يقتربُ المغرب من سقفِ 100 ألف إصابة بفيروس "كورونا"، وهو تقدير لم يكن مطروحاً لدى الجهات الرّسمية في البداية، ما يدفع السّلطات الصّحية والعمومية إلى تبنّي خيارات جديدة للتّعامل مع الجائحة التي تواصلُ انتشارها بشكلٍ سريع وسطَ المغاربة. ويشهدُ المغرب موجة غير مسبوقة للإصابة بوباء "كوفيد-19″، الذي ما زالَ يحيّرُ الأوساطَ الرّسمية وغير الرّسمية المغربية؛ وذلكَ على الرّغم من الإجراءات الاحترازية والوقائية المشدّدة التي أقرّتها سلطات البلاد. ومنذ أسابيع، يسجّل المغرب أرقاماً "قياسية" في عدد الإصابات المؤكّدة؛ إذ أصبحت تتجاوزُ معدّل الألفين إصابة خلال اليوم الواحد، كما يعرفُ معدّلُ الإماتة بسبب الفيروس ارتفاعاً غير مسبوق، وهو ما ينذر بدخول المملكة في معركة طويلة "الأمد" للتّعافي التّام من تداعيات الفيروس. وكشفت معطيات وزارة الصحة، مساء أمس الخميس، تسجيل 1889 إصابة مؤكدة جديدة بفيروس كورونا المستجد خلال ال24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين بالفيروس إلى 79767 حالة في المغرب. وقال الباحث في السّياسات العمومية كريم عايش إنّ "اقتراب المغرب من معدّل 100 ألف إصابة يفرضُ طرح تساؤلات بشأن مستوى تدبير الدولة أوّلا، ممثلة في الحكومة والقطاعات الإدارية التي تبنت مقاربات منسجمة في أول أيام ظهور الوباء اتسمت بالحزم والجدية من خلال حجر شامل وتدابير صارمة للوقاية، كما هو معمول به في جل دول العالم". وأضاف الباحث ذاته أنّ "هذا البرتوكول الصّحي هو نفسه المعتمد في الصّين"، مبرزاً أنّه "مباشرة بعد رفع الحجر الصحي صارت الحالات في التكاثر، وبرزت البؤر بمختلف تسمياتها، إلى حين شمل الفيروس كل المناطق، ليكون غشت شهر انطلاقة الأرقام التصاعدية ولتتسم المقاربة المؤسساتية بالتحسيس ومراقبة أماكن التجمعات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية مع اللجوء إلى الإغلاقات والعمل عن بعد". وأردف المتحدّث أنّ "حالة عدم اللامبالاة والاستهتار بإجراءات الوقاية صارت ضاربة أطنابها ومتوغلة في السلوك اليومي للمواطن؛ فقد تحوّلت الكمامة الطبية، على سبيل المثال، إلى إحدى تمظهرات التمرد المجتمعي ضد القانون ومؤسسات الدولة من طرف أسلوب جديد في الاحتجاج الصامت". وشدّد عايش على ضرورة فعالية إجراءات المراقبة، وضرورة تغيير الفرق، واعتماد صيغ متنوعة من الحجر الصحي؛ كحظر التنقل الليلي ومحدودية الولوجيات إلى الإدارات والمرافق العمومية، والانتهاء من الورش اللامنتهي لرقمنة الإدارة مع إثبات فعاليته. وفي ما يخصّ الشطر المواكب للإجراءات، قال عايش: "صار لزاما على أجهزة الإعلام والمؤسسات الصحافية أخذ الأمور بجدية أكبر وإبراز مآسي الوباء ومعاناة القطاع الصحي الذي ربما وصل إلى مرحلة الاحتراق المهني وغياب المردودية؛ فبرامج التلفزة والوصلات الإشهارية الإذاعية وبوسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تكون أكثر صدقا وأكثر عمقا وتبليغا، وتعتمد على وجوه لها مصداقيتها ومكانتها في بيوت المغاربة، بدل الاستمرار في نشر ثقافة الابتذال".