قالت دراسة حديثة إن عنصرين وراثيين في جسم الإنسان لهما دور في تحديد السرعة التي يتطور بها فيروس (إتش آي في) المسبب للإيدز. ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة نايتشر إيميونولوجي العلمية المتخصصة في المناعة فإن المواصفات الوراثية للمريض تلعب دورا كبيرا في عملية تكاثر الفيروس وفي رد فعل الجسم على هذا العنصر الدخيل. ويقول الباحثون الذين أجروا الدراسة إن التفاعل ما بين الفيروس وجهاز المناعة يمكن أن يؤدي إلى تحويل “عدوى حميدة إلى عدوى قاتلة”. وركز الباحثون عملهم على مورثتين (جينيتين) إحداهما هي (سي سي آر5) الموجودة على سطح الخلايا المناعية (سي دي4) التي تعتبر متلقيا يتعلق به الفيروس لدخول الخلية المناعية وقتلها. وتتحكم المورثة الثانية ( سي سي أل 3 أل1) بجزيئة الإشارة التي تسمى تشيموكين التي تمنع الفيروس من ربط نفسه بالمورثة الأولى. وبينت أبحاث سابقة أن بعض نسخ المورثة ( سي سي آر5) تشكل درعا واقيا يمنع الفيروس من دخول الخلايا المناعية. وفي العام 2005 بين فريق الباحثين نفسه برئاسة سونيل أهوجا أن عدد نسخ المورثة (سي سي أل3 أل1) يلعب دورا كذلك. فالأشخاص الذين يحملون نسخا إضافية من هذه المورثة يقاومون فيروس الإيدز بصورة أفضل. ويتراوح عدد النسخ من شخص لآخر من لا شيء إلى خمس أو أكثر. وحدد الفريق في الدراسة الأخيرة أربع “مجموعات عرضة للخطر” على أساس التنوع الوراثي لديهم استنادا إلى كونهم يحملون نسخا مقاومة أو غير مقاومة للفيروس من المورثة (سي سي آر5)، وتبعا لعدد نسخ المورثة (سي سي أل3 أل1) لديهم. وحلل الباحثون مجموعة من 3500 شخص يحملون فيروس الإيدز في الولاياتالمتحدة أو أصحاء ليقارنوا بين مواصفاتهم الوراثية ورد فعلهم المناعي. ووجد الباحثون أن دور الشحنة الفيروسية في المراحل الأولى من الإصابة يمثل 9% لدى مقارنة سرعة تحول حاملي فيروس الإيدز إلى مرضى بالإيدز بين مختلف المجموعات. وجاءت النتيجة مماثلة لدى مقارنة المجموعات عندما تم التركيز على دور المورثتين وتفاعلهما. وقال أهوجا إن “التنوع الوراثي يسهم بنسبة مماثلة في تحديد سرعة تحول حاملي فيروس الإيدز إلى مرضى بالإيدز لدى مقارنته بدور الشحنة الفيروسية”. وتؤثر المورثتان كذلك على ردود الفعل المناعية لدى الأصحاء ويفترض ذلك أن عملهما معا يلعب دورا في تحديد رد فعل الجسم على أمراض معدية أخرى. واعتبر الباحث ماثيو دولان من المركز الطبي العسكري في سان أنطونيو أن الاكتشاف ستكون له انعكاسات مهمة. فهذا سيعزز، برأي الباحثين، القدرة على صنع أدوية مضادة للإيدز ولقاحات لتعزيز العوامل الوراثية الإيجابية، وإن كان هذا الهدف لا يزال بعيد المنال.