إنها كريمة بنت الحادية عشر ربيعاً,تنحدر من أربعاء تاوريرت استقدمتها إحدى العائلات ببلدية ميضار للقيام بأشغال شاقة تستعصي على الكبار القيام بها .تحكي لنا كريمة عن اليوم الذي دق باب بيتهم بمنطقة أربعاء تاوريرت شخصان امرأة ورجل ينحدران من بلدية ميضار يبحثان عن صبي أو صبية يشتغل كراعي غنم لديهم مقابل أجر سوف لن تعرف عنه كريمة أي شيء.في البداية كانت رغبة الشخصين في أحد إخوة كريمة الذكور ,لكنه رفض بدعوى أنه مازال يواصل تعليمه الدراسي .وكانت لعائلة كريمة الرأي بالدفع بالفتاة الضعيفة الأمية التي لم تلج يوماً مدرسة ولم تمسك يوما قلماً لترافق الشخصين لمقر سكناهم ,حيث ستعيش شهوراً عصيبة وجحيم لا يطاق واستغلال بشع سلب منها كل شيء وحرمها من عيش طفولتها البريئة ,وبقيت رهينة عائلة تمارس عليها أبشع صور العذاب والتنكيل والسب والشتم ,ضاربة كل ما يتعلق بجنسها وقدرتها وبرائتها وعقوبات الإستغلال البشع للأطفال جاهلة أومتجاهلة عرض الحائط. تحكي لنا كريمة والدمع يتصبب من عينيها الخضراوتين ,وحالتها الجسمية الهزيلة وملابسها الرثة عن حياتها التي انقلبت رأساً على عقب بمجرد دخولها المنزل ” الزنزانة” في ضيافة العجوز الذي تناديه بعمي الحاج وامرأته الحديدية التي تعتبر الآمر الناهي بالبيت حسب قول كريمة .”فالمرأة هي التي جلبتني من بيت والداي ولم تعترض علي لكوني طفلة صغيرة ” تقول كريمة ,قبل أن تضيف ” والداي وخاصة أمي رحبت بذلك وباعتني لها مقابل دريهمات تتوصل بها مباشرة من طرف مشغلتي دون أن أطلع عن ذلك”.يوم كريمة يبدأ باكرا قبل طلوع الشمس بإخراج قطيع الأغنام الكبير للرعي في أماكن بعيدة وخطيرة ,حيث تقول “أخرج باكراً لأرعى الغنم دون أن تسقط في بطني لقمة واحدة ,وأذهب بعيداً أطاوع الأماكن التي يمكن للماشية أن تشبع فيها فيما أنا أظل جائعة ,حزينة وحريصة على مراقبة القطيع لألا يضيع حمل واحد منه خوفا مني لعذاب ينتظرني في البيت “الزنزانة”. الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً , من يوم الأحد قررت البحث عن كريمة التي أصبحت على ألسن الناس صباح مساء ,وجدتها في مكان بعيد نائي ,تلعب مع أطفال ذكور الكرة وفي نفس الوقت تراقب قطيع الغنم ,بدأت أقترب لأنادي “كريمة” لتلتفت وتجدني واقفاً على قطيعها لتقترب مني وقد بدى عليها الحزن جراء الإعتداءات التي تتعرض لها من طرف الأطفال الصغار والمتشردين .وبعد أن اطمأنت لي ,بدأت تحكي لي قصة الحرمان والإستغلال التي تعيشها إلى الآن ,وهاأنا سأكمل لكم الباقي نقلاً لأقوالها لا غير. كريمة تتحدث :” لا أعود للبيت حتى يشبع القطيع فهذه أوامر صارمة من مشغلتي ” . أقاطعها ” ومتى يشبع القطيع ؟” تضحك كريمة بمرارة لتستأنف الحديث “عندما أعود بالقطيع في منتصف النهار للغذاء أجد أشغالاً شاقة تنتظرني من تنظيف حظيرة الماشية ,إلى نقل التبن والخشاش من أماكن بعيدة إلى القيام بأشغال البيت كلها تحت الضرب والتهديد ,لم أكن أعرف أن أشغال البيت سأقوم بها أيضاً؟”تتسائل كريمة بحرقة وبصوت بح من كثرة البكاء والصراخ .قبل أن تضيف ” بعد أن أقوم بكل الأشغال أتغذى وأخرج القطيع مرة ثانية في الشمس الحارقة وإلى أماكن نائية خالية من البشر “.وهنا تبدأ فصولاً أخرى من المعاناة تسردها كريمة قائلة ” أعاني من الحكرة داخل البيت وخارجه ,أتعرض لتحرشات عدة من طرف المتشردين والأطفال والشباب, أعرض نفسي لأخطار كثيرة جراء مروري على أماكنة تعج بالمتسكعين لأنها هي الملاذ الجيد للقطيع “. “عندما يأتي المساء بعد آذان المغرب ,أتوجه بالقطيع نحو المنزل لتبدأ الإهانات والممارسات التي عقدت من نفسيتي ,حتى بدأت تظهر علي ملامح الإضطرابات النفسية التي أعاني منها وتجعلني أتخوف من أي شيء حتى من لاشيء” تقول كريمة .سألتها عن المبلغ المالي الذي تتقاضاه من المرأة المشغلة لتجيبني ” لا أعرف ,أمي تتوصل بالمال كل شهر وأنا لا أتوصل بشيء ولا أعرف حتى قيمة المبلغ”.أسئلها مرة ثانية ” كريمة ماذا تريدين ؟.” لتجيبني بجواب جمد الدم في عروقي وتملكني شعور بالبكاء وهي تقول لي ” بغيت نقراا صافي”. كريمة هي ضحية مجتمع أمي ,ضحية بيئة ملوثة فكريا غارقة في الهرولة نحو الماديات ضاربة الكرامة والطفولة والبراءة وحقوق الطفل وحقوق الإنسان ,عرض الحائط .كريمة هي ضحية اللامسؤولية التي أبانت عليها أسرتها وعن الإستغلال البشغ للمشغل.كريمة هي ضحية وجه من أوجه الفترة الجاهلية التي ما زالت تتقنع بها مجتمعاتنا.كريمة هي البراءة هي الأمل ,كريمة هي الإنسان. صرخة كريمة يجب أن تصل لأصحاب القرار ,صرخة كريمة يجب أن تسمع أن تحل . إن الإستغلال البشع الذي تعرضت له كريمة ومازالت ,ينم عن رخوان قد أسدل ستاره عن الجهات المعنية حكومة ومجتمع مدني وكل أطياف القوى الحية .فها هي كريمة تستنجدكم ,قبل أن نرى لا قدر الله أمينة أخرى . لمد يد المساعدة لكريمة :0699766544