هددت إسبانيا الجزائر باللجوء إلى التحكيم الدولي في خلافهما حول مراجعة عقود توريد الغاز الجزائري إلى شركة "ناتيرجي" الإسبانية. وفي الوقت الذي تطالب إسبانيا بمراجعة أسعار الغاز الجزائري بعد تراجع الأسعار في السوق الدولي أو إلغاء العقود نهائيا، ترفض شركة "سونطراك" المقترح الإسباني، وترغب في الإبقاء على الأسعار المتفق عليها مسبقا. يأتي ذلك، في الوقت الذي تتجه فيه أزمة الغاز بين الجزائر وإسبانيا إلى مزيد من التصعيد بعد أن هددت مدريد باللجوء إلى التحكيم الدولي لمراجعة استثنائية لعقود توريد الغاز إلى البلد الأوربي. وترغب إسبانيا في تخفيض وارداتها من الغاز الجزائري وتفضيل الغاز الأمريكي أو الروسي بسبب تراجع الأسعار، وهو ما ترفضه الجزائر التي تصدر غازها إلى إسبانيا منذ ثلاثة عقود وتوظف ذلك كورقة ضغط سياسية على البلد الأوربي من بينها قضية الصحراء والمهاجرين والعديد من القضايا الخلافية للجزائر داخل أورقة الاتحاد الأوروبية. في هذا السياق، أشارت صحيفة "الشروق" الجزائرية، الخميس، إلى أن شركة "ناتيرجي" الإسبانية، هددت بشكل علني شركة "سوناطراك" ومعها الجزائر، باللجوء للتحكيم الدولي، لمراجعة استثنائية لعقود توريد الغاز أو فسخ العقود، بسبب الأزمة الاقتصادية والصحية لفيروس "كورونا" التي أثرت على رقم أعمال الشركة. وأفادت وسائل إعلام إسبانية أن الزمة الصحية لفيروس "كورونا" تسببت في تراجع أسعار الغاز الطبيعي المسال (GNL) (يصل البلاد بواسطة ناقلات غاز عبر البحر)، بنسب تتراوح ما بين 20 و30%، ما دفع شركة ناتيرجي إلى طلب تخفيض أسعار الغاز الطبيعي الذي يصل إسبانيا عبر أنبوبين ينطلق أحدهما من المغرب، حيث تزود "سونطراك" الجزائرية إسبانيا بنحو 9 مليارات متر مكعب سنويا. وصعدت إسبانيا من لهجتها ضد الجزائر بشكل مباشر في ال 29 أبريل الماضي، خلال تقديم الحصيلة المالية لشركة ناتيرجي المعروفة سابقا ب"غاز ناتورال فينوسا"، حيث تمضي لتكليف 3 مكاتب للمحاماة متخصصة في التحكيم الدولي لتولي قضية تحكيم ضد الجزائر في باريس أو جنيف لتخفيض أسعار الغاز وهي "ثري كرونز-Three Crowns"، و"كينغ سبالدينغ-King & Spalding"، والمكتب الثالث هو "هاربرت سميث-Herbert Smith". حسب وسائل إعلامية دولية. وتشير ذات المصادر إلى أن شركة "ناتيرجي" الإسبانية ترغب في تخفيض سعر مليون وحدة حرارية بريطانية (BTU) ما دون سبعة دولارات، وهو ما ترفضه الجزائر بشكل قطعي. هذا الخلاف، دفع إسبانيا إلى اللجوء لاستيراد الغاز الأمريكي والروسي بحكم سعره المنخفض، وتقليص وارداتها من الغاز الجزائري، وهو ما سلطت الصحافة الإسبانية الضوء عليه حينما كتبت جريدة "الكونفيدينسيال" الإسبانية، أن "مدريد تتخلى عن حنفية الغاز الجزائري بسبب الأسعار الرخيصة للغاز الأمريكي". وتورد الجزائري غازها إلى إسبانيا منذ ثلاثة عقود، عبر أنبوبين واحد يمر على الأراضي المغربية عبر مضيق جبل طارق والثاني يمتد من غرب الجزائر إلى شواطئ "ألميرية" جنوب إسبانيا، حيث كان الغز بالنسبة للجزائر ورقة ضغط كبيرة وله تأثير جيوسياسي في علاقته مع إسبانيا والاتحاد الأوربي. غير أن توظيف الجزائر للورقة التقليدية الممثلة في الطاقة للضغط على الدول الأوربية بدأت تتقلص بشكل كبير بعد انهيار الزسعار في الأسواق الدولية وبروز إسم لولايات المتحةد الزمريكية وروسيا كلاعبين كبيرين في السوق الدولية بتوريدهما للغاز عبر السفن عوض الأنابيب وهو جعل أسعاره تنخفض بشكل كبير. تداعيات هذه التطورات ظهرت بشكل كبير شهار مارس الماضي، حينما بدأت الشركات الإسبانية تستورد الغاز من الولاياتالمتحدة وروسيا عبر السفن لأسعاره الرخيصة، وتعد تكلفة نقله أقل بكثير من الغاز المستورد من الجزائر عبر الأنابيب، وهو ما جعل هامش الربح أكبر عد الشركات الرسبانية التي بدأت تتحلص من التبعية للجزائر طاقيا. ويرى مراقبون أن ما يحدث بين إسبانيا والجزائر مرشح لأن يصبح علاقة متوثرة مع العديد من الدول التي تصدر لهم الجزائر غازها مثل إيطاليا، مما سيجعل استعمال الجزائر للورقة الطاقية في الضغوط السياسية على أوروبا ستصبح لاغية على المدى المتوسط بحكم التغييرات في السوق الدولية للطاقة.