جاء مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد بجملة وافرة من المستجدات التي تضمن حسن سير العدالة المدنية، كما قدمها عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، خلال انعقاد المجلس الحكومي أمس. من أهم هذه المستجدات التي أوضح تفاصيلها عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، ما نصت عليه المادة 10 من مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، مبرزا أنها لم تقف عند حدود إلزام كل متقاض بممارسة حقه في التقاضي بحسن نية، بل نصت على غرامة مدنية ثقيلة كجزاء على من ثبت في حقه التقاضي بسوء نية. بالنسبة للجباري، فإن هذا المستجد يعد تقدما تشريعيا محمودا، إذ إن قانون المسطرة المدنية الحالي لم ينص سوى على قاعدة التقاضي بحسن نية دون إشفاعها بأي جزاء من الجزاءات، وذلك في الفصل 5 منه. وقال في هذا السياق إن ثبوت سوء نية المتقاضي من عدمه، حسب نص المادة 10 من المشروع، موكول إلى السلطة التقديرية للمحكمة التي ستقدر مدى توفره في إطار الموازنة بين الحق والواجب، ذلك أن ما قد يبدو سوء نية للبعض قد لا يبدو للبعض الآخر كذلك، خصوصا وأن الأمر مرتبط بحق التقاضي المكفول دستوريا بموجب الفصل 118 من الدستور، وأن هناك خيطا رفيعا بين هذا الحق وواجب ممارسته بحسن نية، وحسنا فعل المشروع عندما وضع معيار للتفرقة بينهما، حيث ربط ممارسة ذلك الحق بما لا يعرقل حسن سير العدالة، مما يفهم منه أن كل عرقلة لحسن سير العدالة تعتبر قرينة على سوء نية المتقاضي الذي يقوم بها. وسجل الجباري أن "المادة 10 لم تحدد كيفية إصدار المحكمة لحكمها بالغرامة المذكورة، هل بموجب حكم عارض مستقل أم في الحكم البات في الجوهر أم بمقتضى أمر ولائي، وتدقق هذه الملاحظة أكثر عندما يثبت للمحكمة سوء نية المتقاضي وتحكم عليه بالغرامة المذكورة تلقائيا، وهو ما قد يؤدي إلى تضارب في عمل المحاكم بهذا الشأن، مما يتعين معه توضيح هذه الجزئية في مشروع المادة المذكورة لتفادي التضارب المذكور"، على حد تعبيره. وتهدف التعديلات الجديدة إلى مراجعة قانون المسطرة المدنية قصد تحيين مقتضياته لتتلاءم والمعطيات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة، ولتستجيب للحاجيات التي يعبر عنها المتقاضون وباقي الفاعلين. ويندرج المشروع، حسب كلمة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، خلال اجتماع مجلس الحكومة، في سياق تنفيذ التوجيهات الملكية التي خطها الملك محمد السادس، الهادفة إلى إصلاح منظومة العدالة إصلاحا شاملا وعميقا. كما يدخل في سياق تنزيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وتفعيل التصريح الحكومي والمخطط التشريعي برسم الولاية التشريعية الحادية عشرة.