في اجتماعها الأخير بمدينة طنجة، وبعد تدارسها لمختلف القضايا التنظيمية والبرنامجية للمنتدى، توقفت التنسيقية العامة عند مستجدات الوضع الحقوقي والاجتماعي والسياسي وما يتسم به من خروقات عدة، ارتأت من خلالها، ضرورة الإدلاء بموقفها من مختلف هده القضايا التي تمس حاضر ومستقبل حقوق الإنسان ببلادنا. خاصة وإن البلاد مقبلة على مرحلة الاستحقاقات السياسية لمرحلة ما بعد دستور فاتح يوليوز الذي يفتقد إلى أدنى المعايير الدولية المطلوبة لصياغته. وذلك بنفس الرموز الانتخابية الفاسدة التي أثثت البرلمان السابق الذي شكل فيه تجار المخدرات ما يفوق الثلث حسب تصريح أحد المسئولين الحزبيين لوسائل الإعلام دون أن يذكر نسبة ناهبي المال العام مما تبقى منهم. وهي المرحلة ذاتها التي تتسم بحراك اجتماعي تتوزعه حركات احتجاجية متصاعدة موزعة على مختلف جهات الوطن،تتراوح مطالبها من المطالبة بالحق في الماء الصالح للشرب إلى المطالبة بالحق في الشغل والكرامة وإسقاط الفساد ومحاكمة المفسدين،التي تتمادى الدولة في التنكر لها، بل تعمد إلى قمع كل الحركات الاحتجاجية السلمية المطالبة بها واعتقال القائمين عليها، سواء تعلق الأمر بحركة 20 فبراير أو حركة المعطلين أو الحركات الاحتجاجية للسكان في الكثير من المد اشر و القرى والمدن المطالبة بالحق في الأرض والماء الذي تتهدده الللوبيات العقارية و الشركات الاحتكارية، كما هو الشأن لساكنة جبل عوام، أنجرة، والقصر الصغير وخريبكة والحسيمة الخ…هدا إضافة إلى ما تقوم به الدولة في شخص بعض مؤسساتها و بلطجياتها من إجهاز على الحريات، كالمنع الغير قانوني الذي تعرض له الجمع العام التأسيسي لجمعية القضاة، ومنع اجتماع التنسيقية الوطنية للاساتدة الباحثين، وإضفاء صفة الضابطة القضائية على جهاز د س ت في جلسة برلمانية لم يتجاوز عدد المصوتين فيها الثلاثون برلمانيا من أصل 324 و الهجوم على مقرات الجرائد كما كان شأن جريدة أخبار اليوم، واحتكار الداخلية لعملية صياغة مجمل مشاريع القوانين، خاصة القانون الانتخابي والتي يتم اقرارها في جلسات برلمانية فارغة، وذلك في ترجمة صارخة لمقتضيات الدستور الجديد المفروض على المغاربة بنسبة تقارب 99%. كما أن الدولة وفي سياق نهجها المتنكر للمطالب الديمقراطية للشعب المغربي عامة و سكان المنطقة الشمالية خاصة،عمدت إلى فرض مفهومها الأمني و الاداري للجهوية، مصادرة بدلك حق الجهات التاريخية في تقرير مصيرها، في إطار الأطونيميات الجهوية بعد ما أن صادرت هدا الحق لعموم الشعب المغربي من خلال الدستور الممنوح لفاتح يوليوز الذي عزز تمركز الحكم والدولة وحظر الأحزاب الجهوية وغيب الضمانات الدستورية لمجمل المواد ذات الصلة بالحقوق والحريات،وهو ما يفسر كذلك استهدافها للذاكرة المشتركة لأهالي الريف الكبير وتحريف حقائق التاريخ والجغرافيا من خلال تقطيعها لأوصال هده الجهة و تشتيتها على كل من جهة فاس وجهة وجدة مما يؤكد تواطؤ اللجنة الاستشارية للجهوية وانخراطها الكلي في الإستراتجية العامة للدولة، التي عملت مند الاستقلال إلى إقبار التاريخ المشرق والمشترك لسكان هده الجهة وبتر الروابط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لأهاليها. وهو ما يجعل من حقيقة تاريخ ‹‹جمهورية الريف›› شبحا يخيم على صناع القرار السياسي ببلادنا. هدا في الوقت الذي مطالب منهم، التوفر على الجرأة اللازمة من أجل الإقرار بحقائق التاريخ كمدخل أساسي لأي مصالحة حقيقية مع الريف الكبير وأهله. كما أن سياسة الانكارو الإقبار للذاكرة الجماعية المشتركة للجهة الشمالية بقدر ما تعتبر جرما ينضاف إلى ماضي الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها المنطقة وانتهاكا حقوقيا صارخا لمقتضيات العدالة الانتقالية التي يشكل فيها حق الشعوب في معرفة تاريخها الحقيقي وحفظ الذاكرة الجماعية المرتبطة عضويا بمجالها الذي وقعت عليه الأحداث، إحدى المرتكزات الأساسية لنجاحها، بقدر ما تشجع على بروز هويات مغلقة، وهو مع الأسف