الملك يعزي ملك السعودية في وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    إسرائيل تعلّق الإفراج عن 110 أسرى    الوداد يتعاقد مع الحارس مهدي بنعبيد    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    ساعات من الأمطار الغزيرة تغرق طنجة .. والعمدة يدافع عن التدابير    قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب واشنطن    الاتحاد الوطني للشغل يطالب بتوسيع حق الإضراب وتقليص آجاله وحذف الاقتطاع    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    رسميا غلطة سراي يعلن انفصاله عن زياش    صافرات الاستهجان تلاحق مبابي بسبب حكيمي    زخم دبلوماسي متنامٍ: بلجيكا تعزز دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية ضمن توجه أوروبي متزايد    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    عاجل.. الوزير السابق مبديع يُجري عملية جراحية "خطيرة" والمحكمة تؤجل قضيته    مارين لوبان: من يحكمون الجزائر يخفون الحاضر.. لديهم اقتصاد مدمر، وشباب ضائع، وبلد في حالة تفكك    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    الجزائر في مواجهة عزلة دبلوماسية متصاعدة جراء تداعيات ملف الصحراء المغربية    بوريطة: نعمل على جعل معبر الكركرات ممرًا استراتيجيًا للنقل البري    بورصة البيضاء : تداولات الإفتتاح على وقع الإرتفاع    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    عيد الربيع: الصين تحتفل بحلول سنة الثعبان    استقرار أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    افتتاح السنة القضائية بطنجة: معالجة 328 ألف قضية واستقبال أكثر من 42 ألف شكاية خلال 2024    "ماميلودي" يعير لورش إلى الوداد    على ‬بعد ‬30 ‬يوما ‬من ‬حلول ‬رمضان.. ‬شبح ‬تواصل ‬ارتفاع ‬الأسعار ‬يثير ‬مخاوف ‬المغاربة    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    وزارة الأوقاف تُعلن عن موعد مراقبة هلال شهر شعبان لعام 1446 ه    نيمار يتنازل عن نصف مستحقاته للرحيل عن صفوف الهلال    الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة آغام بيرغر    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    كيوسك الخميس | الداخلية تتجه لتقنين تطبيقات النقل    أمير قطر يصل لدمشق في أول زيارة لزعيم دولة منذ سقوط بشار الأسد    وزارة التربية الوطنية تواصل تسوية الوضعيات الإدارية والمالية لبعض الموظفات والموظفين    مجلة الشرطة تسلط الضوء في عددها الجديد على الشرطة السينوتقنية (فيديو)    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    طنجة: تساقطات مطرية غزيرة وسيول جارفة تغرق عددا من الأحياء الشعبية (فيديو)    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    معهد التاريخ يبرز عالمية المغرب    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بمناسبة العيد: مَازِلْنَا مُسْتَعْمَرِين
نشر في أريفينو يوم 10 - 08 - 2013

مَعَ إِطْلاَلَةِ كُلِّ رمضان، وحُلُولِ كُلِّ عِيد، ومَعَ كُلِّ وُقُوفٍ بِعَرَفَة أو إِحْيَاءٍ لِلَيْلَةِ القدر، تَتَوَحَّدُ أفواج الأمة على الطاعة، وتتآلفُ على البر والتقوى، وتتوافق على الرأفة والمحبة. هِيَ مُناسباتٌ عظيمةٌ، وأوْقَاتٌ شَرِيفَةٌ، يَتَجَدَّدُ فيها الإيمَان، وتُوصَلُ فيها الأَرْحَام، يَتَعَبَّدُ فيها المؤمن رَبَّهُ ويَتَقَرَّب، أَيَّامٌ مِنْ أَيَّامِ اللهِ تَهْفُو فيها القُلُوب، وتُغْفَرُ فيها الذنوب، ويُسْتَجَابُ الدعاء، ويَتَضَاعَفُ الأجر.
