إن أهم طابع صار يميز الواقع العربي اليوم من المحيط إلى الخليج، ومن الرباط إلى مسقط، مرورا بالجزائر وتونس وبنغازي والقاهرة ودمشق وبغداد والمنامة وصنعاء، وغيرها من المدن والعواصم العربية، هو طابع الثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ليس باعتبارها تسعى إلى إسقاط نظام أو حكم ظالم ومستبد فحسب، وإنما بكونها فعلا عميقا يطمح إلى بث اليقظة الواعية في نفوس الشعوب، واستنهاض هممها الراقدة والمخدَّرة، ومن ثم إسقاط أفكارها النمطية المسبقة، التي ترى الحاكم ظلا للإله، وجامعا لشمل الأمة، وممثلا لإرادة الشعوب، التي لم تُمنح مطلقا فرصة أن تختار من يسوسها، فإذا بالحاكم العربي يصبح وارثا لها بالشرع والمنطق والقانون! على هذا الأساس، فالثورة الحقيقية ينبغي أن تمارس إسقاطين؛ أولهما يتعلق بإسقاط الحاكم أو النظام أو الدستور من على أرض الواقع، كما شاهدنا في تونس ومصر، ونشهد الآن في دول أخرى. وثانيهما يرتبط بإسقاط أسطورة الأنظمة أو التشريعات الاستبدادية من قلوب الناس وعقولهم. لأن السؤال الأكثر أهمية، الذي صار يطرح نفسه اليوم بحدة وباستمرار في الواقع العربي، هو: ماذا بعد سقوط نظام فلان أو علان؟! بعبارة أوضح، هل قدم سقوط نظام ما درسا عميقا للمجتمع بشتى أطيافه الشعبية والسياسية والفكرية والدينية، فأصبح أوعى مما كان عليه في السابق، مدركا إدراكا حقيقيا حقوقه وواجباته، أم أن ذلك الإسقاط أو السقوط نقل الواقع إلى مرحلة المجهول، وأدخل المجتمع في دوامة الفوضى، مما سوف يمكن لا محالة سماسرة السياسة من سرقة الثورة، والتمتع بعسيلتها وحدهم في غياب أو إقصاء لصناع الثورة الحقيقيين. إن الثورة كما يصفها كل من باتريك سيل ومورين ماكونفيل في كتابهما (Drapeaux rouges sur la France)، هي “البحر ذو المياه السوداء المهددة، والأمواج المندفعة المدمرة، الذي لم تسبر أغواره بعد… بحر قاس من أصوات الانتقام، والوجوه التي تقاسي في أفران المعاناة إلى درجة لا أثر للشفقة فيها”. فالثورة، حسب هذا التوصيف، بحر من المياه المهددة والأمواج العاتية، التي لا تنبئ بما سوف تحدثه من دمار وتخريب، إنها مجهولة؛ لم تُسبر بعد أغوارها، فهي بذلك لا تختلف عن كارثة (التسونامي)، التي تأتي على اليابس والأخضر. ثم إن هذا البحر قاس، يغلي بأصوات المستضعفين والمظلومين التي عانت طويلا من جور الحكام والمستكبرين، الذين لا أثر لمفردة الرحمة في قواميسهم السوداء. وهذا ما ينطبق بشكل كبير على واقع الشعوب العربية، حيث تهيمن طبائع الاستبداد، وهو واقع لا يختلف كثيرا عما كان عليه المجتمع الفرنسي والأوروبي قبل نشوب الثورة الفرنسية عام 1789. هناك بعض المواقف التي ترى أن المغرب يشكل استثناء في أبجدية الثورات العربية الحالية، باعتباره أكثر انفتاحا وتقدما في المسار الديمقراطي وحرية التعبير وحقوق الإنسان، وأن الملكية تعتبر بمثابة الركن الركين الذي يشد صرح الدولة المغربية، ويقيها من آفة التفرقة والتشتت، والرمز السامي الذي يتكتل حوله المغاربة كلهم، منذ اثنتي عشرة قرنا من الزمن، وغير ذلك من الكلام المعسول الذي ينطوي حقا على جانب من الصواب، غير