ابتداء من الموسم الجامعي 2023، ستشرع الجامعات المغربية في تطبيق إصلاح بيداغوجي جديد، يقوم على أربعة أركان أساسية تهدف إلى تحقيق التميز الأكاديمي والعلمي، والإدماج الترابي والتنمية الشاملة، والإدماج الاقتصادي والتنافسية، والإدماج الاجتماعي والاستدامة، وذلك بهدف تلبية متطلبات سوق العمل الحديثة. صادق الاجتماع الحكومي الذي عقد مساء الاثنين 24 يوليوز 2024، على مرسوم تحديد اختصاص المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا وكذا الشهادات الوطنية المطابقة، الذي قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي. ويهدف النموذج الجديد للجامعة المغربية، إلى تمكين الطلاب من المهارات والمعارف التي ستعينهم على التكيف مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة. كما يسعى إلى جعل الطلاب في مرحلة الإجازة مواطنين مسؤولين ومستقلين، يتمتعون بالمهارات التقنية واللغوية والسلوكية الضرورية لسوق العمل. يسعى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من خلال هذا الإصلاح، إلى تحقيق قفزة نوعية في المجال التعليمي عبر إرساء التنظيم البيداغوجي الجديد، الذي يهدف إلى إحداث تغيير شامل في منظومة التعليم، بدءًا من المستويات الأولى من الإجازة حتى مرحلة الدكتوراه. يعتمد هذا التنظيم على محتوى تعليمي مبتكر ومقاربات بيداغوجية تتماشى مع المعايير الدولية، مما يسهم في تعزيز فرص النجاح والتميز وتعزيز جودة الأداء التعليمي. أحد أهم أسس التغيير في التنظيم البيداغوجي يكمن في إعادة النظر في مخرجات نموذج التعليم الحالي، وذلك بالاستناد إلى مواصفات الخريجين المطلوبة. وفقًا لهذا النهج، يتم تحديد أهداف تعليمية محددة لكل سلك دراسي، حيث يتم توجيه الجهود نحو صقل القدرات والمهارات اللازمة لكل مستوى. في سلك الإجازة، يهدف التنظيم البيداغوجي إلى تحضير مواطنين مسؤولين ومستقلين، يمتلكون القدرات التقنية واللغوية والسلوكية اللازمة لنجاحهم في الحياة الاجتماعية والمهنية. يُعزز التركيز على تطوير المواطنية النشطة والمشاركة المجتمعية للطلاب، ليكونوا قادرين على تحمل المسؤولية والمشاركة الإيجابية في تنمية المجتمع. أما في سلك الماستر، يسعى التنظيم الجديد إلى صقل الطلاب وتحويلهم إلى خبراء في تخصصاتهم، مجهزين بالتفكير النقدي والقدرة على الابتكار. ويتم تطوير برامج تعليمية متطورة تتيح للطلاب فرص التعلم العميق والاستقلالية البحثية، مما يمكِّنهم من المساهمة بفاعلية في تعزيز القدرات التنافسية للقطاع الإنتاجي والاقتصادي. أما سلك الدكتوراه، فهو يشهد اهتماماً خاصاً في التنظيم البيداغوجي الجديد، حيث يتم تأهيل جيل جديد من الباحثين وأساتذة الجامعات الباحثين بمعايير دولية وخبرات واسعة. تُعزز البحث العلمي والتطوير التكنولوجي للارتقاء بالمعرفة والعلوم، وتحقيق أولويات التنمية الوطنية والمساهمة في رفعة الوطن وتقدمه. وتتضمن مستجدات التنظيم البيداغوجي الجديد أيضاً آليات للمواكبة والتطوير المستمر، بهدف تعزيز تكافؤ الفرص لجميع الطلاب وتحقيق نجاعة أداء المنظومة التعليمية في شموليتها. ويتطلب تحقيق هذه الأهداف تعاوناً مشتركاً بين الجهات التعليمية، المجتمع، والأسرة، لضمان تحقيق النجاح والاستفادة القصوى من الجهود المبذولة في تطوير التعليم. أبرز التغييرات ويتغيى هذا الإصلاح البيداغوجي إلى معالجة أزمات الجامعة المغربية العمومية، التي من بينها عدم مواءمة تخصصات الطلاب مع احتياجات سوق العمل، إلى جانب تقليص عدل التسرب الجامعي الذي يصل إلى 49% بين طلاب سلك الإجازة دون الحصول على شهادة. ووفق المعطيات المتوفرة فإن التغييرات لن تؤثر على عدد وحدات دراسة الطلاب في سلك الإجازة، حيث سيدرسون ست وحدات، اثنتين في كل سنة. وسيتم التركيز بنسبة 70 إلى 80 في المئة خلال السنتين الأولى والثانية على رفع معدل التأطير وتعزيز تدريس وحدات الاختصاص باللغة الإنجليزية. أما في السنة الثالثة، فسيتعامل الطلاب مع وحدة ممتهنة ويخضعون لفترة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر. أما في سلك الماستر، فسيتم تشجيع تدريس وحدات باللغة الإنجليزية في الوحدات السابعة والثامنة والتاسعة، وسيكون على الطالب أن يعمل على مشروع بحث خلال الوحدة العاشرة. وتهدف الوزارة إلى تعزيز الإدماج المهني للخريجين من خلال الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز قدرات الطلاب على تحسين القدرات التنافسية للنسيج الإنتاجي. تطوير النموذج البيداغوجي للتعليم العالي (LMD) تعزز هذه الإصلاحات الجهود المبذولة لتطوير النموذج البيداغوجي للتعليم العالي (LMD) وتحسينه بما يعكس تطلعات المجتمع واحتياجات سوق العمل. وهكذا سيُحدث التفعيل الشامل والكامل لجميع آليات النموذج البيداغوجي تغييرات جذرية في التعليم العالي، وسيكون له تأثير إيجابي على المستقبل الأكاديمي والمهني للطلاب والمؤسسات التعليمية. تمهيدًا لتحقيق هذه الأهداف، سيتم مد الجسور بين المسالك والمؤسسات، مما يتيح للطلاب إمكانية إعادة التوجيه والتحويل بين المسالك والانتقال إلى مؤسسات تعليمية أخرى، مع الاحتفاظ بالوحدات الأكاديمية التي اجتازوها. ويعتمد نظام الأرصدة القياسية لتسهيل هذه الحركة، حيث يتم احتساب وترصيد المكتسبات الأكاديمية للطلاب عند استيفاء الوحدات والمسلك. وتهدف هذه الإصلاحات أيضًا إلى تحقيق حركية وطنية ودولية للطلاب، مما يسمح لهم بمتابعة جزء من دراستهم في جامعات ومؤسسات تعليمية أخرى وترصيد المكتسبات التعليمية. وسيساعد هذا المبدأ في توسيع آفاق التعليم العالي وتعزيز التبادل الثقافي والأكاديمي بين الجامعات. ومن بين الإصلاحات الأخرى، سيتم إدراج إمكانية احتساب الأنشطة بالموازاة مع التكوين المبرمج بالمسلك، مما يسمح بإضافة أرصدة قياسية للطلاب خلال المداولات الخاصة بتنفيذ المسلك. وهذا سيسمح للطلاب بتسجيل الأنشطة المتعلقة بالتدريب والأبحاث التي يشاركون فيها خلال فترة تكوينهم. مسالك جديدة مع تعدد أنماط التدريس أما بالنسبة لمؤسسات الاستقطاب المفتوح، فستخضع لمراجعة تفصيلية وتحديث لمسالك الإجازة والجذوع المشتركة التي لم تتغير لفترة طويلة. كما سيتم فتح مسالك جديدة للإجازة من قِبل الجامعات لتنويع العرض التكويني وتحقيق أهداف المخطط الوطني للتعليم العالي. ستُراعى في هذا السياق الحاجيات المحلية والاقتصادية للمنظومة التعليمية والجهوية بالتعاون مع القطاعات الاقتصادية والفاعلين. على الجانب التنظيمي، سيتم إدخال ملحق للدبلوم يساهم في توثيق مسار التكوين الأكاديمي للطلاب ويتضمن معلومات مفصلة عن الأنشطة والتدريبات والأبحاث التي قاموا بها. سيساعد هذا الملحق الطلاب على توضيح قدراتهم ومهاراتهم ومعرفتهم في اللغات والمجالات الأخرى، وبالتالي تسهيل متابعة دراساتهم العليا والتحرك بسلاسة في السوق العمل. وتجمع هذه الإصلاحات بين التعليم الحضوري والتعليم عن بعد والتعليم بالتناوب، مما يتيح للطلاب اختيار الأسلوب الذي يتناسب مع احتياجاتهم الشخصية والأكاديمية. مراكز التميز والتطوير: بناء جيل جديد من الخريجين المؤهلين تعتبر مراكز التميز التي أعلنت وزارة التعليم العالي عن تأسيسها خطوة هامة نحو تحسين جودة التعليم وبناء جيل جديد من الخريجين المؤهلين والمتميزين، يمتلكون المعرفة والمهارات اللازمة للمساهمة في تطوير المجتمع والارتقاء بالمملكة نحو مستقبل أكثر تقدمًا وازدهارًا. ويتأتى هذا الهدف من خلال توفير مسارات دراسية جديدة تتجاوز المسارات التقليدية، مما يسمح للطلبة بإعادة توجيه مساراتهم الدراسية نحو مجموعة من التخصصات الحديثة والمستقبلية التي تلبي احتياجات سوق العمل المتجددة. ومن بين أهم المجالات التي تشملها مراكز التميز التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والتطبيقات الاستراتيجية للقانون والدبلوماسية والتنمية المستدامة والطاقات المتجددة والسوسيولوجيا وغيرها. هذه المجالات لها مستقبل واعد في سوق العمل، وتحتاج إلى خريجين ذوي كفاءات عالية يمتلكون المعرفة والمهارات اللازمة للمساهمة في تطور المجتمع والاقتصاد. بالإضافة إلى إحداث مراكز التميز، يتضمن الإصلاح التعليمي إطلاق سلك جديد للإجازة في التربية، بهدف تكوين أساتذة جدد يتبنون هندسة بيداغوجية متجددة تلبي متطلبات العصر وتسهم في تطوير أساليب التعليم والتدريس. ومن أجل تلبية حاجيات الفاعلين الاقتصاديين والقطاعات الوزارية، يتم إطلاق برامج تعاقدية للتكوين تركز على الجانب العملي والتطبيقي للمعارف، مما يعزز دور الجامعة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. هذه البرامج يُمكن أن تكون مرنة ومتنوعة، تُناسب متطلبات الفرص الوظيفية والتحديات المعاصرة. كما تسعى الجامعة إلى تعزيز مكانة الإنجليزية كلغة للتدريس والتواصل العلمي. لذلك، يتم فتح مسالك تكوينية باللغة الإنجليزية وتقديم وحدات تدريس باللغة الإنجليزية في مختلف التخصصات. ومن أجل تعزيز مهارات الطلبة وتحسين فرص اندماجهم في سوق العمل، يُولى اهتمام خاص بتطوير المهارات الأفقية واللغوية والرقمية. فهذه المهارات الشاملة تعتبر المحددات الأساسية لنجاح الخريجين في العمل وتحقيق التنمية الشاملة. ويتضمن الاصلاح أيضا توفير تكوينات للغات الأجنبية والتكنولوجيا الرقمية والمهارات الأفقية من خلال المنصات الدولية للتكوين، مما يمكن الطلبة من اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل العالمي وزيادة قدراتهم التنافسية. مهارات اللغة والرقمنة يولي الإصلاح الجديد أهمية خاصة للجوانب اللغوية والرقمية، حيث سيخضع الطلاب المسجلون في سلك الإجازة لاختبارات من أجل تحديد مستواهم اللغوي والرقمي. ويتوقع من الطلاب الحصول على مهارات القوة والمواطنة، مثل المهارات الدراسية والحياتية والمهنية وريادة الأعمال. وسيكون حصول الطالب على دبلوم شهادة الإجازة مرتبطًا بتطويره للمهارات اللغوية والرقمية التي اختبر فيها عند التسجيل. يجب أن يتمكن الطالب من الوصول إلى مستوى « B1′′ في اللغة الإنجليزية و « B2′′ في لغة التدريس، وأن يتقن برامج التطبيقات المكتبية الأساسية ومفاهيم الترميز (Codage) . وهكذا سيرتبط حصول الطلاب على دبلوم الإجازة بتطويرهم لهذه المهارات، مع تحديد المستوى المطلوب منهم في اللغة الإنجليزية ولغة التدريس، بالإضافة إلى المهارات الرقمية الأساسية. ويُشترط لطلاب الماستر أن يحصلوا على مستوى « C1′′ في اللغة الإنجليزية ولغة التدريس، بالإضافة إلى شهادة في المهارات الرقمية التي تشمل التسويق عبر الإنترنت والأمان السيبراني. ويُركز الإصلاح البيداغوجي الجديد أيضًا على بناء قدرات الطلاب لتملك « حس وطني » وتعزيز العيش المشترك في المجتمع. ستشمل المناهج تاريخ المغرب وثقافته والمواطنة والحس المدني. وتهدف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى مواءمة الإصلاح البيداغوجي مع أهداف النموذج التنموي الجديد، من خلال تعزيز الإدماج المهني وانفتاح الجامعة على المحيط الاقتصادي، وتعزيز قدرات الطلبة لجعلهم يتمتعون بحس الابتكار والمبادرة المقاولاتية. نحو المستقبل الرقمي للتعليم في عصر التكنولوجيا والرقمنة الذي نعيش فيه، أصبح توفير منصات رقمية ضرورة ملحة لتحسين جودة التعليم وتعزيز قدرات الطلبة في المغرب. ويتضمن الإصلاح البيداغوجي الجديد إحداث المنصات لتقديم دعم بيداغوجي متميز وفرص متضاعفة لنجاح مسار الطلبة الأكاديمي. تعتمد هذه المنصات على توفير دروس مرقمنة في مجالات التخصص المختلفة، فضلاً عن توفير أسئلة واختبارات وأعمال تطبيقية وتمارين مصححة تعزز عملية التعلم وفهم المفاهيم بشكل أفضل. ومن أجل مواكبة التطورات الرقمية وتجنيد جيل مغربي متميز في مجال الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا، ينبغي تمكين الطلبة من مهارات مزدوجة تؤهلهم لسوق العمل المتغيرة. ولهذا الغرض، سيتم إنشاء فضاءات للترميز باسم « 212 Code » في الجامعات، والتي ستقدم للطلبة الفرصة لاكتساب مهارات متميزة في المجالات الرقمية مع إمكانية الحصول على شهادات معتمدة. وستعتمد هذه المنصات على بيئة تعليمية نشطة تركز على مشاريع التعلم العملية والتفاعل مع الأقران، مما يمكّن الطلبة من بناء أسس قوية لمستقبلهم المهني. ويتوخى التحول التعليمي أيضًا تعزيز الأنشطة الموازية في الحياة الجامعية، باعتبارها رافعة أساسية لتطوير قدرات الطلبة وإثراء خبراتهم الأكاديمية والشخصية. عبر الأندية الطلابية والبرامج المتنوعة للأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والتطوعية، يمكن تعزيز مهارات التواصل والقيادة والعمل الجماعي، وتحفيز الطلبة للمشاركة الفاعلة في المجتمع والتعلم من خلال التجارب العملية. ومن أجل التأكد من جودة التعليم العالي بالمغرب، يدعو الإصلاح الجديد إلى إعادة النظر في الضوابط العلمية والبيداغوجية لسلك الدكتوراه، بهدف تكوين جيل جديد من طلبة الدكتوراه بمعايير دولية عالية، وتوفير مشتل للكفاءات الشابة والموهوبة التي يمكنها تجديد هيئة الأساتذة الباحثين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إعادة النظر في الضوابط المنظمة لسلك الدكتوراه ومراكز التكوين الدكتوراه بالجامعات. تحسين معايير الانتقاء لولوج سلك الدكتوراه تحسين مستوى التعليم العالي وضمان جودة البحث العلمي يعد أمرًا بالغ الأهمية في تطوير المجتمع وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي. وتروم هذه الجهود إلى إعادة النظر في سلك الدكتوراه وتحسين معايير الانتقاء والتدريب والتأهيل للأساتذة الباحثين المستقبليين. في ما يلي بعض الإجراءات المقترحة لتحسين هذا الجانب الحيوي في التعليم العالي. تتمثل أول خطوة ضمن الإصلاح البيداغوجي في إعادة النظر في عملية انتقاء الطلاب المرشحين لسلك الدكتوراه، إذ ستكون عملية الانتقاء شديدة الدقة والشفافية، حيث تعتمد على معايير صارمة لقبول الطلاب الأكثر تميزًا وكفاءة في مجالاتهم البحثية المختصة. علاوة على ذلك، ستكون الدورات التكوينية لسلك الدكتوراه ذات محتوى متميز يشمل مجالات الابتكار البيداغوجي، حتى يتمكن الطلاب الباحثون من تحضير أنفسهم لتولي مهام التدريس بنجاح في المستقبل. وستؤدي هذه الدورات أيضًا إلى إشراك طلاب الدكتوراه في أنشطة التأطير البيداغوجي والبحث العلمي، حتى يتعلموا كيفية توجيه الطلاب ومرافقتهم على الطريق الأكاديمي والمهني. أما بالنسبة للأبحاث العلمية ومناقشة الأطروحات، فسيتم وضع شروط صارمة تضمن جودة الملفات العلمية للأساتذة الباحثين ولجنة مناقشة الأطروحات. ويجب أن تعكس هذه الشروط أعلى معايير البحث العلمي والإسهامات المبتكرة في مجالاتهم المختصة. من ناحية أخرى، تعتبر المهارات اللغوية والرقمية أمرًا حيويًا لتطوير الأبحاث العلمية والتواصل مع المجتمع العلمي العالمي. لذا، يجب أن يكون الإشهاد في اللغات الأجنبية وتدريب الطلاب على المهارات الرقمية ضرورة إجبارية. من الناحية العملية، يمكن تعزيز البحث العلمي والتدريس من خلال الحركية الطلابية والتعاون مع الجامعات الدولية والمقاولات. يمكن أن تسهم هذه الشراكات في تبادل المعرفة والخبرات وتطوير بيئة أكاديمية تحفز على الإبداع والابتكار. أما بالنسبة لتأهيل الأساتذة الباحثين، فينبغي تنظيم عمليات التأهيل الجامعي وفق معايير صارمة للتفوق الأكاديمي والعلمي. يمكن إحداث شهادة جامعية جديدة (شهادة التأهيل الجامعي) تُسلم من قبل الجامعات، وتعيين لجنة وطنية للجامعات لمتابعة الملفات العلمية والبيداغوجية وشروط مناقشة التأهيل الجامعي. إحداث وحدة جديدة تتضمن خطة إصلاح التعليم الجامعي إحداث وحدة جديدة مبتكرة تهدف إلى تمكين الطلبة من اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة للاندماج في سوق العمل والمساهمة في نمو الاقتصاد الوطني. وتتمثل فكرة الوحدة في توفير تخصصات متخصصة تناسب احتياجات السوق المحلية، مثل التأمين، واللوجستيك، والخدمات المصرفية، وتعزيز فرص التوظيف والإدماج المهني. وستقدم هذه الوحدات البيداغوجية الدعم اللازم للطلبة من خلال دروس مصممة بعناية في التخصصات المختلفة، إلى جانب دورات تدريبية عبر الإنترنت تهدف إلى تحسين المهارات الرقمية والمهنية للطلبة. ومن المقرر أن يتم تنفيذ هذا التكوين في مراحل متقدمة من التعليم العالي، مثل سلكي الماستر والدكتوراه، لتزويد الطلبة بمهارات الابتكار والمبادرة المقاولاتية، وريادة الأعمال، والتكنولوجيا الحديثة، والاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية. وتأتي هذه الخطوة في إطار التركيز على تعزيز هوية المغرب الوطنية وتعزيز التعايش المشترك في المجتمع. وستُدرَّس مجموعة من الوحدات البيداغوجية التي تغطي مواضيع متنوعة مثل التاريخ، والثقافة، والمواطنة والحس المدني. ومن ضمن الوحدات التاريخية ستكون هناك دروس متخصصة في تاريخ المغرب، والمؤسسات المغربية، وتاريخ العلاقات الدولية للمغرب، بالإضافة إلى دروس تركز على دور المغرب في تعزيز التفاعل بين الثقافات. أما الوحدات الخاصة بالمواطنة والحس الإنساني، فستركز على تعزيز ثقافة السلامة والتعايش السلمي، والمواطنة الرقمية والأمن السيبرياني، والمسؤولية الاجتماعية والبيئية. وتشمل وحدات الثقافة الوطنية التراث الموسيقي المغربي، والتراث المعماري المغربي، والتراث غير المادي، والفن المعاصر والتصميم. محددات التنظيم البيداغوجي الجديد طبقا للتنظيم القانوني للتعليم العالي، يحدد المرسوم تنظيم أسلاك التعليم العالي والشهادات الوطنية المتعلقة بها. ومن بين أبرز محددات التنظيم البيداغوجي الجديد الواردة في مشروع المرسوم: 1. النظام الثلاثي: يُحافظ المرسوم على نظام الإجازة – ماستر – دكتوراه مع تحديد مدد أسلاكها بثلاث سنوات للإجازة، سنتين للماستر، وثلاث سنوات للدكتوراه. وهذا يُسهم في تحقيق التخصص والتعمق الأكاديمي. 2. التسميات الجديدة: يتم تبسيط تسميات الشهادات الوطنية لتُعرف الشهادة الوحيدة في الإجازة باسم « الإجازة » دون تمييز بين الإجازة العادية والإجازة المهنية. وتُسمى شهادة الماستر ب « الماستر »، بينما يتم تغيير تسمية الدكتوراه إلى « دفتر الضوابط العلمية والبيداغوجية الوطنية لسلك الدكتوراه » لمواءمتها مع التطورات الحديثة في هذا السلك. 3. التأهيل الجامعي: يتم إحداث شهادة وطنية جديدة تُسمى « التأهيل الجامعي »، وتُمنح من قِبل الجامعات وفقًا لشروط وكيفيات محددة لتوافق المعايير الدولية. هذا يُعزّز من التعليم الجامعي ويفتح آفاقًا أكثر للطلاب في مجالات مختلفة. 4. التدريس المتنوع: يُتاح الانتقال إلى نماذج مختلفة في التدريس، بما في ذلك « التعلم الحضوري والتعلم عن بعد » و »التعلم بالتناوب ». وهذا يُساهم في تلبية احتياجات وظروف الطلاب وتحسين جودة التعليم. هذه التغييرات البيداغوجية الجديدة تمثل فرصة كبيرة للتطوير والتحسين في مجال التعليم العالي. ومع تحديد تواريخ تطبيق المقتضيات التنظيمية الجديدة، يُتوقع أن ينطلق التنظيم الجديد في العام الجامعي 2023-2024 بالنسبة للطلاب المستجدين والطلاب غير المستوفين لفصلي الإجازة الأول والثاني. من جهة أخرى، تحمل هذه التغييرات تحديات عديدة أيضًا، مثل ضرورة وضع دفاتر ضوابط بيداغوجية وعلمية وطنية لكل سلك من أسلاك التعليم العالي، مما يتطلب مراجعة شاملة وتقييم دقيق للمناهج الدراسية والمحتوى الأكاديمي.