من الذي حوَّلَ مدينة الناظور إلى سوقٍ فقط ، كلَّ شيء يباعُ فيها ، حتى الحزن ، حتى الموت ؟ من الذي مسخها كل هذا المسخ ، وجعلها تضع قناعاً من حديدٍ على وجهها ، وترتدي ثياباً من نارٍ ، وتخاطبُ أهلها بالسوط ، والقهر ، والنَّهْرِ ؟ أي لِصٍّ سرق فؤادها ؟ وأي سمسارِ باعَ عِرْضها ؟ وأي قوَّادٍ أشاع بين الناس أنَّ لها ثمناً معلوماً لكلِّ أصحاب المالِ ، ولو كانوا غرباء ؟ من علَّمها أن تكون قاسيةً ، تسومُ أبناءها سوء العذاب ، وسوء العيش ، وسوء المعاملة ؟ من وصَّاها أن تتنَكَّر لماضيها المجيد ، وتكْفر بتاريخها العظيمِ ، وتجحد إحْسانَ آبائها الأولين ، ومعْروف نُبلائها ، وشُرفائها الأقدمين ؟ من ضيَّعها ، فضاع فيها الخيرُ ، والشرف ، والإباءُ ، والكرمُ ، والشجاعةُ ، والمروءةُ ؟ من قتلَ مدينة الناظور ؟