أَجْوَاء إِيمَانِيَّةٌ غَيْرُ ذَاتِ ثَمَن، لا يُكَدِّرُ صَفْوَهَا إلا تَفَرُّقُ البلدانِ المُسْلِمَةِ شِيَعاً مع كُلِّ مُرَاقَبَةٍ لِلْهِلَال، وهي الأُمَّةُ الوَاحِدَةُ في كتاب الله، في قوله عز وجل: (إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أمة واحدة وأنا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون) (1).
أُمَّةٌ واحدةٌ ودِينٌ واحدٌ ورَبٌّ واحِدٌ، ومع ذلك فَيَوْمُ صَوْمِ المسلمينَ بهذه الدولةِ غَيْرُ يَوْمِ صَوْمِهِمْ بالدولة الأخرى، وكذلك يَوْمُ فِطْرِهِمْ وَنَحْرِهِمْ ولَيْلَةِ قَدْرِهِمْ! وكذلك يومُ التاسعِ مِنْ ذِي الحجة، رغم أَنَّ الوقوفَ بِعَرَفَةَ مَرَّةٌ واحدةٌ في العام لا تتكرر! (2)
مناسبةُ هذا الحديث ما دَارَ مِنْ نقاش قُبَيْلَ عيد الفطر، وهو نقاش يتكرر كُلَّ عَامٍ مع حُلُولِ رمضانَ وقُدُومِ الأَعْيَاد، حيث يتساءل كثيرون: لماذا هذا الاختلاف في المواقيت والأمة واحدة؟ هل هو مجرد اختلاف فقهي يجوز معه اتِّبَاعُ الفَتْوَى الأَصَح؟ والْقَوْلِ الْأَحْوَط؟
1 – سبتة ومليلية، زوج بغال والسعيدية:
"سبتة ومليلية" المُسْتَعْمَرَتَانِ الشَّاهِدَتَانِ على فشل حكام اليوم في تأمين البلاد بعدما قضى أسلافهم أَمْسِ على رجالِ المقاومة المسلحة ضد المستعمر؛ تَسْتَقْبِلَانِ رمضانَ وَالْعِيدَ قبل مَدِينَتَيْ "الفنيدق" و"بني انصار" المُتَاخِمَتَيْنِ لهما، رغم أنه ليس بينهما إلا باب حديدي فَرَضَتْهُ "حُدُودٌ وَهْمِيَّةٌ" رَسَمَهَا الاستعمارُ على خرائطنا قبل ان يسحب عساكره من بعض أراضينا. ولو كانت "تطوان" أو "العرائش" ضِمْنَ الرَّسْمَةِ لَصَامَتَا وَأَفْطَرَتَا كما تصوم وتفطرُ المُسْتَعْمِرَةُ إسبانيا.
بعبارة أخرى وبكل وضوح: الحدود الاستعمارية هي الْمُحَدِّدُ الرئيسي لأيام الصوم والفطر، وليس رؤية الهلال، وذلك لأن رؤية الهلال يكفي أن تكون بمدينة أو قرية واحدة ليصوم جميع البلد، ولو لم يرسم الاسبان حدود سبتة ومليلية لصامتا معنا، ولو لم يرسم الفرنسيون حدودنا مع الجزائر لاكتفينا جميعا برؤية الهلال في وجدة أو وهران أو غيرهما. هذه هي الحقيقة الساطعة التي لا ينبغي أن نكذب على أنفسنا بغيرها.
وتخيلوا معي رجلين على نفس النقطة الحدودية الجزائرية-المغربية ب "السعيدية" أو "زوج بغال" مثلا: الأول صائم والثاني مفطر، لا يفصل بينهما إلا بضع خطوات! أصبحت كفيلة بالتحكم في دين الناس، فقط بقرار استعماري فرنسي وضع الحدود على تلك النقطة!
2 – الحُدُودُ والفقهاءُ وخوفُ الفتنة:
الحدود السياسية خطوط وهمية من صنع البشر ولا وجود لها في الأصل (3)، بدأت فكرتها وتطبيقها في القرن التاسع عشر كتكملة للتوسعات الإمبريالية التي قادتها دول من أوربا وعلى رأسها فرنسا وإنجلترا. حيث تمكنتا من خلال معاهدات مثل "سايكس-بيكو" من رسم الحدود وتقسيم بلاد المسلمين لضمان مصالحهما السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة.
