أكدت مصادر مطلعة أن توفيق الإبراهيمي قد مثل صباح أمس الخميس، بملحقة استئنافية الرباط بسلا، أمام قاضي التحقيق عبد القادر شنتوف، كما مثل إلى جانبه محمد رامي المتابع في ذات الملف، وذلك بعد أن استمع الشنتوف يوم الثلاثاء إلى كل من الشمشاطي والحيرش، النقابيين المعتقلين على ذمة نفس القضية . وجاء مثول الأظناء الأربعة هذا الأسبوع على ضوء الافادات التي أدلى بها عبد العالي عبد المولى و أبناؤه كشهود في انتظار ما سوف تكشف عنه تحريات التحقيق بخصوص أسباب ودواعي إفلاس شركتي «كوماناف فيري» و «كوماريت» بعد الاستفادة من قرض بنكي قدره 80 مليار سنتيم وهو المبلغ ذاته الذي خصص لشراء كوما ناف فيري من الفرنسي جاك سعدي مالك شركة cma /cgm والتي اقتنت سنة 2007 شركة كوماناف في اطار الخوصصة . وقالت ذات المصادر بأن شكوك التحقيق تحوم حاليا حول فرضية تعمد إفلاس الشركة بتواطؤ مع شركات ووكالات أسفار تم إنشاؤها بالخارج، والتي كانت تعمل على تسويق خدمات نقل الاشخاص والعربات والسلع بين ضفتي البحر الابيض المتوسط، دون تحويل المستحقات المالية للمغرب (انظر عدد الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 6 غشت الجاري). واستندت شكوك التحقيق على بعض المبالغ المحصلة برسم سنة 2007 تحت إدارة توفيق الإبراهيمي والتي بلغت 120 مليار سنتيم في حين اندحرت و بشكل ملحوظ خلال سنوات 2008 (90 مليار سنتيم) و2009 (70مليار سنتيم)و2010 (اقل من 50مليار سنتيم) وهو مبلغ لا يكفي لضمان التوازنات المالية للشركة التي تدهورت أوضاعها إلى أن تم الحجز على بواخرها تدريجيا بالموانئ الفرنسية والاوروبية، نظرا لعدم تسديدها لمستحقات وخدمات تلك الموانئ وهو ما أسفر عن فقدان العاملين لمستحقاتهم ووظائفهم. من جهة أخرى أكدت مصادر مقربة من هيأة دفاع الابراهيمي بأن كل ما تسرب إليها من معلومات بخصوص هذا الملف، يختلف تماما عما تداولته بعض وسائل الاعلام شكلا ومضمونا ، بحيث أن المسطرة برمتها تحركت بناء على تسجيلات صوتية لبعض المكالمات الهاتفية التي تم تسجيلها بأمر من النيابة العامة على هواتف كل المعتقلين في هذا الملف . وأوضح لنا مصدر قريب من التحقيق بأن ما يشوب هاته المسطرة هو كونها بنيت على تسجيلات غالبا ما يلجأ إليها القضاء للاستئناس فقط و ليس كحجة، كما أضافت ذات المصادر أن المتابعين في هذا الملف لا تربطهم علاقة في ما بينهم بحيث أن التسجيلات التي تخص الإبراهيمي ترتبط فقط بمحمد الرامي وعبد الرحيم منظور مدير الموارد البشرية لشركة كومانافڤ نظرا للعلاقة الوطيدة التي كانت تجمعهم مهنيا في ما سبق ،وكذا تسجيلات النقابيين الشمشاطي والحيرش وبن عبد الله المستخدم سابقا بإحدى بواخر كومانافڤ والمتابع من أجل المساس بأمن الدولة تبعا لمكالمة جرت بينه وبين الحيرش كمسؤول نقابي، فهذا الاخير وكما جاء في أحد التسجيلات عندما دعاه الحيرش إلى الحضور في يوم ما من أجل المشاركة في وقفة احتجاجية أمام شركة كومانافڤ بطنجة. وتلك المكالمة تضمنت جملة واحدة وهي»غادي نوقفو قدام الشركة وغادي نقربلو طنجة»، وهو تعبير أثار مخاوف الأمن الذي أخذه بمحمل الجد لما يتضمنه من حمولة خطيرة بحسب قانون الإرهاب، وتضيف مصادرنا أنه بسبب هاته الجملة، تمت متابعة صاحبها بالتهمة المشار إليها في بلاغ الوكيل العام، في حين يغيب أي رابط بينهما وبين الثلاثي الإبراهيمي والرامي ومنظور بخلاف ما زعمته جريدة اخبار اليوم في عددها ليوم أمس والتي زعمت أنه ردا على سؤال للقاضي الشنتوف الى كل من الشمشاطي والحيرش عن علاقتهما بالابراهيمي « أنها كعلاقة أي مسؤول نقابي مع مدير شركة. بحيث كانوا يلتقون في جلسات الحوار الاجتماعي ويفاوضون جميعا من أجل حل مشاكل الشركة». واعتبرت مصادرنا أن هذا الزعم هو فقط مزايدة ولا وجود له في محاضر الاستماع، مؤكدة أنه سوف يثبت قريبا عند صدور قرار الإحالة من طرف قاضي التحقيق والذي يدون في ديباجته كل الأقوال بأن لا وجود لهذا الرد ولا لأي علاقة بين الابراهيمي والنقابيين، والدليل