يظن البعض أنه من السهل جدا أن تصبح نجما على اليوتيوب، فكل ما تحتاجه هو تصوير فيديو وتوضيبه ثم تحميله على المنصة قبل أن تأتي الشهرة والثروة إلى طريقك. ولكن هذه فكرة خاطئة شائعة، إذ أن النجاح على يوتيوب صعب وتحقيقه يتطلب الكثير من الجهد والصبر والإبداع والقدرة على التجديد المستمر. محمد سدراتي، البالغ من العمر 26 عاما، هو كوميدي مغربي أطلق قناته على اليوتيوب قبل 4 سنوات معتمدا على فيديوهات كوميدية حول مواضيع بسيطة من الحياة اليومية للمغاربة من أجل تحقيق الشهرة. اليوم، يبلغ عدد متابعي قناة "سيمو" أكثر من 700 ألف مشترك، كما تعاون مع شركات في إنتاج عدة إعلانات، واعتلى منصات مهرجانات كوميدية، بل اقتحم أيضا عالم التمثيل في مسلسلات رمضانية تبث على الويب. وعلى الرغم من النجاح الذي استطاع تحقيقه، يعترف سدراتي بأنها كانت رحلة صعبة استنفذت منه الكثير من الجهد والعمل، وأضاف: "أضغط على نفسي لكي أتطور باستمرار وأجدد المحتوى الذي أقدمه للمتابعين. هو مجال صعب يكون فيه البقاء للأكثر قدرة على التركيز وتجاهل الرسائل السلبية والمحبطة التي تضج بها بيئة الويب." وأكد أن عمل "المؤثر الرقمي" لا يختلف في شيء عن باقي المهن الإبداعية، بما في ذلك التأليف والابتكار، مضيفا أن صناعة المحتوى لا يأتي بالصدفة بل هو نتاج تفكير لساعات أو أيام أو أكثر قبل الإتيان بفكرة واحدة جيدة، فضلا عن التفكير مجددا في اختيار طريقة تقديمها للجمهور والوقت الأنسب لعرضها بما يضمن انتشارها بشكل واسع. وتمكن سدراتي من تحويل ما يقوم به إلى وظيفة بدوام كامل، ولكن ليس فقط على اليوتيوب، بل تعداه إلى التلفزيون عن طريق المشاركة في وصلات إعلانية ومسلسلات تلفزيونية. وهناك الكثير من المشاريع الأخرى التي يعمل عليها سدراتي، أبرزها بيع أفكار الإعلانات للمعلنين، خاصة ذات الحمولة الكوميدية، التي تنتشر بسرعة في أوساط المستهلكين. وشدد على أن الويب "منجم ذهب" بإمكانه أن يدر أموالا كثيرة في ظل محدودية مداخيل اليوتيوب، لافتا أن بذل الجهد في صناعة المحتوى الأصلي والمبدع والقابل للانتشار بشكل واسع هو ما يجذب المعلنين والشركات المستعدين لدفع المال من أجل ترويج منتوجاتهم. وعاتب سدراتي بعض اليوتوبرز المغاربة لميولهم إلى الركوب على أمواج "البوز" والتطرق لكافة المواضيع، وحتى التافهة منها، مضيفا أن هذا ما يجعل المعلنين يحجمون عن التعامل معهم رغم توفرهم على أعداد كبيرة من المتابعين. وبالنسبة لصناع المحتوى فإن القدرة على تحقيق التوازن ما بين يوتيوب وحياتهم الشخصية يعد مهارة ضرورية للتعلم. ينطبق هذا بشكل خاص على اليوتوبر سهيل الشديني الذي لا يدير فقط قناته التي يبلغ تعداد مشتركيها 218 ألفا، ولكن يتابع أيضا دراسته في الجامعة ويزاول عملا. وبالنسبة إلى الشديني، فمن الصعب في بعض الأحيان تلبية توقعات المشاهدين وتحميل فيديوهات بشكل مستمر، خصوصا في ظل وجود مشاغل أخرى، كالدراسة أو العمل، مضيفا: "صنع محتوى على يوتيوب يبدو سهلا من الخارج ولكن بمجرد أن تقوم بذلك بنفسك ، تدرك مقدار الوقت والطاقة والجهد وقوة الإرادة التي تحتاجها لتحقيق النجاح." وأضاف أن العمل النهائي الذي يراه المشاهد هو فقط قمة جبل الجليد أما الجهد الذي تم بذله فهو يقبع تحت السطح بعيدا عن الأنظار، مشيرا أن المتابع المغربي لا يدرك بعد مدى صعوبة صنع المحتوى على يوتيوب. وأوضح أن المجهود الجسدي لا يمكن إغفاله لكن الأمر الأكثر صعوبة يكمن في الجانب النفسي، حيث أن الرغبة في التأكد من أن العمل سيكون أحسن من سابقه وقادر على المنافسة يشكل ضغطا مستمرا على صانع المحتوى. وعلى خلاف السدراتي، لا يعتبر الشديني ما يقوم به على اليوتيوب عملا بدوام كامل، موضحا أن التخلي عن "عمل حقيقي" للتفرغ للعمل على اليوتيوب في الوقت الحالي يعد مخاطرة كبيرة، "ولكن سأعيد النظر ربما بعد 5 سنوات"، يضيف الشديني. وأكد أن الأرباح من اليوتيوب رغم أنها شهدت استفاقة محتشمة مؤخرا إلا أنها تبقى قليلة جدا لذلك فمن الأفضل عدم الاعتماد على اليوتيوب ووضع كل البيض في سلة واحدة، مشيرا أن العمل باليوتيوب المغربي في الوقت الحالي يجب أن يكون إلى جانب وظيفة أخرى.