انعقد يوم 15 مارس 2013 بقاعة المؤتمرات بالمقر المركزي لجمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان بمدينة بني أنصار اقليمالناظور، الجمع العام الأول لهذه الأخيرة ، تحت شعار “اكراهات الحقل الحقوقي بالمغرب” حيث شارك في هذا المؤتمر مهتمون من الحقل الحقوقي . وقد افتتح المؤتمر بآيات بينات من الذكر الحكيم ، و بعد كلمة ترحيب لرئيس الجمعية السيد سعيد شرامطي الذي رحب بالمؤتمرين و كذا الضيوف وذكر بأهداف الجمعية التي يترأسها، معبرا أن هذه الأخيرة مستقلة وغير خاضعة لأي هيأة سياسية و تستمد نضالاتها من القوانين الدولية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهود الدولية، منذ تأسيسها بتاريخ 22 فبراير 2009 من قبل مجموعة من الشباب المناضلين في الحقل الحقوقي، مشيرا أنه في خضم التطورات التي عرفتها الجمعية وارتقائها في نضالاتها المعروفة، كان لزاما عليها هيكلة المكتب مرارا من أجل مسايرة الإكراهات التي تقف عثرة في طريقها. وكباقي الجمعيات الحقوقية لم يفتها تقديم تقريرها السنوي للجمع العام، حول تصوراتها للوضع الحقوقي بالمغرب خلال سنة 2012 في مجموعة من المجالات مبرزا المنحى العام الذي يميز السياسة العمومية في هذا المجال، حيث تلت الأنسة أسماء لمسردي على أسماع المؤتمرين و الضيوف التقرير السنوي الذي جاء شموليا منكبا على مجموعة من المحاور الأساسية ، دستوريا و تشريعيا، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية، الحقوق المدنية والسياسية، الحريات العامة، القضاء المغربي، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الحق في العمل وحقوق الشغيلة، الحق في السكن، الحق في الصحة، الحق في التعليم، الحقوق الثقافية واللغوية (الأمازيغية)، حقوق المرأة و الطفل، حقوق ذوي الإعاقة، حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، الحق في البيئة السليمة إلخ … حيث ان اخطر ما ورد في التقرير هو إتهام الدولة في نشر و عدم الوقاية من فيروسات خطيرة داخل المؤسسات السجنية بالمغرب التي يمكن ان تنتقل بين السجناء بكل بساطة، و التي لم تقم بحملة واحدة للحد منها أو تشخيصها داخل هذه المؤسسات وكذا حرمان السجناء من الحقوق السياسية و المدنية لأن القضاء يحكم بأحكام تحرمهم من الحرية و ليس دائما من التجريد من الحقوق الوطنية . ومن خلال ما سبق، نجد ان التقرير أشار أن رغم ارتقاء الدستور المغربي في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة وخلقه لمجموعة من الهيئات والمؤسسات لتفعيل هذه الهيئات، خاصة تلك المتواجدة في الباب الثاني عشر الذي يهم الحريات والحقوق الاساسية، والباب الثاني الذي ينص على المحكمة الدستورية والعاشر الذي يتضمن مقتضيات المجلس الأعلى للحسابات، ودسترته لأول مرة في تاريخ دساتير المملكة والعالم، للحكامة الجيدة أو الرشيدة التي تحمل في مقتضياتها الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، ومصادقة المغرب على حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه عالميا، وكذلك تركيز صاحب الجلالة نصره الله في خطاباته السامية على حقوق الإنسان والخيار الديمقراطي وتوفير المواطنة الكريمة، والعدالة الاجتماعية وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية والحكامة الجيدة من اجل ان يضمن لنا حياة افضل والرقي بالمغرب، إلا انه يبقى تطبيق هذه الحقوق كما هو منصوص في الدستور والمعاهدات المصادق عليها من قبل دولتنا والمتواجدة بالتشريعات الوطنية على أرض الواقع، يعرف العديد من الثغرات والنواقص واللامبالاة الخطيرة، بل وحتى انتهاكات جسيمة من طرف السلطات والمسؤولين. و في نفس السياق قام الجمع العام بتعديل بعض بنود القانون الأساسي