وسط غضب بالمنطقة المغاربية، انطلقت ببرلين الأحد أشغال مؤتمر حول ليبيا تشارك فيه كل من الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو، إضافة إلى أطراف النزاع في ليبيا. وأعرب المغرب عن استغرابه لإقصائه من المؤتمر، وقال بيان الخارجية المغربية إن الرباط لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا المؤتمر، مؤكدا أن المغرب كان دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية. وشددت الخارجية المغربية على أن المملكة اضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاق الصخيرات، الذي ما زال يشكل الإطار السياسي الوحيد الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة القائمة في البلاد، على حد تعبير البيان. وانتقد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الإجراءات التحضيرية لمؤتمر برلين بشأن ليبيا، وأضاف في تصريح لقناة الجزيرة أن المغرب يعتمد دبلوماسية هادئة، وتساءل عن سبب عدم دعوة دول كالمغرب وتونس. كما أكد موقف المغرب الرافض للتدخلات الخارجية في الشأن الليبي، سياسية كانت أم عسكرية، مضيفا أن الليبيين قادرون على إيجاد الحل السياسي، وأن المغرب ضد أي عمل عسكري في ليبيا. ناصر بوريطة اعتبر في تصريح آخر لقناة فراس 24 الفرنسية أن "الإستغناء عن اتفاق الصخيرات يعتبر مغامرة، لأنه حتى الآن الوثيقة المرجعية الوحيدة التي يعتمدها مجلس الأمن، فيما يتعلق بالأزمة الليبية. " فاتفاق الصخيرات هو الأساس الوحيد المتفق عليه من قبل الأطراف الليبية، يقول بوريطة مضيفا أنه إذا " كنا نتحدث عن حكومة الوفاق الوطني، فإننا نتحدث هنا عن حكومة جاءت نتيجة مخرجات اتفاق الصخيرات، وإذا كنا نتحدث عن برلمان طبرق فهو نابع أيضا من اتفاق الصخيرات، وإذا تحدثنا عن مؤسسات الدولة الليبية، فهي أيضا نابعة من اتفاق الصخيرات، الذي وضع هذه الهياكل. لأن رئيس المجلس الرئاسي السراج يأخذ الشرعية انطلاقا من مقتضيات اتفاق الصخيرات." وأوضح بوريطة أن مواقف الكثير من الدول تنبني على اتفاق الصخيرات، "وتعتبره اتفاقا وضع إطارا للمرحلة الإنتقالية في ليبيا. أكيد إن الإتفاق يحتاج إلى التكيف مع التغيرات على أرض الواقع، لمواكبة التحولات التي عرفتها ليبيا منذ التوقيع على هذا الإتفاق سنة 2015. لكنه يبقى هو الأساس." وقال بوريطة "نحن نطرح التساؤل حول المعايير التي تم اعتمادها لإستدعاء الدول المشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا"، مشددا على أن "المغرب انخرط في الملف الليبي منذ البداية من منطقله المغاربي وبالنظر إلى تأثير الأحداث في ليبيا على أمن واستقرار المنطقة المغاربية، بما في ذلك المملكة المغربية. فحتى حين كانت بعض الدول لا تعرف أين توجد ليبيا على الخريطة، كان المغرب يحتضن المناقشات الليبية التي أفضت إلى اتفاق الصخيرات." وشدد بوريطة على أنه "إذا كان هناك مجهود فهو مجهود للمجموعة الدولية، وليس أصل تجاري لبلد معين. إن الأزمة الليبية ليست ملفا يمكن التباهي به أو استغلاله، بل الأزمة الليبية تعكس معاناة شعب وتهديدات بعدم استقرار منطقة برمتها، ومصير المنطقة المغاربية رهين بها." وذكر بوريطة أن " المغرب لا يركض خلف الإجتماعات للتباهي وأخذ الصور. بل إن مشاركة المغرب دائما ما تعطي قيمة مضافة. وقيمة المغرب في الملف الليبي معروفة وكبيرة وتتجلى في اتفاق الصخيرات. وما يريد المغرب أن يقوله أن عدم مشاركته في برلين لا يعني عدم انخراطه في الملف الليبي، وبرلين لا تعتبر اختزالا للملف الليبي. فالملف الليبي كانت له حياة قبل برلين وستكون له حياة بعد برلين، والمغرب يؤكد استمرار انخراطه مع كل الأطراف للتوصل إلى حل سياسي."