لقد أصبح لزاما على الفاعلين التربويين و الممارسين للعملية التعليمية التربوية بشكل مباشر أن تعي اليوم بأهمية الأنشطة التعاونية ، ويحق لنا جميعا أن نطالب بضرورة الرقي بدور جمعية تنمية التعاون المدرسي و إخراجها من النمطية التي تسير عليها منذ سنوات ، لما لأنشطتها من انعكاسات إيجابية على تنمية شخصية المتعلم في جميع جوانبها الوجدانية و المعرفية و الحس حركية ، لاسترجاع المدرسة المغربية لدورها كفضاء تربوي يشجع على التفتح و التحصيل الذاتي للتلميذ أكثر من مجرد مكان لتلقي المعرفة ، حتى يصبحوا مواطنين مسؤولين و فاعلين في مجتمعهم ، غير أن واقع الحال الذي تعيشه منظومتنا التربوية في مجال العمل التعاوني يتفاوت بين مؤسسة و أخرى ومن مدرس إلى آخر ، حيث أن معظم أقسامنا بالتعليم الابتدائي و فضاء مؤسساتنا لا تستجيب حاليا للطموحات و الغايات المنشودة خاصة بالعالم القروي … و لتسليط الضوء على مهام و دور جمعية تنمية التعاون المدرسي وعن أشغال اليوم الوطني للتعاون المدرسي الذي غاب هذه السنة وسط تساؤلات وتأويلات في أوساط الشغيلة التعليمية ، عملت تم البحث في الموضوع من خلال مساءلة بعض المشرفين من ذوي الخبرة و التجربة الميدانية في هذا المجال لمعرفة الأسباب الحقيقية و الموضوعية للحالة و للفتور و الخمول الذي يعرفه العمل التعاوني بالمدرسة الابتدائية…، حيث أكد عدد من المعلمين و مديري المؤسسات التعليم الابتدائي و أعضاء سابقين في الفرع الإقليمي للجمعية بالناظور ، أن الرئيس الفعلي للجمعية بالناظور لا يمارس مهامه لأسباب مجهولة وقد سلمت المهام لأحد أعضاء الجمعية قصد تدبير المرحلة ، الشيء الذي أحدث خلل وتراجع كبير في العمل التعاوني بالإقليم ، أضف إلى ذلك أن الجمعية الأم هي الأخرى تعمل في وضعية غير قانونية….، وأنها أصبحت لا تساير الإصلاحات التي تعرفها المنظومة التعليمية بالمغرب ، هذا أن اشتغالها أصبح متجاوزا في ظل المتغيرات التي تعرفها المنظومة التعليمية ، مما أدى إلى عدم تفعيل برامج تنشيط الحياة المدرسية ، إضافة إلى عدم استثمار الحصص المخصصة للعمل التعاوني ، بفعل عدم تضمين برامج التكوين المستمر في مجال العمل التعاوني نظريا و تطبيقيا لتتمكن الأطر التربوية من إدراك ذلك التكامل بين الأنشطة التعاونية و الموازية و المناهج التعليمية و المحتوى المعرفي للدروس التي يتلقاها التلميذ ، إضافة إلى غياب تحفيز و تشجيع المبدعين و المتميزين من التلاميذ في المجال التعاوني داخل الفصول الدراسية ، و عدم تسطير برنامج سنوي على مستوى النيابة يتضمن إضافة إلى الأنشطة التقليدية المعتادة برامج ودورات تكوينية لفائدة الأطر التربوية الذي يجب أن تسند لذوي الخبرة الميدانية و الكفاءة المهنية ، لتمكينهم من آليات تطبيق واستثمار مختلف الأنشطة التعاونية داخل فضاء المؤسسة و خارجه …. و يضيف أحد المنشطين أن ما يحول دون تحقيق الغايات المتوخات من الأنشطة التعاونية عدم وجود دليل للمعلم في النشاط المدرسي يبين أهداف كل نشاط وأسسه وأهميته وأنواعه إضافة إلى أن جل المدرسين وأولياء الأمور لا يعيرون أي اهتمام للأنشطة التعاونية واعتباره عملا هامشياً ، و أنه في ظل عدم تواجد مشرف متفرغ لدى كل مؤسسة يحول دون تطبيق الأنشطة ، زد على ذلك ضعف الإمكانيات المادية ونقص الأجهزة والأدوات الخاصة و الاكتظاظ داخل الفصل الدراسي و طول المنهج الدراسي و عدم تخصيص