التي تلاها على مسامع الحضور كمال طالب وبعدها أشهر المكتب المسير استقالته العلنية و القانونية لتخويل كل من أراد ترشيح نفسه طبقا للقانون الأساسي لرئاسة الجمعية و عضوية مكتبها المركزي وعلى هذا جددت الثقة من قبل المؤتمرين في رئيس الجمعية و تخويله الحق في اختيار أعضاء فريق المكتب المركزي وقد جاء كتالي: رئيسا : سعيد شرامطي، نائب أول: حجاج المصطفى، نائب الثاني: كمال طالب، النائب الثالث: اسماء لمسردي، الكاتب العام: أسامة إبن علال، نائب الكاتب العام : محمد الميموني، أمين(ة) المال: فتيحة شرامطي، نائب أمين المال: داود محمد، المستشار الأول: محمد يويو، المستشار الثاني: زهير البيوسفي، المستشار(ة) الثالث: سناء خليلي، المستشار(ة) الرابع : ابتسام العباسي، المستشار(ة) الخامس: حياة الرحموني ،المستشار السادس: ياسين الإدريسي، المستشار(ة) السابع: أمينة العلوي الإسماعيلي. كما عرض على الجمع العام من قبل يويو محمد أسماء رؤساء اللجان الدائمة في الجمعية و تخويلهم صلاحية اختيار أعضاء هذه اللجان حيث جاءت كمايلي : كمال طالب: رئيسا للجنة الشباب و الرياضة، اسامة ابن علال : رئيسا للجنة مراقبة الخروقات الميدانية، ابتسام العباسي: رئيسة للجنة الشؤون الأمازيغية، قمر جميل: رئيسة للجنة المرأة و الطفل. .
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدي رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان الأخ سعيد شرامطي، السيدات و السادة اعضاء المكتب المسير، السيدات و السادة حضور المؤتمر الأول لجمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان . كما تعلمون أن جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان هي جمعية مستقل غير خاضعة لأي هيأة سياسية و تستمد نضالتها من القوانين الدولية و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهود الدولية، كما نذكر أن هذه الجمعية الفتية قد تم تأسيسها بتاريخ 22 فبراير 2009 من قبل مجموعة من الشباب المناضلين في الحقل الحقوقي، وفي خضم التطورات التي عرفتها الجمعية وارتقائها في نضالتها المعروفة كان إلزاما عليها هيكلت المكتب مرارا من أجل مسايرة الإكراهات التي تقف عثرة في طريقها. وكباقي الجمعيات التي تشتغل طواعيا في هذا المجال قمنا بإنجاز تقرير حول الوضعية الحقوقية بالمغرب كما نراها من جانبنا، ومن خلال هذا سنقدم لكم التقرير السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، ويتضمن هذا التقرير مختلف أصناف الحقوق التي لم تحترم التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2012 حسب مجموعة من المجالات، دون أن تدعي تغطيتها لكافة الانتهاكات الممارسة ضد حقوق الإنسان، إلا أنها كافية لتبرز المنحى العام الذي يميز السياسة العمومية في هذا المجال، ويعطي صورة على مدى عدم احترام الدولة للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا. أولا : على المستوى التشريعي الدستور قامت الدولة المغربية، سنة 2011 تحت طائر نار الربيع العربي و الضغط الجماهيري و الإرادة الملكية، بتعديلات دستورية التي ادرج فيها العديد من الحقوق والحريات التي صعدت بمكانة المغرب في هذا المجال مقارنة بالعديد من الدول النامية وكذلك تصنيفه نموذجا رائدا على الصعيد العربي والدولي بدسترته لبعض الهيئات والمؤسسات الجديدة كالحكامة الجيدة وإقرار وزارة لها أيضا، حيث يعد المغرب بهذا أول دولة تدستر هذه الهيئات على الصعيد الدولي، وقد قام الدستور الجديد بدسترة شاملة لحقوق الإنسان بأجيالها الثلاث وايضا انتقال الدستور من 11 فصلا إلى 21 فصل في مجال حقوق الإنسان وتكررت فيه كلمة الحريات العامة 42 مرة، وكذا ما يعرف بالتدعيم كإقرار الحق في التنمية وتدعيم فعلي لحقوق المرأة من خلال تنصيص الدستور على مبدأي المساواة والمناصفة، ودسترة حرية الصحافة وإقرار الحق في الوصول إلى المعلومة مع الإشارة إلى توسيع ممنهج عرفه مجال الحقوق الاقتصادية، حيث كان دستور 1996 يقتصر على إقرار الملكية الخاصة طبقا لمقضيات الفصل 15 بينما في الدستور الحالي كتكريس لمبادئ القانون الدستوري الاقتصادي أمست تضم الحق في الملكية تنصيصا دستوريا على حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر. وإقراره للحكامة الجيدة من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة إلى جانب دسترة الجهوية المتقدمة والانتقال بالعديد من المجالس الدستورية من الصفة الاستشارية إلى الصفة التقريرية، إلى جانب بروز مؤسسات دستورية لأول مرة كالمجلس الوطني للشباب والعمل الجمعوي والمجلس الوطني للمحافظة على اللغات، وغيرها من المجالس تروم إلى تدعيم الحقوق الفردية والجماعية بشكل قوي بحيث يمكننا القول أن الدستور الجديد يندرج ضمن خانت الجيل الجديد من الدساتير شكلا ومضمونا. بالإضافة إلى ما سبق نجد أن الدستور قد جرم العديد من الممارسات كالتعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء ألقصري، وأيضا نص الدستور على سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية وذلك طبقا لما جاء في تصدير الدستور حيث ينص على جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وهي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على ملائمة هذه التشريعات الوطنية على ما تتطلبه تلك ألمصادقة، وأيضا لأول مرة تم إقرار الامازيغية كلغة رسمية إلا انه تم تأجيل اجراة هذا الترسيم من خلال ربطه بصدور قانون تنظيمي وتكريس التراتبية بين اللغتين العربية والامازيغية لفائدة الأولى. من خلال ما سبق يتبين أن الدستور قد اقر العديد من الحقوق الحريات وفسح لها مجال واسع هذا من ناحية التدوين، أما إذا عدنا لتطبيقها على ارض الواقع نجد انه بعيد عما هو منصوص عليه في الدستور نظرا لعدم احترام بعض الأجهزة لمقتضيات الدستور هذا لغياب المراقبة الحقيقية والمسؤولة . 2) المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينص الفصل 161 من الدستور على هذا المجلس والذي يتولى النظر في القضايا المتعلقة بحقوق الانسان والحريات وحمايتها وضمان ممارستها الكاملة والنهوض بها، وبصيانة كرامة حقوق وحريات المواطنات والمواطنين وذلك في الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال، لكن اذا عدنا إلى وثيقة ( مبادئ باريس )، يتبين أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا تنطبق عليه المعايير المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها. فولاية المجلس غير واسعة قدر الإمكان، كما أنه غير متوفر على ما يكفي من السلطة لتتبع تنفيذ توصياته، وهو ما يتعارض مع اختصاصات ومسؤوليات المؤسسات الوطنية التي تنص عليها « مبادئ باريس ». كما لا يتوفر المجلس على الاستقلالية الضرورية للقيام بواجبه في تتبع أوضاع حقوق الانسان وتقديم توصيات بشأن تطويرها، إضافة إلى الازدواجية في المرجعية التي تحول دون الوضوح في منهجية عمله. 3) توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة على الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على مصادقة صاحب الجلالة على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في 06 يناير 2006، فإن أهم وأغلب التوصيات الصادرة عنها لم تعرف طريقها إلى التنفيذ. 4) النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية لازالت أرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة رسميا في سنة 2008 دون تنفيذ، كما أن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011-2016 لم يعلن عنها رسميا بعد على علاتها، وهذا هو الأسلوب الذي تتعامل به الدولة مع العديد من المخططات والمشاريع والتوصيات التي تهم تطوير أوضاع حقوق الإنسان. ثانيا: الحقوق المدنية والسياسية 1) الحق في الحياة والحق في الحماية من التعذيب وفي السلامة البدنية والأمان الشخصي : ما فتئت الجمعية تسجل العديد من الخروقات التي طالت الحق في الحياة، وصيانة كرامة المواطن والتي تتحمل فيها بعض أجهزة الدولة المسؤولية إما مباشرة أو غير مباشرة، وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، وفي بعض الأماكن العمومية، وفي المراكز الصحية نتيجة الإهمال، والسجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية و الإصابة بفيروسات تدمر الإنسان مثل (هبتيت س) (هبتيت ب) (السيدا) (كوندي لومي) (هربس) (سفلس) الخ… 2) الاختفاء القسري بالمغرب، وحالات الاختطاف : لم يتم إجلاء الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري، ومن ضمن الحالات العالقة، تلك التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة. 3) الأوضاع العامة بالسجون: لا يزال واقع السجون مترديا ويعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون، ولا تزال أغلب المكونات الحقوقية منها المنظمة العالمية للحماية من التعذيب ووسائل الإعلام، الوطنية والدولية، ممنوعة من طرف المندوب العام للسجون، من ولوج المؤسسات السجنية للاطلاع على ظروف الاعتقال ومدى احترام حقوق السجناء. 4) الحريات العامة : عرفت تراجعات ملموسة خلال سنة 2012 وتوالت وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير، الحق في تأسيس الجمعيات، حرية التجمع، كما هو الشأن مؤخرا بالنسبة للقضاة الذين أقفل في وجههم، بدون موجب حق وبمبرر وجود تعليمات، مقر الاجتماع الذي حجزوه بشكل قانوني. وفي الوقت ذاته تواترت انتهاكات حرية الصحافة، والحرية النقابية، وحرية السكن، كما لازالت العديد من التصرفات تنتهك الحريات الفردية. 5) القضاء المغربي : لازال القضاء لم يعرف استقلالا تما كما هو منصوص عليه في الفصل 107 من الدستور، وكما هو متعارف على هذا الاستقلال في الدول التي تاخد بمبدأ فصل السلط، لا يزال القضاة يستصدرون الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة ضد ما هو منصوص عليه قي الفصل 120 من الدستور. ثالثا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سجلت سنة 2012 على غرار سابقاتها، استمرار نفس الأوضاع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بحيث لم تعرف أهم المؤشرات أي تحسن ملموس، بل أحيانا سجلت انتكاسة مدوية. فنسبة العجز في الميزانية، حسب بعض الخبراء، وصلت إلى 8%، فيما أصبحت المديونية تفوق 50% من الناتج الداخلي الخام، بينما لازال يهيمن اقتصاد الريع والامتياز، ويستشري الفساد، ويسود الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، في غياب مساءلة ناهبي المال العام، على خلاف ما نص عليه الدستور خاصة في الباب العاشر والفقرة الثانية من الفصل 154 التي ينص على الشفافية والمحاسبة والمسؤولية. وفي نفس السياق تظهر نتائج (المسح الاستقصائي للأسر والشباب بالمغرب )، المنشورة بالتقرير الصادر عن البنك الدولي في ماي 2012، المعنون ب ( المملكة المغربية: النهوض بالفرص المتاحة للشباب وتعزيز مشاركتهم )، أن حوالي نصف الشباب، الذي يمثل نحو 30% من مجموع السكان، و44%من الساكنة في سن العمل، غير ملتحق بالمدارس وغير منخرط في اليد العاملة، وبأن معدل البطالة بينهم يتراوح في المتوسط ما بين 22% لدى الرجال، و38% عند النساء. لذلك، فإنه لم يكن مستغربا أن ترتفع وتيرة الحركات الاحتجاجية ويتسع نطاقها، وما