تشهد أوروبا تطورات متسارعة بسبب الغزو الروسي على أوكرانيا، وتزايد التهديدات بانفجار الوضع في ظل التحركات الغربية التي تهدف إلى معاقبة موسكو بشتى الطرق، وتعنت الأخيرة ومواصلتها للغة القوة والتهديد باستخدام القوة النووية حسب ما جاء في تصريح لفلاديمير بوتين اليوم الأحد. وتترقب أوروبا بتوجس كبير مما قد تعزم عليه روسيا في الأيام المقبلة، بعد إطلاق الغرب حزمة من العقوبات التي تهدف إلى ضرب اقتصادها، ويبقى أبرز تخوف لأوروبا هو أن تقوم روسيا بإيقاف إمدادات الغاز لصالح البلدان الأوروبية التي تعتمد بنسبة كبيرة على غازها، وعلى رأسها ألمانيا التي تُدعم الآن أوكرانيا بالسلاح وهي من البلدان التي أقرت عقوبات اقتصادية على موسكو. وفي هذا السياق، أعلنت الجزائر اليوم الأحد عبر المدير العام لشركة سوناطراك المنتجة للنفط والغاز، توفيق حكار، أن الشركة ستبقى "ممونا موثوقا" للغاز بالنسبة للسوق الأوروبية وهي مستعدة لدعم شركائها الأوروبيين في "الأوقات الصعبة"، وفق ما جاء في تصريح حكار لصحيفة "ليبرتي" الفرنسية. غير أن الجزائر، أكدت عبر ذات المتحدث، أن هذا التموين الاضافي من الغاز الطبيعي أو الغاز الطبيعي السائل يبقى مرهونا ب"توفر الكميات الفائضة بعد تلبية طلب السوق الوطنية" وعلى "التزاماتها التعاقدية تجاه شركائها الأجانب". لكن بالرغم من أن الجزائر أعربت عن استعدادها للرفع من تدفقات فائض غازها نحو أوروبا في الأوقات الصعبة التي قد تحدث في حالة إغلاق روسيا أنابيب الغاز نحو قارة أوروبا، إلا أن قدراتها تبقى محدودة في ظل إيقاف العمل بأنبوب الغاز "المغاربي الأوروبي" العابر للمملكة المغربية، بسبب الخلافات الديبلوماسية مع الرباط. غير أن الكثير من الملاحظين لتطورات الأحداث في أوروبا، والتهديدات المرتبطة بقطع الغاز الروسي، يتوقعون أن تتجه الدول الأوروبية نحو الضغط لإعادة العمل بأنبوب الغاز العابر للمملكة المغربية من الجزائر نحو إسبانيا من أجل الرفع من تدفقات الغاز والتخفيف من التبعيات التي قد تقع نتيجة إيقاف روسيا للغاز لصالح بلدان القارة العجوز. وتعمل الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي حاليا على إيجاد حلول لهذا التهديد الذي يبقى احتمالية وقوعه واردة، بالرغم من أن روسيا أكدت عبر مسؤوليها سابقا أنها ستظل وفية بالتزاماتها بشأن امداد الدول الأوروبية بالغاز الطبيعي، إلا أن التطورات الميدانية وتزايد التوتر يرفع من درجة القلق لدى الأوروبيين. وكانت صحيفة "Times of India"قد أشارت في تقرير سابق إلى أنه من البدائل الأخرى الأفضل والمطروحة حاليا والتي يُمكن أن تُنهي التهديدات الروسية بإيقاف الغاز الطبيعي على أوروبا، هو دعم المشروع "المغربي- النيجيري" المتعلق بإنجاز أنبوب للغاز ينطلق من نيجريا ويصل إلى المغرب، ومن المغرب ينطلق نحو البلدان الأوروبية، مما سيُنهي الاعتماد الكبير على روسيا في قطاع الغاز. واعتبرت الصحيفة الهندية المذكورة، أن هذا الحل يُعتبر من الحلول الناجعة، التي يجدر على أوروبا السير في اتجاهها ودعمها بقوة لإسراع إخراج المشروع إلى الوجود، خاصة في ظل مؤشرات أخرى سلبية تنضاف إلى الصراع مع روسيا.