تُجرى في هذه الأيام محاكمة لمشايخ دين من الطائفة المعروفية الفلسطينيين والنائب المحامي والكاتب سعيد نفاع (الجلسة القادمة ستعقد في 13.3.2012 الساعة التاسعة صباحاً في المحكمة المركزية في الناصرة) كونهم قاموا بواجب ديني وقومي ووطني وإنساني شرعي في جميع الأعراف , عندما قاموا بزيارة دينية وأهلية إلى الوطن الحبيب سوريا, مقر ووطن الآباء والأجداد والأعزاء , وتواصلوا معهم , كما فعل عشرات الآلاف غيرهم من باقي أبناء شعبنا العرب الفلسطينيين ومن اليهود أيضا , عندما زاروا دول يُعرّفُها القانون بأنها " دول معادية" بما في ذلك زيارة احد اليهود المتدينين إلى إيران وقبل أسابيع قليلة. إن تقديم لوائح اتهام ضد هؤلاء المشايخ يجري تحت طائلة قوانين قراقوشية مستهترة بالمشاعر البشرية وبحقوق الإنسان ولها معايير أكثر من مزدوجة ! ولغرض أو أغراض في نفس يعقوب وأسياده من وراء البحار. إن واجب الاستنكار والشجب والتنديد والغضب والسخط على هذا الاستثناء الغريب العجيب وعلى هذه القوانين, يستدعي أن نلقي الضوء على ما يتضمنه هذا الإجراء وهذه الفِعلَة من العار والاستهتار ولما سيوقده من تأجيج لنار الغضب والسخط وإشعاع للنور ( والنور كما هو معروف من النار) الذي سينزل إن شاء الله على أدمغة وضمائر ونفوس الذين كانت وما زالت مسيطرة عليهم المقولات المُضلِلة عن "واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط" أو " حلف الدم" المزعوم بين الدروز واليهود , أو أن "تأدية الواجبات بما فيها الخدمة العسكرية .. حتماً تأتي بالحقوق" . ومن هذا المنطلق رأيت واجبا عليّ أن أسجل هذه الملاحظات أمام الجميع ,وخاصة أمام السلطة الإسرائيلية , علها تتعظ وتتراجع عن ضلالها وظلمها وممارساتها المجحفة على مدى عقود من الزمن: الحق بالتواصل مع الأهل وأبناء الوطن الواحد ,هو حق شرعي , متعارف عليه دولياً, وفي هذه الحالة يضاف إليه حرية العبادة التي من ضمنها الحق في زيارة الأماكن المقدسة, والحق القومي الذي يقضي بزيارة بني قومنا والحق الوطني, النابع من الحقائق التاريخية وهي أن سوريا وفلسطين والأردن ولبنان هي بلاد الشام, هذا الوطن الذي يجمعنا جميعاً عقلاً وضميراً ومصيراً , رغم أنف سايكسس وبيكو والحظائر التي أقاماها ( كما سماها شاعر المقاومة والعروبة والإسلام سميح القاسم) ومقولة المحتل الصلف الجنرال اللنبي المشهورة والمثيرة للعزة والكرامة والإباء والتمسك بثرى الوطن وقضاياه " ها قد عدنا يا صلاح الدين" . مما لا شك فيه أيضاً أن هذا الحق هو أولاً وأخيراً إنساني بامتياز , وهذا الاعتبار يجعلنا نصرخ بصوت عالي ومؤنب للسلطة الإسرائيلية : أين حقوق الإنسان التي تدعون أنكم "حامي حماتها" وكأنكم "حاملين صليبكم" لأجلها, أليس لهؤلاء الأخوة عندكم حقوق مثل حقوق باقي البشر؟. الاعتقاد بأن هذه المحاكم القراقوشية هي محاكمة أفراد خطأ لا يغتفر , لأن محاكمة هؤلاء الأخوان هي محاكمة كل فرد من أفراد هذه العشيرة المعروفية ممن تسول له نفسه أن يفكر بالعودة إلى حضن أمتينا العربية والإسلامية , أمثال حالتنا, واللتان نحن جزء لا يتجزأ منهما , شاء من شاء وأبى من أبى, من قريب ومن بعيد بالسر أو علانية , لذلك علينا أن نقاتل ونقاوم هذه السياسة وبكل الوسائل المتاحة وبدون تردد أو وجل . وللأخوة الذين ما زالوا تحت طائلة وتأثير السياسة الرسمية السلطوية نقول بأن هذه المحاكمات لن تلغي سياسة التمييز العنصرية التي