تشهده الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من ترد وتقهقر، بسبب انهيار القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين والمواطنات، وارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الاجتماعية. الحق في العمل والحقوق الشغلية: الحق في العمل: لعل أول ما ينبغي تسجيله، في هذا الباب، هو استمرار معضلة البطالة وتفاحشها، وعجز الدولة عن توفير الحماية منها، إذ لم تشهد سنة 2012 أي تحسن ملموس في وضعية تشغيل المعطلين حملة الشهادات العليا، حيث يفيد التقرير العربي الأخير حول التشغيل والبطالة في الدول العربية بأن نسبة بطالة خريجي الجامعات والمعاهد العليا في المغرب، والذين تتراوح تقديرات عددهم بين 170 ألف و200 ألف، بلغت 26.8 %، وهي أعلى نسبة بالمنطقة، وذلك على الرغم من التشغيل الجزئي لبعض الفئات منهم، كما هو حال من استفاد من القانون الذي صادق عليه المجلس الحكومي، والقاضي بالتوظيف المباشر، بصفة استثنائية، وإلى حدود نهاية دجنبر 2011، ل 4304 معطل ومعطلة، من حملة شهادة الماستر والدكتوراه، في الادارات العمومية والجماعات المحلية. وهذا ما يفسر الفورة، التي عرفتها الحركات الاحتجاجية للمعطلين، بشتى فئاتهم وتنظيماتهم، ورفعها لمطلب التشغيل. وفي مقابل التصعيد النوعي والكمي لهذه النضالات تواصل الدولة المزاوجة بين الحوار أحيانا والقمع في بعض الأحيان. -الحقوق الشغلية: لازال المغرب لم يصادق على مجموعة من الاتفاقيات، وفي مقدمتها الاتفاقية رقم 87 حول « الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي »، التي التزمت الحكومة بالتصديق عليها أثناء الحوار الاجتماعي ليوم 26 أبريل 2011. أما بالنسبة لمدونة الشغل، رغم ما يشوبها من قصور ونواقص، فإنها لا تطبق إلا في عدد محدود من مؤسسات القطاع الخاص، حتى بعد الانتهاء من ما سمي ب (المخطط الوطني للملاءمة )، الذي ساهم في التشجيع على الانتهاك الواسع لقانون الشغل في ظل مواصلة العمل بسياسة الإفلات من العقاب، في الوقت الذي لازال فيه العمل جاريا بجملة من المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب وللحريات النقابية، وعلى رأسها الفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي. كما سجل استمرار الحرمان من ابسط الحقوق الشغيلة (بطاقة العمل، ورقة الأداء، الحد الأدنى للأجور، الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي، تحديد ساعات العمل، العطل الأسبوعية والسنوية...)، وتواصل مسلسل الطرد التعسفي للعمال، والتسريحات الجماعية والاغلاقات غير القانونية للمؤسسات الإنتاجية، مع تجريم ممارسة الحقوق والحريات النقابية خاصة في القطاع الخاص. الحق في السكن إن سياسة ما يسمى بالسكن الاجتماعي الذي تحاول الدولة من خلاله التخفيف من أزمة السكن لم تقلص من حدة هذه الأزمة، إذ لم ترقى إلى المستوى المطلوب وبقيت أيادي المضاربين ومافيات العقار طويلة في هذا المجال؛ في الوقت الذي تفاقمت فيه ظاهرة البناء العشوائي، وتناسل مدن الصفيح بواسطة لوبيات لازالت تعمل دون تدخل للدولة بينما يتم إفراغ السكان وهدم المنازل دون توفير بدائل لهم. ولم تخل سنة 2012، من حالات الهدم والإخلاء القسري من المساكن، وأحيانا رغم توفر أصحابها على وثائق تثبت ملكيتهم للقطع الأرضية التي أقاموا عليها هذه المساكن ونقصد هنا المنازل الكائنة بترقاع الغربية قرب مقبرة سيدي سالم اقليمالناظور. الحق في الصحة إن المنظومة الصحية للمغرب تعاني من اختلالات كبرى من بين تجلياتها : 1) تراجع الدولة عن دورها الأساسي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين الشيء الذي يؤدي إلى استحواذ القطاع الخاص على هذا المجال دون خضوعه للسياسة العمومية المتبعة وهاجسه الأسمى تحقيق الربح. 