أنه لا يحمل الصواب كله، كما يزين الإعلام الرسمي المغربي للمواطنين، من خلال أخباره المنتقاة وبرامجه الموجهة، ويردده الكثير من المسؤولين الحكوميين والحزبيين في كل ناد ومحفل. والدليل على هذا التفسير الأولي الذي يدحض موقف التفاؤل المطلق بخصوص حالة المغرب، هو الانتفاضات الشعبية التي بدأت تشهدها، ميدانيا، أغلب المدن المغربية منذ فبراير الماضي، أو قبله بكثير، وتترجم إعلاميا من خلال مختلف القنوات التواصلية والإلكترونية، فهي بمثابة الأدخنة الدالة على وجود نار خفية تشتعل، ليس في المنازل والشوارع وإطارات السيارات، وإنما في قلوب الناس ونفوسهم وأفكارهم، وهذا هو الأهم والأخطر. يقينا أن ما يحدث في المغرب يختلف من أوجه معينة عما يحصل في بعض الأقطار العربية، غير أنه على المستوى المقصدي، يتجلى أن الخيوط الخفية التي تحرك معادلة الثورة في المنطقة العربية تكاد تتشابه، رغم الاختلافات العرقية والثقافية واللغوية، فهي تتحدد بالدرجة الأولى في تغيير الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتردية، التي وصلت إليها المجتمعات العربية والإسلامية، ورد الاعتبار للإنسان بمنحه كرامته المسلوبة، ورفع مظالم المستبدين عنه، واسترداد حقوقه في العيش الكريم والتعليم والشغل والصحة وحرية التعبير، وغير ذلك. ولعل أهم ما يجعل الحالة المغربية تختلف، نوعا ما، عن غيرها من الحالات على مستوى شمال أفريقيا والمنطقة العربية، أن الملك بكونه أعلى سلطة في البلاد، قرأ بوعي عميق أبجديات الثورات العربية الكاسحة والهائجة، فحاول أن يستبق الأحداث، من خلال خطاب 9 مارس 2011 الجريء، الذي طرح مسألة التعديل الدستوري الشامل، ففتح بذلك ورشا دستوريا، تشارك من خلاله شتى التنظيمات السياسية والحزبية والحقوقية والمدنية، في صياغة دستور جديد للمملكة، يأخذ بعين الاعتبار مختلف الحيثيات التي ظلت مغيبة في الدساتير السابقة. ولئن كانت هذه المبادرة السياسية من الأهمية القصوى بمكان، خصوصا وأنها تنطوي على رغبة الملك في الفكاك من إسار الطقوس الملكية التقليدية، وتحويل النظام الملكي المغربي إلى ملكية دستورية وشكلية، تستلهم النماذج الملكية الأوروبية المتطورة، وتواكب المتغيرات السياسية والثقافية والاقتصادية الراهنة، سواء على المستوى الوطني، أم الإقليمي، أم الدولي، ولئن كان الأمر كذلك، غير أنه قد يخلق، من جهة أخرى، جملة من التحديات الكبيرة، التي من شأنها أن تعرقل هذا المسار الديمقراطي الفتي والطموح. إن القراءة الأولية لمضامين خطاب 9 مارس، في ضوء التطورات المتسارعة التي يشهدها الواقع المغربي، حيث تسود المظاهرات والاحتجاجات والاصطدامات، لا ينبغي أن تقتصر على التعديل الدستوري المرتقب في حد ذاته، وتدندن حوله كما يصنع الكثير من المتابعين والمثقفين، كأن هذا التغيير بمثابة العصا السحرية، التي سوف تقضي على ثعابين الاستبداد والفساد والظلم، التي تعشش ليس فقط في أركان وزوايا الواقع المغربي، وإنما في دماء وعقول ونفوس العديد من المسؤولين والسياسيين المغاربة، لذلك فإن هذا الورش الدستوري، يجب أن تواكبه أوراش اجتماعية واقتصادية وتنموية ذات مردودية