يبدو أن الإحساس بخطورة تهريب المخدرات بلغ لدى حكومات دول العالم حدا جعلها تنهض لمحاربته بعدما استشعرت هذه الحكومات حجم المخاطر التي يمكن أن تتمخض عن هذه المعظمة التي باتت مرتبطة بجرائم إرهابية ، لكن ما يتبن لحدود الآن أن هذه الحكومات لم تحقق النتيجة المرجوة على الرغم من الإمكانات الضخمة التي توظفها في مواجهة مافيا المخدرات ، كما أن تبادل المعلومات فيما بين أجهزتها الأمنية لم تعطي أكلها في هذا الشأن وان كانت قد نجحت نسبيا في تفكيك عدد من الشبكات الدولية لتهريب المخدرات . وأمام فشل الحكومات في التصدي لظاهرة تهريب المخدرات التي أضحت تشكل خطرا حقيقيا على اقتصاد الدول وعلى صحة مواطنيها في ظل ارتفاع نسبة المدمنين على هذه المخدرات وبروز أصناف جديدة من المخدرات القوية التي غالبا ما تسبب في هلاك المدمنين عليها ، في ظل ذلك طالبت مؤخرا مسؤولة بريطانية رفيعة المستوى دول العالم الإسراع في تقنين المخدرات لدرء مخاطر الظاهرة ووضع حد لأنشطة تجار المخدرات . وفيما يرى المتتبعون لملف المخدرات أن الخلل الرئيس في هذه المعضلة يكمن في انخراط عدد لا يستهان به من العناصر الأمنية في شبكات لتهريب المخدرات ، تؤكد الاعتقالات التي تطال بين الفينة والأخرى مسؤولين وعناصر تابعة لجهات أمنية إن كان على صعيد المغرب أو على صعيد الجارة الاسبانية أن العلة تكمن في هذه العناصر التي تقوض جميع المجهودات المبذولة لمحاربة المخدرات وتربك جميع الخطط والاستراتيجيات المرسومة لهذا الشأن . على الرغم من الدعم المالي الذي يمنحه الاتحاد الأوربي للمغرب من أجل محاربة المخدرات باعتباره بلدا منتجا للبترول الأخضر ومركزا لتهريبه نحول الجارة الاسبانية ومن ثم نحو باقي الدول الأوروبية ، فان المجهودات التي تبذلها الحكومة المغربية في هذا الشأن تبقى ضعيفة أمام سقف مطالب الاتحاد الأوروبي الذي يشكو من استمرار تدفق الحشيش المغربي إلى أراضيه . لا جدال في كون الإمكانات التي يوظفها المغرب في محاربة المخدرات لا تشكل عائقا في وجه تجار الحشيش وذلك بسبب التواطؤ المفضوح لعناصر أمنية مع شبكات للتهريب ، إذ يبدو أن الاعتقالات التي طالت مسؤولين وعناصر محسوبة على جهات أمنية إبان الحملات التي شنت على تجار المخدرات بمدينتي طنجة والناظور، لم تكن لتضع حدا لأطماع عدد كبير من العناصر الأمنية التي تلعب دورا مهما في مسلسل شبكات تهريب المخدرات ، والأدهى أن ثمة من تخلى عن وظيفته لينخرط في هذه الشبكات ، حيث شهدت مدينة الناظور حالات عدة وإحدى هذه النماذج المعروف ب زريوح الذي كان ينتمي لجهاز القوات المساعدة قبل أن ينتزع بذلته ليلتحق بشبكة لتهريب المخدرات ، ويشار أن الأخير اعتقل منذ سنوات خلت بالجزر الكناري بتهمة التهريب الدولي للمخدرات وحوكم بخمس سنوات سجنا نافذة . في ظل التواطؤ المفضوح للعناصر الأمنية المكلفة بحراسة سواحل إقليمالناظور وجهة الشمال وجنوب الصحراء لا تزال عمليات التهريب من هذه المناطق نحو السواحل الاسبانية متواصلة وان كانت بعض هذه العمليات تبوء بالفشل على مستوى حوض المتوسط عندما تصطدم بدوريات البحرية الفرنسية التي لا ترحم ، يذكر أن الأخيرة أحبطت أواخر شهر نوفمبر المنصرم إحدى عمليات التهريب التي تمت