كانت المقاهي فيما سبق هي احد وسائل التواصل الاجتماعي بين الناس للتعرف على احوال البلاد او المدينة في مناقشاتهم وتخصصت بعض المقاهي حسب موقعها بانها مقاهي ادبية يجلس فيها الادباء للتشاور والنقاش، وكان القهوجي او النادل مهنيون يرتبطون مع غيرهم بهذا المكان، وقد ارتبطت المقهى بالنقاش وبلعب مختلف الالعاب، وكذا تتبع مختلف المقابلات على التلفاز، كما خصصت مقاهي اخرى بكونها مقاهي يجلس فيها فئة معينة من الزوار من اصحاب مهنة معينة من الناس من اصحاب مهنة واحدة مثل مقهى الصيادين، ومقاهي الفنانين، ومقاهي للرياضيين، ومقاهي لارباب النقل… وغيرهم من اصحاب المهن الواحدة، وفي منطقة ما هناك مقاهي تتحول الى صالونات ادبية تستضيف فيه اشخاص بارزون او مهتمون لتبادل المعارف، والحوارات، وغالبا ماترتبط الصالونات بالحركات الادبية والفلسفية والفكرية، والتي لا يجدون مكانها في المقاهي الشعبية التي يتوافد عليها بعض الاشخاص لايمكن للكاتب او الروائي ان يدافع عن نصه بالحجة والمنطق والبرهان لضعف مستوى هؤلاء وخلقهم للنميمة والعصى في العجلة في الاوساط الادبية، وهؤلاء يفلحون في هتك اعراض الناس والتداول في الصراعات الشخصية، والسخرية الدنيئة،وما اكثرهم من يعلق على النسوة اللواتي يمرن امام المقهى ويبدأ في قياس طولهن وعرضهن وشعرهن ورقم حذائهن ويعلق على طريقة مشيهن وخطواتهن ولم ينجوا عن التعليق حتى ذلك الدلو الذي تحملهن في يدهن وهن متجهات او قادمات من حمام عمومي، وينتقل نمام اخر بجانب الاول التجني على ازواجهم والاسائة اليهم والتعدي ونشر الشر على طريق السفهاء والجبناء، وبتحية حارة وبقبلات حارة يستقبل النمام احد المنتخبين ويطلب منه مجالسته وعندما يعتذر وينصرف يبدأ السب والقذف في شخصه وفي هتك اعراض عائلته وزملائه، وينتقلون الى التحدث وانتقاد ذلك العرس الذين حضروه يوم امس وكانوا من المدعوين الذين امتلأت بطونهم بما لذ من الخيرات، والامثلة كثيرة. وقد يضن ضانا ان الوقيعة في اعراض الناس انما تكون في الغيبة او النميمة فقط، بل هناك اعظم من ذلك، وهو القذف اي:القذف بالزنى او باللواط، وقد تساهل بعض بذلك، وما اسهل الكلمات وان لم تكن صريحة بهذا، فيقال فلان صاحب السهرات، وقد يصرح بالقذف، بل ان الشارع لم يشترط في غير القذف ما اشترطته فيه من التحري والدقة فيما رمى به. النميمة ليس داء بحديث عهد في اغلب المجتمعات، بل اصبح ظاهرة مقلقة بين ذوي القربى والاصحاب، وهناك تشتد الخطورة لانها تسيئ الى النسيج الاجتماعي. واذا تحدثنا عن الحلول الوقائية التي تكون ربما تكون نهجا لعلاج يسهم في الوصول الى نسبة عالية من درء هذا الداء. اعتقد ان المجتمع بحاجة إلى التذكير من عواقب هذا الداء الكبير، وهذا لابد من الاتيان بخصائص تأخذ الطابع الديني والاجتماعي، وهذا ان يأتي من مستشارين شرعيين واجتماعيين ونفسيين، يسهمون في تقديم مالديهم من افكار وحلول ذات طابع محبب لقبول ذلك على نفسيات ممن ابتلى بهذا الداء. المقهى ستغلق ابوابها اتجه النادل امام النمام وطلب منه تأدية ثمن كأس القهوة الذي شربه، فاخرج النمام من جيبه عشرة دراهم وانصرف الى حال سبيله وهو يحمل على رقبته اربعون سيئة التي اشتراها بثمن فنجان قهوة.