ملموسة، تستفيد منها مختلف طبقات الشعب المغربي المقهورة والمسحوقة، وأن هذا التعديل الدستوري أيضا، ينبغي أن يشكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، التي تنتظر المغرب؛ ملكا وحكومة وشعبا! ولن تتحقق هذه الرحلة الديمقراطية المنشودة، إلا إذا وضعت بين ناظريها هذه التحديات والرهانات، التي بات يطرحها الواقع المغربي بشكل ملح ومتسارع، وهي كالآتي: إن الدستور يعتبر بمثابة البوصلة التي توجه البلاد، سياسيا وسياديا وإداريا واقتصاديا، الوجهة السليمة والناجعة، لاسيما في الدول المتقدمة، التي تحتكم إلى قوانين الدستور وبنوده، كلما ألم بها إشكال سياسي عميق، أو حلت بها أزمة اقتصادية شديدة، غير أن هذا لا ينطبق على الدول المتأخرة، التي رغم أنها تملك قوانين ومؤسسات دستورية متنوعة، فدار لقمان تظل على حالها. من هذا المنطلق، فالخلل ليس في النص الدستوري وحده، وإنما في تنفيذ ذلك النص وإنزاله على الواقع، وهذا ما ينبغي أن يتنبه إليه المشرع المغربي، عن طريق ربط الدستور المرتقب بالسياق المغربي الجديد، الذي يختلف جملة وتفصيلا عن السياق القديم، الذي كانت تحكمه العلاقات العشائرية والمصالح القبلية والعقلية الأبيسية، ولا يكتفي هذا الربط بما هو معنوي ورمزي، كالوطنية والمواطنة والولاء والبيعة، وغير ذلك، من المفاهيم النظرية العائمة، وإنما يتعداه إلى ما هو مادي ومعيش، كالديمقراطية وحقوق الإنسان واقتسام الثروات والتنمية وجبر الأضرار، ونحو ذلك. يكاد يكون هناك إجماع على الأهمية القصوى للملكية في المغرب، ليس بالنظر إلى بعدها التاريخي الممتد فحسب، وإنما لكونها القاسم المشترك الذي يوحد بين مختلف مكونات المجتمع المغربي البشرية والمجالية والعرقية والثقافية، حيث أصبح الملك يؤدي دورا مركزيا في تجميع الشتات المغربي، ولحمه في وحدة متماسكة ومتجانسة. بل وأنه منذ اعتلائه للعرش، في 23 يوليوز 1999، أصبحت المؤسسة الملكية تشهد نوعا من التطور النسبي الإيجابي، من خلال انفتاحها الكبير على الشارع المغربي، وإحداث نوع من القطيعة مع رؤوس الفساد التقليدية، وطرحها لبعض المبادرات السياسية الجريئة، وغير ذلك، إلى درجة أنها أصبحت تتحكم بشكل مطلق في العديد من الأحزاب والشخصيات، التي كانت تشكل، قبل عقد من الزمن، قطب المعارضة السياسية، ليس للحكومات السابقة فحسب، وإنما لمؤسسة القصر نفسها. على هذا الأساس، أصبح يلاحظ أن العديد من الأحزاب دخلت في ركود سياسي عميق، يتمثل من خلال مجموعة من الجوانب السلبية، كالأداء السياسي الاستعراضي، وهزالة التسيير الإداري، ولا جدوائية المناقشات السياسية، وتراجع الشعبية، وغير ذلك، مما يطرح سؤالا وجيها، حول مدى أهلية الكثير من الأحزاب لأن تقود قاطرة السياسة المغربية، وتدبر الشأن العام بشكل ديمقراطي، وتحقق رهانات الإصلاح، وتحل الإشكالات الاجتماعية، وترقى بالمستوى المعيشي للطبقات الكادحة والفقيرة، وغير ذلك. لقد تابع الجميع كيف أن الحكومة المغربية سارعت إلى اعتماد بعض الحلول الترقيعية، لإخماد نيران الانتفاضة التي ما فتئت تشتعل في معظم المدن المغربية، ولا يقتصر الأمر في هذا الصدد على