تعيش الجزائر على وقع مخاوف من حدوث كارثة مالية جراء اتجاه الحكومة لطباعة المزيد من النقود وإدراج أوراق جديدة بقيمة مرتفعة للتداول، وذلك في ظل أزمة تراجع عائدات النفط التي تعيشها واضطرار برلمانها لتبني ميزانية بقيمة عجز هي الأكبر في تاريخ الجمهورية، وهو الأمر الذي دق سياسيون جزائريون بخصوصه ناقوس الخطر باعتباره يعني بشكل مباشر نسف القدرة الشرائية للمواطنين. ونشرت الجريدة الرسمية الجزائرية بتاريخ 20 يناير 2021 نصا قانونيا للبنك المركزي يقضي بطباعة ورقة نقدية جديدة بقيمة عالية، ويتعلق الأمر بورقة من فئة 2000 دينار سيجري طرحها للتداول دون سحب الأوراق القديمة من السوق، وهو الأمر الذي حذر منه رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرزاق مقري، الذي أورد منتصف الأسبوع الماضي أن الحكومة عمدت إلى طباعة أوراق نقدية جديدة دون إخبار الراي العام. وقال المقري إن الجزائر تتجه إلى "أزمة مالية خطيرة بعدما لم تقدر على إنتاج حصتها ضمن اتفاق أوبيك"، في إشارة إلى حصتها النفطية، مضيفا أنها "تلجأ الآن لطباعة النقود دون علم الرأي العام"، ليخلص إلى أن "تعويم الدينار والإصدار النقدي يؤديان إلى تدني القدرة الشرائية. واتجهت الحكومة الجزائرية إلى هذا الخيار بعد تراجع عائداتها من النفط والغاز بسبب التراجع الحاد في أسعاره على المستوى العالمي نتيجة تبعات جائحة كورونا من جهة وعجزها على إنتاج حصصها اليومية المتفق عليها داخل منظمة "أوبيك"، وما يزيد الأمر سوءا هو الاعتماد الكبير وشبه الكلي على المنتجات الطاقية ضمن إجمالي الصادرات، ففي 2020 صدَّرت الجزائر ما تقل قيمته عن 24 مليار دولار منها أكثر من 21 مليار دولار من النفط والغاز وفق أرقام وزارة التجارة. وأدى هذا الوضع إلى حدوث نزيف في احتياطي العملة الصعبة والذي وصل مع نهاية العام الماضي إلى ما دون 50 مليار دولار، في الوقت الذي أعلن فيه الديوان الوطني للإحصاء أن الجزائر أنهت السنة المنصرمة بنسبة تضخم بلغت 2,4 في المائة مقارنة بالعام السابق، وشمل الارتفاع في الأسعار المواد الغذائية والمنتجات المُصنعة. وكان البرلمان الجزائري قد صادق على مشروع قانون الموازنة لسنة 2021 بتبني عجز قياسي يصل إلى تريليونين و700 مليار دينار، أي 22 مليار دولار أمريكي، وذلك بعدما كانت وزارة التجارة قد أقرت أن عجز الميزان التجاري برسم سنة 2020 قد بلغ 10,6 مليارات دولار في ظل انخفاض الصادرات بنسبة الثلث حيث لم تتجاوز قيمتها 23,8 مليارات دولار مقابل استيراد ما قيمته 34,4 مليارات دولار. وكان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الجزائري، قد دق ناقوس الخطر مؤخرا بخصوص هذه الوضعية متوقعا "إفلاس" البلاد سريعا، وذلك استنادا إلى تزايد معدلات البطالة وتقهقر مستوى المعيشة والقدرة الشرائية للمواطنين، بالإضافة إلى الهبوط الحاد في قيمة الدينار، وهو ما أدى إلى "استفحال الفقر في أوساط عريضة من المجتمع"، على حد توصيفه. وقال الحزب في بيان أصدره الأسبوع الماضي إن الحكومة الجزائرية "عاجزة عن إيقاف التدحرج نحو جهنم، فاحتياطاتنا النفطية تُستنفذ وحجم الصادرات في تقلص دائم، كما أن العجز في الميزانية يتضخم بوتيرة متسارعة، واحتياطات الصرف تذوب بسرعة، ما يضع البلاد على شفا حفرة من الإفلاس".