رغم أن المغرب يُعتبر من بين البلدان القليلة في العالم التي حققت إلى حد الآن نجاحا مهما في حملة التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد، بتطعيم أزيد من 4 ملايين شخص، إلا أن هذه الحملة أصبحت الآن أمام أفق غامض، في ظل التقلبات والتطورات التي تحدث بين الحين والأخر بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19. وأثبتت تطورات الأسابيع الأخيرة بشأن اللقاحات، أن المغرب ليس بمعزل عن التأثر بما يجري في العالم، ومن أبرز التأثيرات التي ألقت بضلالها على حملة التلقيح الوطنية، هو التأخر الكبير الذي حدث في مارس وأبريل الجاري بشأن وصول شحنات جديدة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. قرار معهد السيروم الهندي معهد السيروم الهندي الذي كان هو المزود الرئيسي للمغرب بأكبر الشحنات من لقاح أسترازينيكا أكسفورد، بعدد 7 ملايين جرعة، أعلن منذ أسابيع أنه سيوقف إمداد دول العالم بشحنات جديدة من لقاح كورونا إلى غاية ماي المقبل، بهدف التركيز على توفير الجرعات الكافية لحملة التلقيح المحلية في الهند، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لإصابات كورونا داخل البلاد. وكان لهذا القرار من معهد السيروم الهندي، تأثير مباشر على المغرب، حيث تباطأت بعدها حملة التلقيح في المغرب، خاصة أن الصين لم توفر للمملكة شحنات كبيرة مثل معهد السيروم، حيث حصل المغرب في 3 شحنات قادمة من الصين على مليون ونصف جرعة فقط، بمعدل 500 ألف جرعة في كل شحنة. ولولا حصول المغرب في الأيام القليلة الماضية على شحنة بعدد 300 ألف جرعة من اللقاح، في إطار برنامج الأممالمتحدة "كوفاكس" لتوفير اللقاح للبلدان الفقيرة والسائرة في طريق النمو، كان سيُجبر على إيقاف حملة التلقيح في انتظار شحنات جديدة. الترخيص للقاح "مشكوك فيه" دفع تأخر وصول شحنات جديدة من اللقاحات من الهندوالصين، بالسلطات الصحية المغربية، للترخيص باستعمال لقاحات جديدة في حملة التلقيح الوطنية، فتمت المصادقة على استخدام لقاح "جونسون آن جونسون " الأمريكي، ولقاح سبوتنيك في الروسي، لكن لم يحص المغرب لحد الآن على أي شحنة من هاذين اللقاحين إلى حد الآن. المثير في الأمر، وفي ظل التقلبات والتطورات التي تحصل بشأن اللقاحات، تفاجأ العالم في اليومين الماضين بإعلان هيئة الغذاء والدواء الأمريكية بتعليق استخدام لقاح جونسون آند جونسون داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد ظهور أعراض لتخثر الدم في 6 حالات تلقت هذا اللقاح. ودفع هذا الاكتشاف "الصادم" لجهود العالم لتجاوز وباء كورونا، إلى إعلان دول مثل جنوب إفريقيا، بتعليق استعمال لقاح جونسون آن جونسون، كما أعلنت إيطاليا عن تعليق توزيع هذا اللقاح، الأمر الذي يرفع من الشكوك حول سلامة هذا اللقاح. وتضع هذه الشكوك حول لقاح جونسون آند جونسون، السلطات الصحية المغربية في مأزق، هل ستواصل مساعيها للحصول على شحنات من هذا اللقاح، أم ستوقف أي مبادرة لجلب هذا اللقاح إلى المغرب رغم الترخيص مؤخرا باستعماله. غموض مستقبل "أسترزينيكا" رغم أن المغرب لن يتوصل قريبا بأي شحنة من لقاح أسترازينيكا-أكسفورد، في ظل قرار معهد السيروم الهندي، إلا أن التطورات المرتبطة بهذا اللقاح، قد تضع السلطات الصحية المغربية في مأزق أمام المواطنين، بعد تزايد الشكوك حول فعاليته وتسجيل حالات للوفاة بعد تلقي هذا اللقاح في أوروبا ودول أخرى. ومما يزيد من الغموض حول مستقبل اسخدام لقاح أسترازينيكا، هو أن عدد من البلدان قررت تعليق استخدام هذا اللقاح رغم تطمينات منظمة الصحة العالمية والهيئة الأوروبية للدواء، في حين قررت دول أخرى، وعلى رأسها الدانمارك، التخلي بشكل نهائي عن أي استخدام لأسترازينيكا ضد فيروس كورونا داخل ترابها، لوجود تأثيرات جانبية "نادرة لكنها خطيرة". ويُعتبر لقاح أسترازينيكا- أكسفورد، هو عماد حملة التلقيح في المغرب، غير أن التطورات المرتبطة به، قد تفرض على المغرب إيقاف استخدام هذا اللقاح، وهو الأمر الذي سيكون له انعكاسات على حملة التلقيح داخل المغرب.