بدا المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر متفائلا بشأن مستقبل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، يوم الخميس الماضي بجنيف، عقب اختتام أشغال المائدة المستديرة حول الصحراء، والتي شاركت فيها أطراف النزاع الأربعة، المغرب والجزائر والبوليساريو وموريتانيا. وقال كوهلر إن هناك إمكانية للتوصل إلى "حل سلمي" للنزاع المستمر منذ عقود في المنطقة بعد التئام ممثلي الأطراف حول طاولة مستديرة في جنيف لأول مرة منذ 2012. أشغال المائدة المستديرة، التي دامت يومين وناقشت تطورات قضية الصحراء وعلاقاتها بالإندماج الإقليمي، اختتمت بإعلان كوهلر عن اتفاق الأطراف عقد مائدة مستديرة ثانية قبل نهاية شهر مارس 2019. هل أصبح حل نزاع الصحراء قريبا؟ ورغم جو التفاؤل الذي طبع الندوة الصحافية التي عقدها كوهلر، يرى محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل الدراسات أن مسار الوصول إلى الحل السلمي سيأخذ وقتا طويلا. جو التفاؤل طبع أيضا تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عقب المائدة المستديرة، لكنه تفاؤل قُرن بالحذر والترقب. إذ قال إن "الروح البناءة والإيجابية التي طبعت اللقاء خلال اليومين الماضيين تبعث على التفاؤل، لكنها لا تفكي. ويجب التأكد أن هذه الروح ستترجم إلى إرادة حقيقية في الإجتماعات المقبلة." محمد مصباح اعتبر أن تصريح رئيس الدبلومساية المغربية يؤشر على نجاح المبعوث الأممي كوهلر في إعطاء دينامية جديدة لمسار الجهود التي تقودها الأممالمتحدة لإيجاد حل للملف، "لكن الحذر الذي أبان عنه الجزء الأخير من التصريح يوضح أن هذه اللقاءات التي يرعاها كوهلر ستحتاج وقتا أطول لإنضاج الشروط الموضوعية للخروج بحل سلمي." "نحن مازلنا في المرحلة أولى، وليست هناك مؤشرات بالاقتراب من الحل الآن. فمن غير الواقعي القول أن نزاعا ذو أبعاد إقليمية دام لأكثر من 40 سنة سيُحل في أشهر،" يوضح مصباح، مضيفا أنه وجب ''انتظار ما ستسفر عنه المائدة المستديرة المقبلة. فهي التي ستعطينا صورة عن ما إذا كانت هذه الحوارات قد تقدمت إلى الأمام أم مازلنا نراوح مكاننا.'' الجزائر.. مفتاح الحل المفقود "المائدة المستديرة بجنيف كانت مختلفة عن كل الإجتماعات السابقة،" قال وزير الخارجية المغربي يوم الخميس، مرجعا هذا الإختلاف إلى "حضور كل الأطراف المعنية، وخصوصا الطرف الرئيسي الجزائر، التي شاركت في كل النقط المدرجة في جدول الأعمال، وهو ما لم يحدث في الاجتماعات السابقة." لكن حضور الجزائر يعتبر ناقصا، يقول مراقبون للملف، مرجعين ذلك إلى عدم قبول الجزائر الحضور للمائدة المستديرة كطرف رئيسي في الملف، وإصرارها على صفة "بلد مجاور"، وهو ما يؤشر على أن الجزائر ليست لديها إلى حدود الساعة رغبة حقيقية في إيجاد حلل للنزاع. هذه الرغبة المفقودة أبان عنها وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، في ختام اليوم الأول من المائدة المستديرة، حين رد على سؤال صحافي عن أطوار اللقاء بالقول: "كنا نضحكو". مصدر مطلع أكد لموقع القناة الثانية أن تعليق مساهل لم يكن رد فعل منفعل فقط، بل يكشف إصرار الجزائر على اعتبار حضورهم مجرد خطوة ودية وشكلية وأن لا علاقة لهم بجهور المشكل. في نفس السياق، يعتبر محمد مصباح أنه على المغرب العمل بشكل مكثف خلال الأشهر المتبقية قبيل موعد المائدة المستديرة المقبلة على التقارب بشكل أكبر مع الجزائر، في انسجام مع الدعوة التي وجهها جلالة الملك إلى الجزائر من أجل فتح الحوار لحل كل المشاكل العالقة بين الطرفين. "النظام الجزائري استثمر كثيرا في هذا الملف خلال العقود الأربعة الماضية، ومن غير المرجح أن يقتنع بسهولة على تيسير مسار إيجاد حل سلمي للنزاع، ما لم يكن هذا الحل مفيدا لها،" يقول نفس المتحدث، مضيفا "أنه يجب العمل على إقناع الجزائر بأن التعاون الإقتصادي مع المغرب والإندماج الإقليمي من شأنه أن يضمن للبلدين مستقبلا بآفاق أوسع من مشكل الصحراء."