لا تندهش عندما تجد رجلاً في كامل رجولته وصحته يتهرب من ممارسة الحب مع زوجته ، لا تندهش أيضاً عندما تعلم أنه لا يشكو من أي أسباب نفسية تمنعه من ذلك ، لأنه يعاني ما هو أشبع ، ألا وهو الصداع الجنسي . الإحصائيات الحديثة كشفت النقاب عن هذه المعاناة في صفوف الرجال ، مما يؤثر حتماً على استقرار الأسر ، إذ يتحول استمتاع العلاقة الزوجية إلى ألم لا يطاق . أوجاع وتشنجات بعض الأطباء يؤكدون أن الصداع الجنسي لا يكون صداعاً جدياً ، فقد تكون ممارسة الجنس نفسها هي تسبب أوجاعا في الرأس والرقبة اللذان يعززان الاتصال الجنسي ويسببان التشنج. من جانبه يفيد الدكتور جمال الكتبي استشاري المخ والأعصاب ، بأن الصداع الجنسي “Post Coital Headache” هو مرض حديث العهد نسبياً، ويحدث عادةً على شكل نبضات صداع عميقة يشعر بها الشخص في قاع الجمجمة والعنق، وتزيد شدّتها باضطراد مع التوغل في مراحل العلاقة الحميمة، حتى تصل إلى أوجها عند بلوغ الذروة وبعد الإشباع. ويقول الكتبي لمجلة ” سيدتي” : “قد يصاب المريض بهذا الصداع بصورة مفاجئة، أثناء مرحلة الذروة في العلاقة الحميمة، وذلك بدون مقدّمات تنذر بحدوثه ما يحوّل شعور الرضا إلى ألم والسعادة إلى تعاسة ” . الفئة المصابة قد يستمر هذا الصداع من 15 إلى 20 دقيقة، وتدوم آثاره الخفيفة من ساعة إلى ساعتين. هذا ما يؤكده الدكتور جمال الكتبي ، موضحاً أن الصداع الجنسي يصيب الرجال والنساء على حد سواء، إلا أن نسبة انتشاره في صفوف الرجال تتجاوز النساء بحوالي 80?% . الدراسات الإحصائية تفيد ، حسب صحيفة “الشرق الأوسط” ، بأن غالبية المُعانين من الصداع الجنسي هم الرجال المتوسطو العمر والضعيفو البنية الجسدية لجهة الوزن الطبيعي للجسم. كذلك ترتفع نسبة المعاناة منه لدى مرضى الارتفاع المتوسط لضغط الدم. في حالة إصابة النساء بهذا النوع من الصداع ، ولدى النساء ترتفع الإصابات بالصداع الجنسي لعوامل الانقباضات غير المتوازنة في عضلات الجسم وللحالة النفسية ولدى مَن تجاوزن سن الأربعين من العمر، أو مَن يبلغن هزة الجماع، أو مَن بدأن برنامجاً للرياضة البدنية، أو المُصابات بصداع الشقيقة النصفي أو بصداع الشد tension headache. كما أن المصادر الطبية تشير إلى أن الستة أسابيع ما بعد الولادة فترة ترتفع فيها احتمالات الإصابة بالصداع حال ممارسة المرأة للعملية الجنسية. وكان الدكتور ستيفان إيفرز من جامعة مونستر الألمانية قد عرف الصداع الجنسي بأنه نوبات من الصداع نابضة والتي يرتبط ظهورها بطقوس ممارسة الجنس وتحول متعة الرجل أو المرأة إلى كابوس مزعج وكان د. ستيفان قد ذكر أمام المهتمين في مؤتمر الألم الدولي الذي عقد في برلين منذ فترة أن الصداع الجنسي ينتشر بين الرجال أكثر من النساء بنسبة 3 إلي 4 مرات. وكانت دراسة حديثة أجريت تحت إشراف د.