أصبح المغرب هو البلد الوحيد في منطقة شمال إفريقيا الذي ينخرط عمليا في مشروع "الحزام والطريق" الصينية، وذلك بعد توقيع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونائب رئيس لجنة التنمية والإصلاح الصيني، نينغ جي تشه، يوم الأربعاء الماضي، اتفاقية التنفيذ المشترك للمبادرة، وهو الأمر الذي تتوقع بيكين منه الحصول منفذ مباشر على البحر الأبيض المتوسط وسيُمكنها من ربط مصالحها ما بين أوروبا وإفريقيا. ووفق تقرير لصحيفة South China Morning Post فإن 5 دول من شمال إفريقيا وقعت على مبادرة "الحزام والطريق" وهي مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، لكن هذا الأخير هو أول من التزم بخطة التنفيذ التي توضح تفاصيل التعاون والمشاريع التي سيجري إنشاؤها بشراكة مع الصين، وأيضا الجداول الزمنية لكل مشروع، مبرزا أن الأمر يتعلق بخطة ثنائية للاستثمارات في مجال الطاقة والفلاحة والصحة والمعاملات المالية. ووفق تشانغ يويو، الأستاذ المشارك في معهد دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة نورث ويست، فإن الصين كانت تتعاون في منطقة شمال إفريقيا مع الدول الغنية بالموارد، لكن المغرب "استثناء"، مبرزا أن بيكين تريد استغلال موقعه الجغرافي ليصبح نقطة عبور للصين بحيث تتمكن من ربط إفريقيا جنوب الصحراء بأوروبا، وهو الأمر الذي جربته الصين سابقا من خلال استقرار استثمارات الشركات الصينية العاملة في مجال تصنيع قطع غيار السيارات بالمملكة، والتي أضحت قادرة على بين منتجاتها إلى أوروبا بتكلفة منخفضة، خالصا إلى أن "المغرب هو الجسر المحتمل للصين في البحر الأبيض المتوسط". أما زينو ليوني، العضو بمعهد "لاو" الصيني في لندن، فأشار إلى أمر آخر هو أن الصين ترغب من خلال شراكتها مع المغرب في "زيادة قوتها الناعمة"، لتتمكن من التعريف بمؤسساتها وشركاتها بشكل أكبر في المنطقة المتوسطية، مبرزا أن جغرافيا المملكة تجعلها دائما مستحبة للقوى العظمى في أي سياق سياسي، لذلك فإن بيكين ستسعى لاختراق دائرة شركاء الرباط الاقتصاديين، رغم اقتناعه بأن دولا أخرى مثل فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية ستظل في خانة الشركاء الأهم بالنسبة للمغرب. وتهدف الاتفاقية الموقعة بين المغرب والصين، وفق الخارجية المغربية، إلى تعزيز الولوج إلى التمويل الصيني الذي توفره مبادرة الحزام والطريق لإنجاز مشاريع كبرى في المغرب أو تسهيل المبادلات التجارية، وإقامة مشاريع مشتركة في مختلف المجالات مثل الحظائر الصناعية والطاقات، بما في ذلك الطاقات المتجددة، إلى جانب التعاون في البحث والتنمية في مجالات التكنولوجيا والطاقة والزراعة وغيرها، وكذا التعاون التكنولوجي والتقني، فضلا عن التكوين المهني.