حركة 20 فبراير وحدها، وإنما يتعداها إلى غيرها من الحركات النقابية والطلابية والاجتماعية، التي نظمت مختلف الإضرابات والاحتجاجات، كإضراب الأطباء، وحملة الشواهد العليا، وشتى قطاعات الشغل. ويبدو أن الوضعية الاقتصادية المتردية، هي التي تقف بالدرجة الأولى وراء هذه الحركات الاحتجاجية، لذلك فإن أي تعديل دستوري لا يواكبه تحسين فعلي لوضعية هذه الطبقات المهمشة، لن تكون له أية قيمة إضافية، بقدر ما يظل مجرد حبر على ورق، أو حروف كتبت لكن بماء، كما قال ذات يوم الفيلسوف الشاعر جبران خليل جبران. بناء على هذا، فإن الدولة المغربية مدعوة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن تنتهج استراتيجية واقعية وعقلانية مع الانتفاضات التي يشهدها الواقع المغربي منذ أكثر من أربعة أشهر، بعيدا عن الحلول الآنية والشكلية، التي سئم المواطنون المغاربة من أسطوانتها المشروخة والرتيبة. بعبارة أوضح، لقد آن الأوان لأن يستفيد المغاربة من خيرات وثروات بلدهم الطبيعية والاقتصادية، التي حرموا منها طوال أكثر من نصف قرن، أي منذ استقلال المغرب في منتصف القرن الماضي، وظلوا يشاهدون بأم عينهم كيف يتم الاستحواذ عليها من قبل حفنة من السياسيين والإقطاعيين، التي يبذرونها فيما لا يجدي البلاد والعباد. هكذا فإنه على المشرع المغربي أن يأخذ بعين الاعتبار الوضعية الاقتصادية المزرية، لقسم عظيم من الشعب المغربي، الذي يعيش تحت الخط الأحمر للفقر، إذ تشير بعض الإحصائيات إلى “أن حصة المواطن المغربي من الناتج الداخلي يعد ضعيفا للغاية، فهو لا يتجاوز 4550 دولار في السنة، في حين أن المعدل العربي يفوق 6700 دولار للفرد سنويا، فيما يصل المعدل العالمي إلى أزيد من 9540 دولار”. وتجدر الإشارة في هذا المقام، إلى أنه بات يتحتم على الدولة المغربية أن تنفذ إجراءات استعجالية، تخص الفئات الاجتماعية المحرومة من العمل أو من أي تعويض مادي، كالطلبة المعطلين الذين يحرقون زهرة شبابهم في الجامعات والمعاهد، وبمجرد ما يتخرجون، يجدون أنفسهم على هامش المجتمع، لا يملكون أية وسيلة للعيش الكريم، فلماذا لم تفكر الدولة المغربية في دفع رواتب مؤقتة لهم، مقابل بعض الأعمال التطوعية والاجتماعية، ريثما يتمكنوا من إيجاد أو توفير عمل قار لهم، هذا بالإضافة إلى مختلف الشرائح الاجتماعية الفقيرة، كالنساء الأرامل والمطلقات والعجزة والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والمسرحين من العمل، وغير ذلك، فهذه الأصناف كلها في مسيس الحاجة إلى تعويضات مادية استعجالية، إن لم تتمكن خزينة الدولة من تسديدها، فيمكن خلق العديد من الموارد لها، كالاقتطاعات من الأجور الجد عالية، وما أكثرها في المغرب! وخلق ضريبة خاصة بالفقراء على الشركات الكبرى، واستحداث صندوق وطني ودولي لمساعدة المحتاجين، وما إلى ذلك من الحلول المثمرة والناجعة، التي تحتاج إلى إرادة حقيقية ومسؤولة. كما أنه فيما يتعلق بخلق موارد إضافية لتغطية الفئات الأكثر فقرا وحاجة، ينبغي للدولة أن تعيد النظر في الأموال الطائلة التي تنفق في أنشطة ومؤسسات ذات طابع كمالي، لا تعود على البلاد والعباد بالنفع