ما تقترفه الدولة أولا والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ثانيا الذي عمل على تبخيص وتحريف هده الذاكرة من خلال تقزيم مجالها الجغرافي وحصرها في الريف اللسني، انسجاما مع الاستراتيجية العامة للدولة، مميزا بدلك بين الريف الغربي والريف الأوسط و الشرقي . كما لوأن الغازات السامة قد ميزت بين أهلنا في لنجرة وبني زروال وأجدير أو أن معتقل دار بريشة وغفساي قد فرق بين أهلنا من القصر الكبير إلى بني يزناسن. وهو ما يتعارض مطلقا مع المفهوم الحقيقي المطلوب في عملية جبر الضرر وحفظ الذاكرة الجماعية لأهلنا بالريف الكبير. إن التنسيقية العامة للمنتدى، وفي سياق استعراضها لمختلف الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وعلى الرغم من استحسانها لرفع الدولة لتحفظاتها على اتفاقية سيداو التي لازالت تتطلب منها العمل على تكييف التشريعات والقوانين الوطنية بما ينسجم ومضامينها فإنها تسجل ما يلي: - استنكارها لمصادرة الدولة لحق تقرير مصير الشعب المغربي من خلال الوثيقة الدستورية التي عززت من تمركز الحكم والدولة. - استنكارها لحرمان الجهات التاريخية بالمغرب من حقها في الأطونوميا وعلى رأسها جهة الريف الكبير، واعتماد جهوية إدارية وأمنية لا تستجيب وتطلعات المجتمع المغربي كمجتمع متعدد ومتنوع بخصوصياته الجهوية التاريخية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. - استنكارها ورفضها لتقطيع أوصال جهة الريف الكبير ومحاولات الدولة اليائسة والمستمرة في إقبار الذاكرة الجماعية المشتركة وبتر الروابط الاجتماعية لأهله وتحريف تاريخه. - استنكارها لما يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان من تحريف للتاريخ و تخريب للذاكرة المشتركة التي يسعى من خلالها إلى التمييز بين أهلنا بالريف الكبير من خلال حصر هده الذاكرة في الريف اللسني ودلك في انسجام كلي مع إستراتيجية الدولة مند الاستقلال، في تعاطيها مع جهة الريف. - مطالبة المجلس الوطني إيقاف مسلسل تخريب الذاكرة الجماعية لأهلنا بالريف الكبير. لأن تاريخنا أكبر من أن يحتويه متحف يتيم، وأن أرشيفنا التاريخي مؤمن أكثر في أماكن تواجده بأوربا، ما دامت الدولة غير مستعدة للاعتراف به كحقيقة تاريخية ، وأن أي محاولة لاسترداده سيلقى معارضة شديدة من طرف المنتدى وجميع مناضليه ومناضلاته. - إدانتها للقمع والاعتقالات التي يتعرض لها مناضلو الحركات الاحتجاجية السلمية بما فيهم حركة 20 فبراير وحركة المعطلين ومطالبة الدولة بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط. - مطالبة الدولة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالكشف عن حقيقة ما جرى لشهداء 20 فبراير بالحسيمة واستنكارها للتعتيم الرسمي الممارس على هده القضية. - إدانتها لما يتعرض له مجال الحريات العامة من تضييق ومنع من طرف السلطات العمومية وبعض بلطجياتها. - استنكارها للتميز الذي تمارسه الدولة في شخص بعض مؤسساتها، في الحق في الشغل خاصة في المنطقة الشمالية، والاستيلاء على الأراضي الجماعية وحرمان أهلها من أدنى شروط العيش الكريم نموذج القصر الصغير ومنطقة لنجرة والسواني الخ…. - مطالبة الدولة بفتح تحقيقي نزيه في شأن تصريحات بعض المسئولين التي تعتبر أن أكثر من ثلث مجلس النواب هم تجار مخدرات مع توسيع دائرة التحقيق ليشمل ناهبي المال العام ما تبقى منهم، خاصة وأن جلهم يترائسون اللوائح الانتخابية للاستحقاقات السياسية القادمة. إن التنسيقية العامة، وانطلاقا مما سبق ذكره فإنها تؤكد على استمرارية فساد العملية السياسية ببلادنا بما يصادر حق الشعب المغربي في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي وتعتبر أن المنتدى غير معني بهده العملية السياسية التي ستعمل على إفراغ الحق في المشاركة السياسية للمواطنين من محتواه الحقيقي، وستعمل بالمقابل على تزكية الوضع اللاديمقراطي القائم بكل خروقاته. إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع