استغل حزب "فوكس" اليميني المتطرف، واقعة اقتحام أكثر من 150 مهاجرا غير نظامي من دول إفريقيا جنوب الصحرا، لسياج مدينة سبتةالمحتلة يوم 30 غشت الماضي، ليعيد إحياء فكرة فصل مدينتي سبتة ومليلية عن باقي التراب المغربي بواسطة أسوار من الإسمنت المسلح، لكن هذه المرة استطاع إيصال فكرته إلى البرلمان. وأعلن الناطق الرسمي باسم الفريق البرلماني لحزب "فوكس"، إيفان إسبينوزا دي لوس مونتيروس، عن تقديم نواب الحزب لمقترح من أجل "إيقاف غزو المهاجرين للأراضي الإسبانية عبر المغرب"، في إشارة إلى ثغري سبتة ومليلية المحتلين، يقضي ببناء جدار من الإسمنت المسلح مع إرسال الجيش إلى الحدود وتعزيز توزيد عناصر الأمن بالأسلحة. واعتبر الحزب أن هذه التدابير ستكون "ذات طابع وقائي، لمنع تدفق المزيد من المهاجرين"، لكنه أيضا حاول إعطاءها صبغة "إنسانية" بالحديث عن كونها تهدف لحماية المهاجرين من أذية أنفسهم حين يحاولون اقتحام السياج المليء بالأسلاك الشائكة والشفرات الحادة. وحسب مقترح الحزب فإن المغرب لن يكون له أي علاقة بتمويل المشروع، الذي يرى أن على الحكومة الإسبانية تحمل تكلفته بالإضافة إلى بحث سبل تمويله من الاتحاد الأوروبي، معتبرا إياه وسيلة لحماية سكان سبتة ومليلية من "هجمات المهاجرين"، الذين اتهمهم مؤخرا بنقل الأمراض إلى المدينتين. ولا يبدو أن لهذا المقترح أي أمل بأن ينزل على أرض الواقع عبر البرلمان الإسباني، حيث أعلن حزب "سيودادانوس" رسميا أنه لن يدعمه، فيما استهجنته الناطقة باسم "الحزب الديموقراطي الأوروبي الكتلاني" واعتبرت أنه لا يستحق حتى التعليق عليه، أما الحزب الاشتراكي العمالي صاحب أكبر كتلة برلمانية، فيعلن دائما عن رفضه للسياسات المتطرفة لحزب "فوكس" خاصة في مجال الهجرة. وكان حزب "فوكس" قد تمكن من دخول البرلمان لأول مرة في الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي جرت شهر أبريل الماضي، حيث استطاع الوصول إلى 24 مقعدا بعد حصول مرشحيه على أزيد من 10 في المائة من الأصوات، ما بوأه المرتبة الخامسة. ويحاول الحزب اليميني المتطرف استغلال وجوده في البرلمان لتمرير سياساته المتطرفة في مجال الهجرة، لكنه كان قد أعلن عن فكرة إحاطة سبتة ومليلية بجدار من الإسمنت المسلح أواخر العام الماضي، تزامنا مع تقديم حكومة بيدرو سانشيز لمشروع تعزيز مراقبة الحدود وأنسنتها، وقال "فوكس" حينها إنه يريد تطبيق "النموذج الإسرائيلي في السيطرة على الحدود" في إشارة إلى جدار الفصل العنصري. وتسببت عملية الاقتحام الجماعي السياج الحدودي لمدينة سبتة الشهر الماضي، والتي كانت الأكبر من نوعها منذ أكثر من سنة، في ضغط كبير على الحكومة الإسبانية التي توجه وزير داخليتها فرناندو غراندي مارلاسكا إلى الرباط، الأسبوع الماضي، حيث التقى نظيره المغربي عبد الوافي الفتيت لمناقشة موضوع التصدي المشترك للهجرة غير النظامية مجددا.