حسب أحد المراقبين أن الابراهيمي لم يكن على رأس الشركة بعدما أصبحت في ملكية عبد المولى وخلال فترة إضرابات عمالها لم تعد تجمع بينه والنقابيين أية محادثات أو مفاوضات . إلى ذلك أكد مقربون من الملف أن مشاكل الوكالة الخاصة لميناء طنجة المتوسطي لم تظهر سوى في شتنبر 2010 بعد تعيين توفيق الإبراهيمي رئيس مجلس التسيير على رأسها، ويتقاسم هاته المسؤولية مع سعيد الهادي رئيس مجلس المراقبة الذي ترقى في السلم الاداري لهذا المنصب، نظرا لقربه وعلاقته من الأب الروحي للمشروع المرحوم مزيان بلفقيه. وتضيف المصادر أنه لعدم انسجام العلاقة المهنية بين الشخصين، تمت عرقلة السير العادي للوكالة وكان ذلك ناتجا عن تدخلات سعيد الهادي في اختصاصات الإبراهيمي، الشيء الذي أثر سلبا على الاستراتيجية العامة ،وهذا ما تضمنته التقارير التي رفعت الى مراكز القرار والتي اقترحت إسناد الإدارة إلى أحد المسؤولين إما توفيق الإبراهيمي أو سعيد الهادي، فتم بعد ذلك اختيار الهادي وإعفاء الإبراهيمي لتصبح الإدارة في يد شخص واحد لتفادي سوء التسيير. في أواخر سنة 2010 ابتدأت الحركات الاحتجاجية داخل الميناء وابتدأت معها سلسلة من الإضرابات غير المنتظمة ونظرا لكون الاتحاد المغربي للشغل هو القوة الضاغطة اجتماعيا، فقد دعا الى الحوار مع الإدارة وكانت نتيجة ذلك تدخل السلطات المحلية ممثلة في شخص محمد حصاد والي ولاية طنجة من أجل التدخل لدى إدارة الميناء التي كانت تواجه الملف المطلبي للطبقة الشغيلة بلا مبالاة، انطلاقا من النصف الثاني لسنة 2010 . وحسب مصدر من الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل، فقد تم عقد العديد من الاجتماعات تحت رئاسة والي طنجة وبمقر الولاية، كان يحضرها سعيد الهادي أحيانا قليلة. وقد اشتكت النقابة من اللامبالاة التي كان يتعامل بها هذا الأخير تجاه كل الاقتراحات المقدمة من النقابة أو من ولاية طنجة، بحيث كان يأبى الحضور وكان يكتفي بإيفاد نائب عنه يكتفي برفع التقارير إلى رئيسه،نظرا لأنه لم يكن يتوفر على سلطة القرار وهكذا دواليك بعد كل اجتماع، فبدأت بعد ذلك الاحتجاجات تتصاعد والاجتماعات تتوالى أمام غياب النوايا الحسنة من طرف الهادي وإدارته . ودائما حسب نفس المصدر النقابي تم تقديم عدة تنازلات في ما يخص الملف المطلبي نظرا للأهمية الاستراتيجية للميناء ..غير أن الهادي كان دائما يماطل في اتخاذ القرارات وتنفيذ توصيات الاجتماعات التي عقدت بإشراف الوالي، ومنها خطة طريق من أجل بلورة كل الاتفاقيات على أرض الواقع، والتي كانت لتمتد على 3 سنوات، ولكن سعيد الهادي يضيف مصدرنا كان يراهن على قرار من أعلى سلطة في البلاد ليجبر النقابة على الانبطاح وإجبار العمال على الالتحاق بعملهم بقرار سلطوي غير أن هذه الطريقة لم تؤت النتائج التي كان يتوقعها ، وهو ما تسبب في تأجج الوضع وتأزيم وضعية الميناء الذي نتج عنه فقدان العديد من زبائن الميناء، نظرا لغياب الخدمات وصارت الأمور بعدها تتأجج وتتعقد إلى حدود مارس 2012 حيث تم عقد اجتماع هام برئاسة والي طنجة حضره عن الاتحاد المغربي للشغل ميلود مخاريق وبعض أعضاء الأمانة العامة وممثل عن سعيد الهادي المسمى السيد كركاش وكذا ممثل عن شركة أوروكيت العاملة بالميناء.. خلال هذا الاجتماع تم التوقيع على اتفاق تنازلت بموجبه النقابة عن أكثر من سبعين في المائة من المطالب ،كما ضحت بفردين من النقابة كانا يعملان بالميناء وتم طردهما من أوروكيت، ذاك الاتفاق الذي تعهد الواليحصاد بتنفيذه بكل ما أوتي من قوة ضاغطة، غير أنه لم يمض على هذا التعهد سوى 5 أيام حتى قامت أورو جيت بطرد الكاتب العام لنقابة الميناء، وهو ما أشعل انتفاضة للعمال وتوقف العمل واستخدام الرافعات لمنع البواخر من الإبحار، وهذه التفاصيل هي التي وردت في ديباجة بلاغ الوكيل العام بالرباط على إثر اعتقال توفيق الإبراهيمي وخمسة أشخاص آخرين، ومن نتائج هاته الانتفاضة أن تم عزل سعيد الهادي من منصبه. عن يومية الإتحاد الإشتراكي