الأقوال الندية في بيان حقوق الراعي والرعية كتاب لمؤلفه: عمر أبي العصماء التمسماني المغربي. تقرير إخباري: كتاب جديد نزل إلى السوق الثقافي، وهو في متناول الجميع، كتاب من مائة وسبعين صفحة، رفع فيها المؤلف الستار على حقوق لا يكاد الناس يعرفونها، إنها حقوق متبادلة بين الحاكم والمحكوم، حقوق للمحكوم في حق الحاكم، وحقوق للحاكم في حق المحكوم. كتاب مشحون بالأدلة النقلية من الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة، ومعزز بأقوال أهل العلم المعاصرين. هذا الكتاب الذي بين أيدينا حلل فيه المؤلف مسألة الطاعة لولاة الأمور في حدودها المشروعة، ومسألة الخروج على الحكام في ضوء ما يقع من الأحداث. وكما لا يخفى على الجميع أن العصر الآن – وفي ظل ما يكتنفه من تغييرات دينية وسياسية فإن الناس أحوج إلى مثل هذه المؤلفات أكثر من ذي قبل، نظرا لتشعب الأفكار وتطور مصادر تنميتها، التي إما أن تؤدي إلى مصلحة راجحة، أو مفسدة كبيرة قائمة، وحُلول هذا الكتاب في وقته ليبين للناس ما اختلفوا فيه من آراء أغلبها لا يصدر عن دراسة علمية معمقة، وإنما كان نتاجا لضغوطات واقعة أثرت في نفسية الفرد، حتى قام بعضهم يعبر بما يراه مناسبا حسب قوة الضغط، دون أن يهتم بنتائج التعبير اللفظي أو المعنوي. ومما جاء في هذا الكتاب قول المؤلف: ” اِعلم أخي المسلم، أن حقوق الراعي منصوص عليها بالوحي- كتابا وسنة- ، وأن مخالفة ذلك معصية لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم- ، واعلم أنه لا يمكن تحقيق عبادة الله وتوحيده إلا في ظل الأمن والأمان، والأمن لا يمكن أن يسود بلدا أو دولة إلا إذا كانت تحت رعاية من ولاه الله رعايتها. واعلم أن توليتَه لبَيعةٌ واجبة، ونصوص مُتَّبَعَة واجبٌ تحقيقُها، فرض عين على كل من يعيش تحت رعي الراعي المبايع له، ومن مات بغير بيعة مات ميتة جاهلية”اه وقال أيضا: ” لقد جاء تثبيت الحقوق بين العباد أمراً محتوما لا تغادره شريعة ولا عُرْف قديما وحديثا، والعلاقة بين حقوق الحاكم وحقوق المحكوم أمر تعاقدت عليه العصور والأجيال من أول يوم قامت فيه الدولة المسلمة. فما يجب على الراعي هو حق للرعية عليه، وما يجب على الرعية هو حق للراعي عليها، والحق المشترك الذي بُنيت عليه المصلحة العامة في هذا المجال هو حق العدل وحق الطاعة: من حق الرعية أن يعدل فيها الراعي، ومن حق الراعي أن تطيعه الرعية ما لم يأمر بمعصية؛ فالعدل حق للرعية وواجب على الراعي، أما الطاعة فهي واجبةٌ على الرعية وحقٌّ للراعي”اه. ويقول في مكان آخر من الكتاب: ” الدين الإسلامي- كما يعلم الجميع- ليس دين زهد وصلاة ومسجد فحسب، بل الإسلام منهج حياة، إذ تدخل فيه الأخلاق والسياسات والمعاملات والسلوك وكل التصرفات، وكل شيء فيه مرتبط بالوحي- قال الله وقال رسوله وقال الصحابة-، لذلك فإن حفظ الدين ليس بيد ولاة الأمور فحسب، بل هم مشتركون مع أهل العلم بتقسيم المسئوليات في ذلك بيانا ودعوة ونصرة. فالدين كله؛ بأحكامه وأصوله، يرجع إلى أهل العلم تبيانا وتفصيلا، وإلى ولاة الأمور إظهارا وتحقيقا، وأما مسألة السياسة: فسواء فصَلوها عن الدين أو بقيت من ضمن أحكام الدين، فأمرُها موكل- أيضا- إلى ولاة الأمر من جهة التسييس، وإلى أهل العلم من جهة الموافقة الشرعية أو المخالفة، وهذا داخل في عموم قوله – سبحانه-: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) -{المائدة}-، وقوله- تعالى أيضا-: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً (83) -{النساء}- “اه الكتاب حقيقة يحتاج إليه كل من يبحث عن الحق، فلا تفوتوا الفرصة، وهو جدير بالمطالعة والمراجعة الثقافية، ويستفاد منه كثيرا.