باحث في الدراسات الدستورية والسياسية جاء إحداث المؤسسة لتكريس مسلسل تعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات، وليحل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، الذي تم إنشائه في ظل التحول السياسي الذي شهده المغرب سنة 1990، ليكون إحدى المؤسسات الرئيسية المساهمة في عملية الانتقال الديمقراطي بالمملكة، خاصة في مجال تسوية ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بعد إعادة تنظيمه سنة 2002. تم إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة وطنية لحماية حقوق الإنسان والحريات بالمغرب تتوافق نصوصها التنظيمية لمبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان. ويتوفر المجلس الوطني على اختصاصات أوسع، سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، الشيء الذي يضمن للمجلس مزيدا من الاستقلالية والتأثير في مجال حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها. فهو مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال. كما يستفاد من النص المؤسس له وخاصة الفصل 161من دستور 2011، أنه يقدم المساعدة للبرلمان في ميدان التشريع، وخاصة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالمادة الحقوقية. الأرضية التي يستند عليها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفق خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان تشمل المحاور التالية: * محور الحكامة والديمقراطية: يرتكز هذا المحور، على مبادئ احترام حقوق الإنسان والمساواة وتكافؤ الفرص وإعمال طرق الحكامة الجيدة، بكل ما تقتضيه من شفافية ومحاسبة ومشاركة وإشراك. وتستحضر ضرورة إعادة بناء العلاقة بين المواطنين وأجهزة الدولة من جهة، وبينهم وبين الهيئات المنتخبة من جهة ثانية، عبر تحيين التشريعات وملاءمتها مع المعايير الدولية، وتمكين المواطنين من تقوية قدراتهم، والمشاركة في تدبير الشأن العام، وفي صنع القرارات المؤثرة في حياتهم، ومحيطهم اليومي. كتعزيز المشاركة السياسية والنهوض بدور المؤسسات المنتخبة؛ ترشيد وتعزيز الحكامة الترابية؛ ترشيد الحكامة الأمنية. * محور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية: يحدد هذا المحور أولويات ذات صلة ببعض المجالات الحقوقية مثل: التربية، الحقوق الثقافية واللغوية، الصحة، الشغل، السكن، البيئة. و من خلال ذلك، تم السعي إلى تقديم مقاربة حقوقية لبعض القضايا، ذات الارتباط بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بالارتكاز على مبادئ المساواة، وتكافؤ الفرص، والتضامن، وطرق الحكامة الجيدة. كمنظومة تربوية جيدة داعمة للمواطنة والمساواة والتنمية المستدامة؛ النهوض بمكونات الثقافة الوطنية من منظور حقوق الإنسان، خاصة اللغة والثقافة الأمازيغتين؛ تأهيل المنظومة الصحية وضمان الولوج للخدمات الصحية؛سياسة تضمن الشغل وتكرس المساواة؛ و توجيه اجتماعي للسياسة السكنية. * محور حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها: اعتبر المجلس حماية حقوق الفئات الاجتماعية في وضعية هشاشة، التي تعاني من التهميش والإقصاء مثل النساء المعنفات والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين أو المهاجرين، أولوية استراتيجية، تفرض تحسين ظروف عيش هذه الفئات، وعدم إقصاؤها عبر إعمال مبدأ المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص، وتمكينها من تعزيز القدرات.كحماية وتعزيز حقوق الطفل؛حماية وتعزيز حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ حماية وتعزيز حقوق الأشخاص المسنين؛و ضمان وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين. * محور الإطار القانوني والمؤسساتي: طرح هذا المحور الضمانة الدستورية لحقوق الإنسان، بوصفها أقوى الوسائل القانونية والمؤسساتية لترسيخ تلك الحقوق وحمايتها،إلى جانب إصلاح القضاء وتأهيله، وتقوية وتعزيز صلاحيات المؤسسات والهيئات الوطنية، وغيرها من الآليات المعنية بحماية حقوق الانسان،كضمان وحماية حق المشاركة في إدارة الشأن العام؛ تعزيز الحماية القانونية لحقوق النساء؛ تعزيز الحماية الدستورية والقانونية لحقوق الإنسان؛حماية الحق في حرية التعبير وفي الإعلام؛تعزيز وحماية الحق في التجمع والتظاهر؛و حفظ الأرشيف وصيانته. -إلى جانب المحاور السالفة الذكر، يقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تصورا لعدد من الأنشطة المتعلقة بإنجاز دراسات أو تنظيم ندوات أو حوارات، من شأنها أن تساهم في التفعيل الحقيقي للخطة، وتساعد في عملية التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان .