في مونديال مكسيكو 1986 وجد المنتخب المغربي لكرة القدم نفسه في مجموعة قوية.فقد تعادل سلبيا في مقابلته الأولى ضد بولونيا ،والنتيجة نفسها عرفتها مقابلته ضد انجلترا،ولازلت أتذكرأن مدرب المنتخب المغربي المرحوم المهدي فاريا لعب بخطة دفاعية محكمة في هاتين المقابلتين ،ولم يغامر كثيرا باللعب خارج منطقته الدفاعية على الرغم من الترسانة الهجومية التي كان يتوفر عليها،أمثال اللاعب خيري عبد الرزاق،واللاعب مصطفى ميري كريمو ،واللاعب عزيز بودربالة،واللاعب الموهوب محمد التيمومي،إلا أن المدرب فاريا لزم خطة دفاعية محكمة ولعب المقابلتين الأولى والثانية بتكتيك محكم احترم فيه الخصمين ألى حد كبير.وقد اقتفى الناخب الوطني وليد الركراكي هذا التكتيك المحكم في مقابلة الأسود الأولى مع كرواتيا،واتت أكلها بحيث منحت اللاعبين ثقة كبيرة في النفس مكنتهم من تجاوز عقبة المنتخب البلجيكي في المقابلة الثانية ،والانتصار بشكل مريح على كندا ،والتأهل إلى دور الثمن،هذان الانتصاران المتتاليان عززا الثقة في النفس لدى اللاعبين المغاربة مما جعلهما يتحكمان في إيقاع المقابلة ضد اسبانيا وهي من هي في الاستحواذعلى الكرة،وأن تستحوذ على الكرة لا يعني أنك في موقع القوة،وأن يصل المنتخب الوطني إلى مرمى الاسبان،وتهديدهم بالتسجيل في أكثر من مناسبة دليل ساطع على أن وليد الركراكي قد قرأ الخصم بشكل جيد ،ووضع استراتيجيته الخاصة تحسبا لأية مفاجأة غير سارة،وأن يخرج اللاعب بوفال في الثلث الأخير من المقابلة فمن أجل إرباك الخصم وإحكام القبض على خطته الدفاعية التكتيكية رغبة في التعادل والمرور إلى الضربات الترجيحية،وهو يعلم أن الحارس بونو سوف لن يخيب ظنه في التصدي لضربات الجزاء،وكذلك كان ،فهنيئا للمنتخب المغربي هذا الفوز التاريخي المستحق.وشاءت اللعبة أن يلتقي المنتخب المغربي في المونديال مرة أخرى ضد المنتخب البرتغالي،ولكن هذه المرة في الربع النهائي،وليس في دور المجموعات كما أسلفت سابقا،واذا كانت النخبة المغربية قد انتصرت على البرتغال في مكسيكو 86،أداء ونتيجة(3_1)فإن كل الشروط مواتية في نسخة مونديال قطر،بدءا بالروح الوطنية القتالية التي يتمتع بها أشبال الركراكي مرورا بالأجواء الرائعة التي تسود في معسكرات الأسود ،مدرب يملك رأسمالا رمزيا يترجمه على أرض الواقع بنهجه لتكتيك محكم مستمد من قراءة الخصم قراءة واقعية،فهو لا يستهين بأي لاعب للخصم،فالمتفرج العادي قد لا تتبدى له نجاعة وفعالية بعض اللاعبين المغاربة في الملعب،وبالرجوع ألى مشاهدة المباريات السابقة يتبدى بالملموس أن كل اللاعبين انصاعوا لاستراتيجية الركراكي بشكل كبير.فالتقيد الصارم بخطة المدرب قد تأتي بثمارها في لقاء المنتخب المغربي ضد نظيرة البرتغالي،فمن يسجل ليس بالضرورة النصيري أو زياش أو حكيمي بضربة ثابتة،فالناخب الركراكي له من المهارات التكتيكية والاحترازية ما يكفي لربح رهان الربع والمرور إلى دور النصف إن شاء الله.فمن كان يظن مثلا أن اللاعب عبد الرزاق خيري سيجل هدفين رائعين في مرمى البرتغاليين ،وبالرجوع إلى تحليل المقابلتين السابقتين لهاته المقابلة يتضح النهج التكتيكي الذي اعتمده المرحوم فريا ،والذي أعطى ثماره .نتمنى كل التوفيق لمنتخبنا المغربي،ومزيدا من التألق والإبداع ان شاء الله. الناقد امحمد امحور