ستيفان قد أكدت أن نسبة الإصابة بالصداع الجنسي يزاداد باطراد بين الرجال خلال ال 20 عاماً الماضية ، وقد أكد د. ستيفان الخبير الألماني إن الصداع الجنسي قد يطيح بعدد من الزيجات الناجحة لأنه يحول الحياة الجنسية للزوجين إلى جحيم، وكشفت الدراسة أيضاً بحسب صحيفة ” الشرق الأوسط، ” عن علاقة وثيقة بين الصداع الجنسي والصداع النصفي ( الشقيقة )، الأمر الذي قد يتيح فيما بعد فرصة علاج الصداع الجنسي ببنفس أدوية الشقيقة أنواع مختلفة الأطباء يقسمون أنواع الصداع الجنسي ثلاثة أنواع حسب مراحل العملية الجنسية : النوع الأول، هو النوع المبكر للصداع الجنسي Early coital cephalgia. وهو نوع يحصل في مراحل مبكرة من بدء الرغبة والمداعبة، وغالباً ما يكون نوعاً متوسط القوة من الصداع، وتزول نوبته في الغالب أيضاً سريعاً. النوع الثاني، مرتبط بمرحل الهزة الجنسية حال القذف Orgasmic coital cephalgia. وهو نوع من النوبات الحادة والمفاجئة والشديدة، وقد تستمر إلى حوالي 20 دقيقة. النوع الثالث، ما يحصل في مراحل زمنية تالية لممارسة عملية جنسية انتهت بهزة الجماع Late coital cephalgia. وهو نوع قد يستمر بضع ساعات أو أيام بقوة متوسطة الشدة. في الوقت نفسه ، يوجد تقسيم طبي آخر لحالات الصداع الجنسي مكون من ثلاثة أنواع للصداع. وهي أنواع من الصداع الذي يبدأ في كلا جانبي الرأس، ويُمكن منع حصوله أو تخفيف حدته بوقف الاستمرار في ممارسة العملية الجنسية قبل بلوغ مرحلة هزة الجماع. النوع الأول، هو النوع البطيء والممل من الألم في الرأس والرقبة، الذي تزيد حدته كلما زادت الإثارة والتفاعل مع مجريات العملية الجنسية. النوع الثاني، هو النوع سريع الانفجار، الذي يبدأ بالظهور بشكل مفاجئ وحاد وشديد الألم عند حصول هزة الجماع. النوع الثالث، هو النوع المرتبط باختلاف وضعية الجسم، ويحصل بعد هزة الجماع. العلاج للتخلص من الألم القوي الذي يحدثه الصداع الجنسي ، ينصح بعض الأطباء بتناول المسكنات قبل الدخول في العملية الجنسية ، ولكن الدكتور جمال الكتبي استشاري المخ والأعصاب يؤكد أن أولى خطوات العلاج تبدأ بالامتناع تماماً عن ممارسة العلاقة الزوجية، وذلك لمدة تتراوح من10 إلى 15 يوماً كحدّ أقصى. بعد ذلك يأتي دور تغيير أوضاع ممارسة العلاقة الحميمة بشكل يقلّل من الإجهاد المبذول فيها ، ثم خفض الوزن، وممارسة الرياضة بانتظام. ولتنظيم ضغط الدم وتحسين الدورة الدموية دوراً هاماً في العلاج ، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض العقاقير التي تستخدم عادةً في علاج الصداع (الأسبيرين Aspirin أو البروفان Profen)، وذلك قبل ممارسة العلاقة الحميمة مباشرة. وإذا ما فشل هذا العلاج، يمكن اللجوء إلى «البروبانول» Propanol أو «الإندوميثانين» Indomethacin، وذلك بعد استشارة الطبيب الإختصاصي. وفي النهاية يقول الدكتور الكتبي : يمكن إتباع بعض الوسائل الأخرى لمعالجة «الصداع الجنسي»، كالتوقف عن التوتر والجموح قبل بلوغ الذروة، وإتباع خطوات بطيئة مع إرخاء عضلات العنق والفك أثناء المعاشرة الزوجية.