من سواحل الناظور وقد تمكنت من حجز زورقين وكميات من المخدرات واعتقال من كانوا على متنهما ضمنهم شقيق صاحب ” تيتانيك ” كما تمكنت نفس البحرية في عين الفترة من حجز زورق مطاطي وسائقه كان انطلق من الجنوب الاسباني في اتجاه سواحل الناظور، وفي إطار دورياتها المستمرة بالجنوب الاسباني تمكنت البحرية الفرنسية يوم الأحد 4 دجمبر من حجز زورق مطاطي وكميات من المخدرات واعتقال من كانوا على متنه، وبحسب مصادر مطلعة فان الزورق كان يبحر صوب قارب بعرض البحر كان انطلق من سواحل الجنوب الاسباني من اجل تسلم البضاعة التي كانت على متن الزورق غير أن هذه العملية باءت بالفشل لتصادفها مع دورية البحرية الفرنسية ، هذا و تمكن الحرس المدني الاسباني نهاية شهر نوفمبر من حجز يخت كان يحمل أزيد من طنين من المخدرات بعدما انطلق من الميناء الترفيهي لمليلية السليبة حيث متجها صوب ساحل مدينة اليكانتي الاسبانية ، جدير بالذكر أن الميناء المذكور تحول مؤخرا إلى محطة لرسو مختلف الزوارق المستعملة لتهريب المخدرات . في سياق متصل يشار أن كل الزوارق التي تنطلق من سواحل الناظور نحو السواحل الاسبانية تخضع لمساومة العناصر الأمنية المتورطة ، و يدخل في هذه المساومات وفق ما يتداول في أوساط تجار المخدرات أسماء ذاع صيتها : ( أحمد المعروف عند تجار المخدرات ) ، ( حجي الهاشمي) ( عبد الله حافي القدمين ) ( البوعزتي ) ( الحفيظ ) ، ووفق عدد من الصيادين بمنطقة الجزيرة فان عمليات التهريب ترتفع وتيرتها خلال تواجد قارب البحرية الملكية من نوع ” 06 فوديت ” التي يشرف عليه (ز رضوان ) ، واستنادا إلى ذات المصادر فان مراكز المراقبة من 31 إلى 38 التابعة للقوات المساعدة تعد نقاطا مهمة لشحن المخدرات وتهريبها خصوصا من المركز 33 الذي يقع تحت سيطرة رشيد امجاو المبحوث عنه. يذكر أن الأسماء السالفة الذكر تنتمي لجهازين أمنيين مكلفين بحراسة السواحل ، من جانب آخر تشير مصادر مطلعة إلى أن ابرز العناصر النشطة في عمليات تهريب المخدرات من سواحل الناظور ، المسمى ” حسن بويضس ” المبحوث عنه من طرف الأجهزة المغربية ، ويتنقل الأخير وفق ذات المصادر بكل حرية ببني انصار ، ولم تغفل المصادر الإشارة إلى سائق الزوارق المسمى ” نجيم هلك ” الذي يقوم بدور الوساطة بين تجار المخدرات والعناصر الأمنية المكلفة بحراسة السواحل ، وقد سبق أن اعتقل الأخير من طرف البحرية الفرنسية إثر تواجده على متن زورق كان في طريقه إلى السواحل الجنوبية الاسبانية و أصيب أثناءها برصاص الأخيرة خلال عملية المطاردة بعدما رفض المثول لأمر التوقف ، وقد زج به في سجن مرسيي بعدما أدانته المحكمة الفرنسية ،ليطلق سراحه فيما بعد دون إكمال العقوبة الحبسية لأسباب صحية ،على صعيد آخر علم من مصادر أن البارجة الفرنسية تقوم في بعض الأحيان على اختراق المياه الإقليمية المغربية أثناء عمليات مطاردتها لزوارق المخدرات . وأمام استفحال عمليات تهريب المخدرات من سواحل الناظور هل سيتدخل قائد الحامية العسكرية بالناظور وكولونيل البحرية الملكية ببني انصار (م ع ) وكولونيل القوات المساعدة ( م م ) لردع كل العناصر الأمنية المتورطة مع تجار المخدرات وذلك انسجاما مع مخطط الحكومة الذي يروم محاربة المخدرات ؟