الكبير، بقدر ما تعمل على استنزاف الخزينة الوطنية، لتتمتع بعسيلتها زمرة من الأشخاص المحسوبين على الثقافة والفن والمجتمع المدني، سواء داخل الوطن أم خارجه. وقد تسربت مؤخرا بعض الأرقام السرية التي تعبر، بحق وبعمق، عن حجم الأموال التي تبذر في أنشطة لا قيمة لها، وتنفق على مؤسسات لا تسمن ولا تغني من جوع! فلو أن الدولة المغربية فكرت بجدية في ترشيد هذه النفقات الشكلية، وتخصيصها للشرائح الاجتماعية الفقيرة، لتمكنت في أقل من عقد زمني من توفير الشغل والدخل لخريجي الجامعات والفقراء والعجزة والمرضى، وغيرهم. إن الغرض الأساس من تحبير هذه الورقة، هو التركيز على أن التعديل الدستوري وحده لا يكفي لتحقيق مبدأ الإصلاح العام الذي يحلم به كل مواطن مغربي، لأن النص وحده، كيفما كان، لن يقدم أو يؤخر شيئا، إلا إذا صاحبه تنفيذ واقعي منظم لمضامينه وقوانينه، والتنفيذ لا ينبغي أن يقتصر على ما هو رمزي ومعنوي من القضايا فحسب، وإنما يجب أن ينفتح على إشكالات الواقع، ويصغي لمعاناة المواطنين، التي أصبحت حديث الشارع والمدرسة والإعلام. الخلاصة مما سبق، أن الحركة الاحتجاجية التي يشهدها الواقع المغربي منذ ما ينيف على أربعة أشهر، وتطلق عليها الأدبيات الإعلامية حركة 20 فبراير، وهي تسمية إجرائية أو مجازية، أكثر منها واقعية أو حقيقية، لأنها لا تتحدث إلا بلسان بعض التيارات الشبابية الناشئة والحركات السياسية المحظورة، وليس بلسان المجتمع المغربي بكل أطيافه ومكوناته، غير أنها نجحت في أن تخلق حركية سياسية غير معهودة، على مختلف الصُّعُد الاجتماعية والسياسية والفكرية والإعلامية، عبر التسلل إلى شتى الفضاءات، كالبيت والمدرسة والعمل، وغير ذلك. فتمكنت في زمن قياسي من أن تزرع الوعي السياسي والحقوقي لدى المواطن العادي، الذي كان في الماضي القريب لا ينخرط في حمى السياسة إلا أثناء حدث الانتخابات، الذي يزوره على رأس كل أربع سنوات عجاف من الأداء السياسي! هكذا حلت هذه الحركة الشبابية محل المثقفين في إنتاج الوعي، خصوصا وأن المثقف، كما يذهب المفكر الإيراني داريوش شايغان في كتابه (أوهام الهوية)، “هو الإنسان المنخرط – بطريقة أو بأخرى – في عملية إنتاج الوعي”. لذلك لا ينبغي أن تعتبر هذه الحركات شرا لا بد منه، أو أنها توقع البلاد في الويلات، أو أنها تنزلق بالوطن إلى مستنقع الشغب والقتال، بقدر ما يجب التمعن العميق في المكاسب الإيجابية، التي تحققت على يدها في زمن وجيز، كإرغام الدولة على إعادة النظر في منظومة الحكم، وطرح ورش التعديل الدستوري، وخلق نقاش وطني فعال وهادف، وكشف هشاشة الأحزاب والهيئات التمثيلية، وهلم جرا، بيد أنه أصبح كذلك الآن من اللازم أن تؤطر هذه الحركة، وتوجه الوجهة السليمة التي اختطتها لنفسها منذ البداية، قصد تجنيب البلاد مطبات الشغب والعنف والتصادم، وتفويت الفرصة على بعض التيارات الأيديولوجية، التي تتحين الفرص لخلق البلبلة وتشويه سمعة المغرب، ومن ثم الادعاء بأنها صانعة الثورة أو التغيير شارك أضف تعليقا Click here to cancel reply. الإسم (مطلوب) البريد الإلكتروني (لن ينشر مع التعليق) (مطلوب) الموقع الإلكتروني