2) إشكالية الولوج للخدمات الصحية. 3) تفشي الأمراض المزمنة الأمراض المعدية، و عدم قدرة القطاع التحكم فيها مثل (هبتيت س) (هبتيت ب) (السيدا) (كوندي لومي) (هربس) (سفلس) الخ… إن اوجد العلاج لا توجد طريقة لتشخيص. 4) فرض مساهمات مالية تتراوح بين 200 درهم الى 50 في المائة من فاتورة العلاج على الفئات الفقيرة والمعوزة دون سند قانوني 6) تحمل المواطن المغربي لوحده أكثر من نصف الغلاف الإجمالي الموجه لتمويل القطاع الصحي برمته(57%)؛ 7) السياسة الدوائية غير العادلة مما يجعل أثمنة الأدوية بالمغرب تعرف ارتفاعا كبيرا مقارنة مع دول مماثلة من ناحية الدخل. 8) تهميش الدولة للصحة الوقائية والعلاجات الأولية 9) الخصاص الكبير في الموارد البشرية بالقطاع الصحي. الحق في التعليم: على الرغم من الانطلاق المبكر للموسمين الدراسيين 2010-2011 و2011-2012، فإن العديد من المؤسسات الجديدة لم تفتح أبوابها، وظلت الكثير من الداخليات المحدثة مغلقة في وجه التلاميذ والتلميذات، بسبب استمرار الأشغال فيها؛ بينما تتواصل في بعض المؤسسات الأخرى الإصلاحات مع انطلاق الدراسة (41.3% بالنسبة للابتدائي والثانوي الإعدادي، و 35%، في الثانوي التأهيلي) . ومن جهة أخرى لازال الاكتظاظ، والخصاص في الأطر الإدارية والتربوية، واستمرار العمل بتعدد المستويات، هي السمة العامة الغالبة على الدخول المدرسي. كما أن نسبة المؤسسات المتوفرة على الماء الصالح للشرب والكهرباء، والمتوفرة على المرافق الصحية والمرتبطة بالصرف الصحي، تكشف عن تطور بطيء لا يستجيب للحاجة الملحة لمثل هذه التجهيزات. و لازالت مشكلة التسرب والهدر المدرسي، لأسباب تتعلق، في جزء كبير منها بعوامل الفقر ونوعية التعليم والتمييز بين الجنسين، تسجل مستوى مرتفعا، وهو ما يضفي على هذه الوضعية مزيدا من القلق نسبة التكرار المرتفعة. و من جهة أخرى، فإن الجهود التي تبذلها الدولة للقضاء على الأمية، مازالت غير كافية؛ إذ أنه رغم تقديرات مديرية محاربة الأمية بأن نسبة الأمية عرفت انخفاضا إلى حوالي 30%، فإن إحصائيات منظمة اليونسكو، تقدر نسبة السكان المغاربة البالغين، الذين لا يلمون بالقراءة والكتابة، بنحو 44%؛ وأن نسبة الأمية داخل فئة الشباب، ما بين 15 و24 سنة، تقارب 21%ومعظمهم من النساء. الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية: إن جمعية الريف الكبير لحقوق لإنسان وهي تسجل إيجابية دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية المضمنة في الفصل 5 من دستور 2011؛ فإنها تسجل تخوفها من تعطيل هذا الاعتراف بتقييد تفعيله باستصدار القانون التنظيمي المنصوص عليه في نفس الفصل. كما تسجل استمرار الدولة في الامتناع عن الاستجابة للتوصية الصادرة من لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري والمتعلقة بتقديم إحصائيات وبيانات ومعلومات عن تكوين سكان المغرب، وعن استخدام اللغات الأم، وعن اللغات الشائعة، وعن أي مؤشر آخر يتعلق بالتنوع العرقي. كما تسجل الجمعية منع وزارة الداخلية العديد من الاسماء الامازيغية. كما عرف تدريس اللغة الأمازيغية تعثرا كبيرا، سواء على مستوى توقعات تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على جميع المدارس والفرعيات الابتدائية، ابتداء من سنة 2012، أو على مستوى عدد التلاميذ والتلميذات الذين استفادوا من تعليم هذه اللغة وضعف الموارد البشرية، كما وكيفا، وانعدام تخصص المدرسين، بل أن العديد منهم لا يتقن هذه اللغة. أما في ما يخص إدماج الأمازيغية في مجال الإعلام، ورغم أن جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان تسجل إيجابية إطلاق القناة التلفزية الأمازيغية، فإنها تسجل