فضاء في المدرسة لممارسة الأنشطة المقترحة ، في ظل عدم قيام الإدارة التربوية بمتابعة الأنشطة والتشجيع على تنفيذها ، و عدم اهتمام الموجهين والمشرفين على العملية التربوية بالنشاط المدرسي ، ناهيك عن غياب التام للمصادر التي يمكن الرجوع إليها عند إعداد برامج النشاط التعاوني ، و الدورات التدريبية للمعلمين المشرفين على الأنشطة المدرسية بهدف تجديد أفكارهم ….. ويرى أحد المديرين أن الاحتفال باليوم الوطني للتعاون المدرسي الذي يصادف السبت الأخير من شهر نوفمبر… هو تقليدا يمارس في المؤسسات التعليمية ، وأنه أصبح من اللازم التفكير في تغيير المنهجية المتبعة حاليا خاصة فيما يخص طريقة استخلاص المبالغ المالية من التلاميذ و التلميذات المنخرطين الرئيسيين في الجمعية التي يجب مراقبة أوجه و طريقة صرفها ، التي تتوزع بين 40 في المائة تخصص للمؤسسة و الباقي أي 60 في المائة يوزع على الشكل التالي : 10 في المائة للجمعية الأم و 10 في المائة للمخيمات الصيفية و 20 في المائة للدعم الاجتماعي و 20 في المائة للفرع الإقليمي ، هذا الأخير الذي من المفروض أن يساهم في تنشيط التعاونيات المدرسية ولكن للأسف الشديد أصبح دوره يقتصر فقط على جمع إنخراطات التلاميذ ، ليبقى اليوم الوطني للتعاون المدرسي مجرد زمن لتنظيف الأقسام و تأسيس تعاونية القسم و القيام ببعض الأعمال اليدوية فقط ، تحت شعار و برنامج مسطر و تدابير جديدة على مستوى الفرع و الجهة و المؤسسة و القسم لتبقى كلها حبرا على ورق …أضف لذلك غياب لجن المراقبة والتتبع لهذا اليوم الوطني ، الذي جرت العادة في الماضي أن يتوزعون على زيارة المؤسسات التعليمية و الإطلاع على تتبع مختلف الأنشطة الثقافية و الفنية و البيئية و استثمار التقارير الخاصة باليوم الوطني للتعاون المدرسي التي عادة ما تبقى حبيسة المكاتب المغلقة … ولهذا فإذا أردنا أن نعيد لهذا اليوم الوطني بريقه و مجده فلابد أن يتحمل الجميع المسئولية من مدرسين و منشطين و مديرين و أعضاء جمعيات تنمية التعاون المدرسي الإقليمية و الجهوية و المركزية ، مع الحرص على ضرورة صدور مذكرة اليوم الوطني للتعاون المدرسي 15 يوما قبل يوم الاحتفال مصحوبة ببرنامج مفصل حول هذا اليوم مع تحسينه وجعله يتماشى مع المستجدات التي تعرفها الساحة التعليمية ، كما يجب أن يواكب هذا اليوم لجن التتبع و المراقبة إضافة إلى جعل قسم الأنشطة الثقافية و الفنية و التربوية يستفيق من سباته العميق و يسطر برنامج تربوي و ثقافي و فني ، طموح و أنشطة تهتم بتنمية القدرات و المهارات العلمية و الفنية و الاجتماعية لدى المتعلمات و المتعلمين، مع ربط الاتصال بين جميع المؤسسات التعليمية عن طريق الإشراف على تنظيم مسابقات ثقافية وفنية و مكافأة المتفوقين بجوائز تحفيزية ، وترسيخ ثقافة الديمقراطية و تحمل المسؤولية وتنمية الحس الوطني ،عبر تقوية الشعور بالانتماء للمؤسسة ،وجعل التلميذات و التلاميذ ينفتحون على محيطهم و يؤثرون فيه….. الشيء الذي يتطلب منا جميعا العمل على إعادة النظر في أسلوب و طريقة عمل جمعية تنمية التعاون المدرسي ، الفعل الذي يبقى رهينا بتواجد إرادة حقيقية للفاعلين التربويين و المشرفين و جرأة من وزارة التربية الوطنية لإصلاح الإختلالات الذي يعرفه هرم العمل التعاوني لتجاوز الوضع الحالي لما لهذا الأخير من أهمية بالغة في تحقيق مدرسة النجاح التي نسعى جميعا لتشييدها …..