مارستها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ضدنا كعرب وخاصة المعروفيين منهم , والتي جاءت لنا بحصة الأسد منها ( تم مصادرة 80,5% من أراضي إخوانا المسيحيين العرب وإخوانا العرب السنة , بينما نصيبنا من سياسة المصادرة هذه وكعرب دروز وصلت 83% والحبل على الجرار في المنصورة وأم الشقف والتوفانية وجبل الأشقر والبقيعة وبيت جن وغيرهم). لذلك عليكم أنتم بالذات أن تثور في نفوسكم النار وتنوِّر( من نور) نفوسكم وعقولكم وضمائركم وبصركم وبصيرتكم وأن تهبوا هبة رجل واحد ضد هذه المحاكم الدرايفوسية , إذا صح التعبير, لأنكم بالأكيد وكما هو الواقع اليوم ستأكلون تبعات هذه السياسة الغاشمة أكثر من غيركم . هذه الهجمة المحاكماتية إنما تؤكد من جديد أن السلطة الإسرائيلية لم تتعظ من أغلاطها المستشرية والتي عزلتها على كل المستويات, شرق أوسطيا وعالميا, وأيضا داخل صفوف هذه العشيرة , كونها تتنكر للحقوق المشروعة وتستمر في سياسات الاحتلال والتعدي والسلب والمصادرة على البعيد والقريب وعندهم المقربون أولى بهذا "المعروف", بما فيه هذا الحق بالتواصل ,الذي هو من أبسط الحقوق. نحن على قناعة مطلقة أن الذي يجب محاكمته هو سياسة التمييز والاحتلال والانتقاص من حقوق الآخرين , كما هي سياسة حكام بلادنا البليدين وأذرع حكمهم المنفذة لهذه السياسة والتي تُعرفّها القوانين الدولية بأنها إجرامية , وأيضا ذيولهم التي تساند هذه السياسة وتستر عليها , وليس محاكمة من هم أصحاب الحق والحقيقة وكما يتعرض له هؤلاء الأخوة. مشروع التواصل هو حق وهو ممارسة فعالة ومهمة من الممارسات الوطنية والقومية لاستعادة بني معروف الفلسطينيين هويتهم وضميرهم وانتمائهم العربي والإسلامي , وهذه السياسة المقيتة والتي عملت وما زالت تعمل على تكريسها السلطة الإسرائيلية بكل الوسائل للمحافظة عليها , خدمة لسياسة فرق تسد ولتشتيت وحدة شعبنا الفلسطيني الوطنية , الرازح والنازح منه , ومقاومة هذا الإجراء القراقوشي يصب وبالكامل في بِركة وبَرَكة مشروعنا وشعبنا وديننا ومذهبنا التوحيدي . ويسأل السؤال الذي يستصرخ كل ضمير وعقل , كيف يحق لهذه السلطة أن تتواصل مع المعارضة السورية المسلحة وتمدها بالأموال والعتاد وبكل وسائل الدعم (كما ذكرته وسائل الإعلام المحلية وغيرها) تحت ذرائع واهية مثل دعم حقوق الإنسان ..!! وغيرها, وفي الوقت ذاته لديها القدرة والجرأة اللا أخلاقية لتقديم هؤلاء الأعزاء للمحاكم لأنهم تواصلوا مع مقدساتهم وأهلهم , كم من الازدواجية في المعايير ومن النفاق والعوج في مثل هذه الممارسة. في اعتقادي, أن كل ما كتب أعلاه لا يقاس بما يحويه هذا الإجراء من استهتار بهذه العشيرة المعروفية بسبب هذا الإجراء بالذات, ألا تشعرون بحجم الاستهتار بهذه الناس يا ناس؟؟!!, أنا شايف وعارف وتراني أكاشف بهذه الحقيقة المُرّة والتي مرارها أمرّ من العلقم والذَلة التي تحويها تستصرخ صرختنا " هيهات منا الذِلة" يا مقاومين ويا واقعين تحت ظلم هذه السياسات الظالمة. الخلاصة هذا الاستهتار وهذا العار يستدعي تأجيج هذا النور والنار , وكما قال المعري : "وقلما تسعف الدنيا بلا تعبٍ" , وإلى اللقاء في البقيعة في 10.3.2012 الساعة الخامسة مساءاً في المركز الجماهيري لحضور المهرجان التضامني مع هؤلاء الأخوة والذي دعت له لجنة المبادرة العربية الدرزية ضد هذه المحاكمات والى الناصرة الحبيبة لنساند الحق ونصرخ صرخة الغضب في وجه الظلم والاستهتار. ( الكاتب عضو سكرتارية لجنة المبادرة العربية الدرزية)