بالمقابل أجمع علماء الأمة على أن رؤية الهلال لا تعترف بالحدود لكونها مجرد صنيعة استعمارية، وأن على جميع من بَلَغَهُمْ رؤية الهلال من مسلمين موثوقين أن يصوموا مثلهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) (4)، وَالْمُخَاطَبُ في الحديث هنا كل الأمة وليس قُطْرًا دُونَ قُطْر، فكان المسلمون يجتهدون في تبليغ الأمصار كلما ثبتت رؤيته. و أمَّا وقد تَيَسَّرَتْ سُبُلُ التبليغ اليومَ للأمة فلا حجة في عدم ثبوت الرؤية.
بالمقابل ارتأى آخرون اتباع الدولة الْقُطْرِيَّة في ثُبُوتِ رؤية الهلال – حتى لو ظهر أَكْبَرَ مِنَ الْمُعْتَاد – وذلك تفاديا للفتنة بعدما صَارَ الْغَالِبُ هو الصَّوْمُ مَعَ البلد. فأَصْبَحْنَا أمام فَتْوَى احْتِرَازِيَّة خوفا من الفتنة، والفتنة أشد من القتل.
رَأْيٌ ثَالِث يقول: لا نعترف بالحدود الوهمية الاستعمارية في ثبوت الرؤية، والأُمَّةُ مَدْعُوَّةٌ للصوم أو الفطر بمجرد الإعلان عن رؤية الهلال في أي بلد من بلاد المسلمين لكن مع شرط العمل على تفادي إثارة الفتنة مادامت غالبيةُ الصائمين تَتْبَعُ البلدَ الذي تعيش فيه؛ وبالتالي وجب عدم المُجَاهَرَةِ بالفطر علانيةً مثلا وترك الأمر للوقت والتوعية إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
3 – وبعد:
فإن غَرَضِي من هذا الموضوع:
1 – أن أناقش الإشكالية بهدوء، محاولا تقريب الآراء المختلفة التي لاحظت سخونتها على الفيسبوك قبيل العيد، وذلك حتى يفهم كل واحد حجج الآخر ولا يتسرع في الإساءة إليه. ولست أدعو هنا لرأي دون آخر لهذا آثرت عدم الخوض معهم.
2 – للتأكيد على أن الموضوع أكبر من أن يكون مجرد اختلاف فقهي، وأنه دليل قاطع على "استمرار الاستعمار" في بلدنا المغرب وفي كل بلاد المسلمين علينا أن نَعِيَهُ وَنَسْتَوْعِبَهُ جَيِّدًا؛ فَكَمَا يَتِمُّ تأخيرُ الانتخاباتِ المغربية لما بعد انتخابات فرنسا، وكما يَتَوَجَّبُ على كل حكومة مغربية جديدة الاستماعُ لرئيس فرنسا، وعلى البرلمان المغربي استقبالُهُ والاستماعُ لخطابه، يتوجب أيضا الالتزام بالحدود الفرنسية في إثبات الرؤية!
3 – لإيصال الرسالة للفئة الثالثة التي لا تدري عن الموضوع أي شيء، وهي غالبية كبيرة إما عن جهل، أو لأنها ترى الأمر ترفا فكريا لا يستحق كل هذا التعقيد، أو لأنها تعتقد أن زمن الصواريخ وركوب الفضاء لا يستحق أن نضيع فيه الوقت في نقاشات كهذه؛ شكل آخر من أشكال الاستعمار يشجع على الجهل بالدين ويضرب في صميم الهوية الإسلامية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الجمعة فاتح شوال 1434ه / 9 غشت 2013 م
1 – سورة الأنبياء – الآية 92.
2 – يوم عرفة من أفضل الأيام عند المسلمين وهو يوافق 9 من ذي الحجة.
3 – التعريف مقتبس من موسوعة ويكيبيديا العالمية.
4 – رواه مسلم والنسائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.