أعطت النيابة العامة المختصة بالناظور، السبت الماضي أوامرها بوضع مسؤولين في شركة لإعداد وثائق ملفات تأشيرات «شينغن» تحت تدابير الحراسة النظرية، في انتظار استكمال التحقيقات معهم، فيما ما زالت التحقيقات جارية، من قبل عناصر الشرطة القضائية، لفك ألغاز واحدة من أكبر قضايا تزوير «الفيزات» نبهت إليها السفارتان الإسبانية والهولندية في شكايتين توصلت بهما السلطات المغربية. وقال مصدر إن السلطات الأمنية والقضائية تكتمت، منذ أسبوعين على مضامين مراسلتين من دولتين أوربيتين سجلتا فيهما ملاحظاتهما حول شبهة التزوير في محررات ووثائق رسمية من قبل جهات ما، من أجل الحصول على تأشيرات «شينغن». وأكد المصدر أن وكيل الملك أعطى تعليماته إلى الشرطة القضائية للبحث السري في الموضوع، الذي لم تنكشف خيوطه إلا بعد اعتقال مسؤول ومسؤولة في شركة مفوض لها معاملات إنجاز الوثائق وتسلم الملفات، وإيداعهما السجن المحلي في انتظار التحقيق معهما، فيما يجري البحث مع مسؤولة أخرى، ومنعش سياحي شهير بالمنطقة على خلفية الملف نفسه. ووصف المصدر الملف بالخطير جدا الذي قد يتخذ أبعادا أمنية لها علاقة بتسهيل عمليات هروب وسفر «مجاهدين» مغاربة من مدن الريف والشمال إلى أوربا، ومنها إلى بعض الدول المحتضنة للجماعات الإرهابية، كما يتعلق بعمليات تزوير وثائق إدارية وبنكية لتمكين أشخاص من حق ليس لهم، مقابل مبالغ مالية تصل إلى 8 ملايين درهم أحيانا. وتحدث مصدر عن حوالي 120 تأشيرة صدرت باستعمال هذا النوع من الوثائق. وسادت حالة من الارتباك والخوف جميع «المشتغلين» في قطاع التأشيرات بالمدينة، وضمنهم موظفو جماعات ومستخدمون في بنوك وإدارات عمومية ووكالات أسفار وشركات حاصلة على توكيلات إنجاز الوثائق لها ارتباط بهذه الوثائق. وعلم أن بعض الوكالات أقفلت أبوابها إلى حين مرور العاصفة. وانطلقت التحقيقات من الشكايتين المتوصل بهما من سفارتي إسبانيا وهولندا بالرباط، وكذا من شكاية توصلت بها المصالح الأمنية لمواطن ادعى أنه سلم جواز سفره و7 ملايين إلى شخص وعده باستخراج تأشيرة إلى اسبانيا، دون الإدلاء بأي وثيقة، وحين تعذر عليه الحصول على ذلك في الوقت المتفق عليه، وضع شكاية للنصب والاحتيال ضد الشخص نفسه. وتتفشى أساليب تزوير وثائق ملفات «الفيزا» على نطاق واسع بمدن الشمال، إذ تنشط عصابات متخصصة في المجال، لها، في الغالب، علاقات مع موظفين مغاربة وإسبان يشتغلون في القنصليات الأوربية بهذه المدن. وقال المصدر إن التحقيقات الأمنية الجارية بالناظور تسير في اتجاه الكشف عن هوية الموظف، أو الموظفة بقنصلية اسبانيا الذي يسهل عمليات المصادقة على الوثائق المزورة وإجازتها، مقابل عمولات مالية باهظة. وتشمل الوثائق المزورة، وثيقة الرواج البنكي وثيقة الحساب البنكي وشهادة الضمان الاجتماعي وشهادة العمل والعطلة، إذ تحوم شبهات حول صاحب جريدة يقوم بختم شهادات العمل بصفة صحافي وتسليمها إلى طالبي «الفيزا»، مقابل 4 ملايين للشهادة. وليست المرة الأولى التي تفتح فيها السلطات الأمنية والقضائية ملفات من هذا النوع، لكن دخول سفارتين على الخط أربك الجميع، علما أن الأمن مازال يطارد تاجرين اتهمهما باستعمال وثائق مزورة للحصول على تأشيرات إلى أوربا باسميهما وأسماء أفراد عائلاتهما. يوسف الساكت