تدني مستوى الجودة والمهنية والتضييق على حرية الإبداع لدى العاملين في القنوات الوطنية، واستعمال مقص الرقابة على بعض الحوارات، وعدم التزام « الهاكا » بدفتر التحملات بخصوص عدد ساعات بث الأمازيغية، وتكريس التمييز الممارس ضد الإعلاميين في القناة الأمازيغية، إسوة بوضعية العاملين في القنوات الوطنية الأخرى. رابعا : حقوق المرأة تراجعت مرتبة المغرب من 124 سنة 2009 الى 127 من ضمن 134 دولة حسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2010 ، وبالتالى يعتبر المغرب من أكثر الدول غير المتكافئة من حيث مقاربة النوع الاجتماعي. وذلك حسب مجموعة من المؤشرات كصعوبة الوصول إلى سوق العمل للنساء (28 امرأة مقابل 84 رجلا)، وتدني دخل المرأة ( أربع مرات أقل من الرجال ) واستمرار نسبة مرتفعة للأمية في صفوف النساء (69 ٪ وسط النساء مقابل 44٪ بالنسبة للرجال). ويسجل كذلك استمرار العنف بمختلف أنواعه ضد النساء في ظل تماطل الدولة في إصدار القانون الخاص بحماية النساء من العنف. ولا زالت الدولة تتلكأ في فرض احترام القوانين الأخرى على علاتها (وفي مقدمتها مدونة الأسرة) وفي الالتزام بوعودها برفع التحفظات على سيداو حيث اكتفت باستبدال التحفظات بإعلانات تفسيرية مما يشكل استمرارا لتملص الدولة من الالتزام بتطبيق المواد التي كان متحفظا عليها . خامسا : حقوق الطفل لم تنفذ الدولة حتى الآن المخططات التي وضعتها في إطار التزاماتها الدولية بخصوص حقوق الطفل. فلازالت حقوق الأطفال تتعرض للعديد من أنواع الانتهاكات وفي مقدمتها الاستغلال الاقتصادي والجنسي للأطفال، الذي يأخذ أبعادا خطيرة. كما يلاحظ النسبة المرتفعة لوفيات الأطفال أثناء الولادة، كما سجل استمرار تشغيل الفتيات القاصرات في البيوت وفي ظروف أشبه بالعبودية وقد توفيت بعضهن بسبب العنف الممارس من طرف مشغليهن،كما سجل تواتر هجرة الأطفال القاصرين غير المرافقين ضعف الحماية لحقوق الطفل في التشريعات الوطنية، وايضا نصيب حقوق الطفل من الدستور الجديد لا تستجيب والتزامات المغرب الدولية ولا ترقى إلى مطالب الحركة الحقوقية، ذلك أنه لا مناص من التنصيص الصريح على حقوق الطفل كما هي متعارف عليها دوليا، وإقرار آلية وطنية مستقلة تعنى بشؤون الطفولة وحمايتها.هذا إضافة إلى عدم التزام وتأخر الدولة المغربية في تقديم التقرير الحكومي أمام لجنة حقوق الطفل الاممية. سادسا : حقوق ذوي الإعاقة رغم مصادقة المغرب على الاتفاقية الخاصة بهذه الفئة من المواطنين والمواطنات وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، فلا زال مشروع القانون الخاص بتنفيذها الذي أعدته الوزارة المعنية في الرفوف، ولم يصدر بعد. مما يجعل تصديق المغرب على الاتفاقية شكليا ودون أثر على واقع المعنيين الذين يعتبرون من الفئات الأكثر معاناة في المجتمع. سابعا : حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء اتسمت 2011 /2012 باستمرار الحملات ضد تواجد المواطنين من جنوب الصحراء ورميهم في الحدود المغربية الجزائرية في ظروف لا إنسانية، دون الاستناد لقرارات إدارية أو قانونية. أما أوضاعهم الاجتماعية فتتسم عامة بعدم تمتعهم بحقوقهم الأساسية كالحق في التعليم او السكن، وكذا حرمان المولودين فوق التراب الوطني من المهاجرين جنوب الصحراء من تسجيلهم بالحالة المدنية وكذا تخويلهم الحصول على الجنسية المغربية بواقعة الولادة فوق التراب الوطني كما يجدون صعوبة في التسجيل في المدارس. كما تتفاقم مآسي المهاجرين من أصل مغربي بالبلدان الغربية خاصة نتيجة العطالة والاضطهاد العنصري والربط التعسفي بين الهجرة والتطرف الديني والإرهاب. وقد تعمقت هذه الأوضاع بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية على أوضاع المهاجرين، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بأوربا. وقد تتبعت الجمعية انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بترحيل المهاجرين المغاربة وإرجاعهم للمغرب من ضمنهم القاصرين غير المرافقين عبر باب مليلية و سبتة وبعد الإعتداء عليهم جسديا و تعنيفهم . وفي ظل استمرار الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو أوربا والتي لازالت تنتج مآسي حقيقية، من بينها وفاة العديد من المواطنين في قوارب الموت و كذا قتلهم من قبل الحرس المدني الإسباني مؤخرا. وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية للأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء لبلادنا بنِيَة العبور نحو أروبا، فلازالت المعالجة القمعية هي السائدة ببلادنا ضدا على معايير حقوق الإنسان. وما زالت الجمعية تطالب بالكشف عن الحقيقة في الأحداث الأليمة والدامية التي تمت على مشارف سبتة ومليلية في خريف 2005 و التي تشير كل اصابع الإتهام الى اطلاق لنار من قبل عناصر من الجيش الملكي المغربي التابع للفيلق الخامس الذي استقدم من الصحراء لغرض حماية مليلية من تدفق المهاجرين الأفارقة عليها. ثامنا : الحق في البيئة السليمة رغم دسترة المغرب للجيل الثالث من الحقوق والذي ينص على البيئة السليمة وتوفره على ترسانة قانونية تزيد عن 700 وثيقة لها علاقة بالبيئة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنها غير كافية للحفاظ على البيئة السليمة؛ نظرا لتجاوزها من طرف الواقع ومحدوديتها، وعدم تغطيتها لكافة المجالات، وتشتتها على العديد من النصوص القطاعية وجهلها من طرف المهتمين، وعدم كفاية وسائل الردع التي تتضمنها وعدم ملاءمتها مع التشريع الدولي، وعدم فعالية الآليات المكلفة بتطبيقها. ومن خلال ما سبق نجد انه رغم ارتقاء الدستور المغربي في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة وخلقه مجموعة من الهيئات والمؤسسات لتفعيل هذه الهيئات، خاصة تلك المتواجدة في الباب الثاني عشر التي تهم الحريات والحقوق الاساسية، والباب الثاني الذي ينص على المحكمة الدستورية والعاشر الذي يتضمن مقتضيات المجلس الأعلى للحسابات، ودسترة الأول مرة في تاريخ دساتير المملكة والعالم للحكامة الجيدة أو الرشيدة والتي تحمل في مقتضياتها الشفافية والمسؤولية والمحاسبة، ومصادقة المغرب على حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وكذلك تركيز صاحب الجلالة نصره الله في خطاباته السامية على حقوق الإنسان والخيار الديمقراطي وتوفير المواطنة الكريمة، والعدالة الاجتماعية وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات الديمقراطية والحكامة الجيدة من اجل ان يضمن لنا حياة افضل والرقي بدولتنا الحبيبة، إلا انه يبقى تطبيق هذه الحقوق كما هو منصوص في الدستور والمعاهدات المصادق عليها من قبل دولتنا والمتواجدة التشريعات الوطنية على ارض الواقع يعرف العديد من الثغرات والنواقص واللامبالاة خطيرة، لا بل وحتى انتهاكات جسيمة من طرف السلطات والمسؤولين. إخواني أخواتي هذا ما جاء به تقريرنا لهذه السنة و نطلب منكم المؤازرة و الدعم حتى نستمر في المطالبة باستكمال ترسانتنا الحقوقية بمفهومها الكوني تدوينا وتطبيقا و السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته. حرر وقرأ بالمقر المركزي لجمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان ببني أنصار الناظور(المغرب) على مسامع الجميع و صودق عليه بتاريخ: 15 مارس
حيث إنتهى المؤتمر بقراءة برقية ولاء و إخلاص للسدة العالية بالله الملك محمد السادس من قبل المصطفى حجاج وختاما قرأت سورة الفاتحة، حيث نظم حفل شاي على شرف المؤتمرين و الضيوف