قررت الحكومة الفرنسية تشديد إجراءاتها الأمنية على مقر إقامة العاهل المغربي محمد السادس في ضواحي العاصمة وتحركاته الخاصة خوفا على سلامته، في ظل تزايد وتيرة مطاردته و اقتفاء خطواته من قبل مجموعة صغيرة من مغاربة معارضين لنظامه يقيمون في فرنسا. و قال مسؤول أمني في وزارة الداخلية الفرنسية ل «القدس العربي» إن مقربين من الملك أبلغوا الوزارة بانزعاج الملك شخصيا من تحركات بضعة أشخاص في محيط إقامته الخاصة في قصره الفاخر في مدينة «بيتز» بإقليم «الواز» التابع لمنطقة «بيكاردي» القريبة من باريس، خاصة فيما يتعلق بما يسببه ذلك لسكان البلدة الصغيرة من انزعاج وبلبلة على حد قوله. و بحسب المسؤول الأمني فإن «تعليمات صارمة أصدرتها الحكومة الفرنسية إلى محافظ المدينة الفرنسية من أجل عدم السماح بإقامة أي مظاهرة مناوئة للملك سواء أمام بوابة قصره أو أمام المباني السكانية المجاورة له، و أن يحدد مكان أي مظاهرة يرخص بتنظيمها على بعد بضعة كيلومترات من الموقع الملكي». و كان خمسة معارضين لنظام الملك بينهم النقيب السابق في القوات البحرية المغربية مصطفى أديب والملاكم المغربي السابق زكرياء مومني قد تظاهروا على بعد مسافة 400 متر من بوابة قصر العاهل المغربي محمد السادس حملوا خلالها صورا ولافتات و شعارات تتهم العاهل المغربي بممارسة التعذيب. و أشرف محافظ الإقليم شخصيا على مراقبة المظاهرة المناوئة للنظام المغربي وضمان التزام المتظاهرين الخمسة بالشروط التي سطرت لهم مقابل الموافقة على طلبهم السماح لهم بالتظاهر قرب القصر الملكي، خاصة فيما يتعلق بعدم اقترابهم من البوابة الرئيسية للقصر أو محاولة اعتراض موكب الملك في حالة خروجه أو دخوله إليه. و تقول معلومات حصلت عليها «القدس العربي» ان السفارة المغربية في باريس تدخلت لدى جمعيات مغربية في العاصمة الفرنسية لحثها على سحب طلبات تقدمت بها للسلطات الفرنسية من أجل تنظيم مظاهرة مساندة للملك أمام قصره الفاخر في مدينة بيتز بإقليم الواز تفاديا لمزيد من التوتر داخل المدينة الفرنسية الهادئة. و كان مغاربة قد تقدموا بطلبات لمحافظة الإقليم للمطالبة بالسماح لهم بتنظيم مظاهرة أمام قصر الملك محمد السادس مؤيدة له ردا على المظاهرة المناوئة لنظامه المنظمة من قبل المعارضين الخمسة قبل أن يتم سحبها لاحقا. و قلل الملك المغريي محمد السادس من تحركاته الخاصة في العاصمة الفرنسية لتفادي ما أسماها مصدر قريب من السفارة المغربية في باريس»تحرشات معارضيه الخمسة» بعد ان باتوا يتربصون به و بتحركاته و يقتفون خطواته ومطاردته في أزقة و شوارع العاصمة الفرنسية، كما ضاعف العاهل المغربي عدد أفراد فريق حراسته الأمني الخاص لهذا الغرض. و كانت الشرطة الفرنسية قد استخدمت القوة لتفريق مظاهرة منددة باستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند للملك محمد السادس في قصر الإليزيه الاثنين الماضي، قبل أن تعتقل المتظاهرين الثلاثة لنحو ساعتين بينهم النقيب السابق في القوات البحرية المغربية والمعارض مصطفى أديب ولم تطلق سراحهم إلا بعد مغادرة الملك محمد السادس مقر الرئاسة الفرنسية. و شوهد العاهل المغربي محمد السادس الذي اعتاد التجول في العاصمة الفرنسية بحراسة مخففة و هو يغادر فندق «البريستول» الفاخر القريب من قصر الإليزيه وسط باريس وسط حشد كبير من الحراس، بعد لقاء خاص جمعه داخل الفندق بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد الإمارات الذي قام بزيارة رسمية إلى فرنسا مساء أول أمس الثلاثاء. وهذه هي المرة الأولى التي يتنقل فيها العاهل المغربي وسط باريس بشكل خاص وسط عدد كبير من الحراس الأمنيين، وهو ما أرجعه مصدر قريب من السفارة المغربية في العاصمة الفرنسية إلى ما أسماها «التحرشات التي باتت تهدد تحركات الملك في فرنسا». و يقضي العاهل المغربي محمد السادس عطلة خاصة في فرنسا بعد استئناف الرباطوباريس التعاون القضائي والقانوني بعد شهور من التوتر الذي فجرته محاولة القضاء الفرنسي اعتقال رئيس المخابرات المغربية بشأن مزاعم تعذيب. واستئناف التعاون القضائي والقانوني بين البلدين خطوة مهمة لفرنسا التي تحتاج إلى معلومات المخابرات من المغرب وغيرها من بلدان شمال أفريقيا بشأن المشتبه بهم في مجال الإرهاب، وهو أمر بات أكثر إلحاحا بعد الهجومين اللذين شنهما متشددون إسلاميون هذا الشهر على صحيفة شارلي إيبدو الساخرة ومتجر لبيع الأطعمة اليهودية في العاصمة باريس. و كانت الرباط قد عطلت اتفاقات التعاون مع باريس احتجاجا على محاولة السلطات الفرنسية استجواب رئيس المخابرات المغربية بشأن مزاعم تعذيب أثناء زيارته العاصمة الفرنسية قبل عام، حيث توجه محققون فرنسيون إلى بيت السفير المغربي في محاولة لاعتقال المسؤول المغربي دون جدوى. وكثيرا ما وجهت منظمات دولية ومغربية لحقوق الإنسان بينها منظمة العفو الدولية اتهامات إلى المخابرات المغربية بتعذيب الناشطين والمشتبه بهم في مجال الإرهاب وفي بعض الحالات بالنيابة عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وفي شهر آذار/ مارس من العام الماضي اضطرت فرنسا أيضا للاعتذار للمغرب بعد ان جرى تفتيش وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار أثناء مروره بمطار أورلي الباريسي بشكل وصفته الرباط بالمهين. ولا يعرف ما إن كان العاهل المغربي محمد السادس سيواصل زيارته الخاصة في فرنسا أم سيعود إلى بلاده قبيل موعد ال20 من شهر شباط/ فبراير، حيث يستعد المعارضون الخمسة الذين أطلقوا تنظيما معارضا للملك تحت اسم «الائتلاف من أجل التنديد بالديكتاتورية بالمغرب» لتنظيم مظاهرة أخرى أمام القصر الملكي في بلدة بيتز الفرنسية بالتزامن مع ذكرى تأسيس حركة 20 فبراير الشبابية المغربية التي كانت قد قادت احتجاجات في شتى أنحاء المغرب ضمن ما عرف بموجة الربيع العربي. تعليق