائل العرب إلا من بعد ما بلغوا درجة من الوعي و من بعد أن تحاوروا و اختلفوا و حاروا لأنهم كانوا نصف مؤمنين شبه فاهمين في أخلاقهم غير تامين و كانوا ذوي عهد و وعد ذوي شرف و فخر مؤتمنين ذوي لغة شاعرين صبورين مانعين عن الجواب باحثين. و جاء الجواب فاعتبروه و نشروه و غزوا به و فتحوا و أنذروا به و ذلوا دونه و من هنا تساءلت إذا كان العرب منذ 14 قرنا مرت قد بلغوا درجة من الإلمام بالأشياء دفعتهم لطرح هكذا سؤال، هل كانوا جاهلين؟ و أين نحن من هذا بعد أن جاء الجواب بينا ناصحا جامعا و أين نحن من هذا بعد أن لم يتمكن ما نستفضله ألا و هو العلم من نفيه و إبطاله ، و أين نحن من هذا بعد أن أتمت أخلاقنا و فعلا جاء الجواب في كل شيء في الطب في الخلق في الفلك في الإرث و الكلالة و في المحيض كافيا شافيا و لم يصل العلم حاليا نضجا يمكنه من مجاراته. و تساءلت أنا الذي خرجت و آخرين للدنيا كيف وجدنا أناسا ما زالوا يتساءلون تائهين منهم من أنكر الجواب ووجد آخر في الشيوعية منهم من غمرته القومية منه من ارتأى أن لا مناص عن الكنفيشيوسية و منهم بين هذا و ذاك و الذي اختلطت عليه الأمور فانزوى بنفسه يعذبها و يحملها ما لا تطيق و كثيرون صاحبوا الكل الشيوعي في المساء، البودي أوقات الظهيرة ، الرأسمالي أوقات الأكل ، الإسلامي في رمضان و ذي الحجة و اليساري في المخيمات و العطل الصيفية فضاعت دنياهم و ربما شيئا من آخرتهم. و تساءلت أيضا لماذا تهنا وسط هذا الزخم من الأفكار و سرنا نبحث عمن ينير لنا طريقا سويا نمشي فيه و عليه في مرحلة لم تكن تستحمل المنعرجات ووجدنا أنفسنا لا نحن من لولائك و لا نحن مع هؤلاء منا من رحم ربي و منا من ضل في واقع متوحش غادر. و تساءلت أيضا عن ذنبنا نحن جيل ما بعد هؤلاء لماذا لم يرحمونا و جعلوا حياتنا تيها أمام آخر، لماذا لم يرسموا لنا طريقا لمستقبل دون ما العذاب و المخاض الذي عشناه و لا زلنا، لماذا تناطحوا و تعاركوا علما منهم أن هناك جوابا عن كل ما ارتضوه لسؤالهم لماذا راح كل منهم في اتجاه لا هو صلح له و لا هو أصلح حالنا ، هل لأنهم جهلوا فوق جهل الجاهلين أم لأسباب أخرى أستحيي لذكرها. و عودة بنا إلى كتاب كويلو البرازيلي و الذي عرفت به أن الراحة و النعمة و السعادة يمكن أن تكون بجوارنا إن عرفنا كيف نحسها و نحس بها ، رحت اسأل ذوي النهى علهم يعرفون شيئا أطفئ به لظى قلبي دونا عن شهد الرضاب أجابوني بأنه من الأفضل أن أفتح و إياهم بابا آخر إن شاء الله و أن يكون أقل وزنا مما عليه باب السؤال أجد فيه راحة البال لي و لكم.