عرف المغرب نموا متسارعا في برامج الإعلام الجديد إسوة بدول عربية أخرى كمصر والأردن والخليج، وسطع معها نجوم تابعهم المغاربة باهتمام، بحيث وجدوا فيهم تعبيرا عن همومهم الشابة، نجوم يجربون حظهم في التغيير والتعبير الحر في سوق تتجاذبه الفرص والعراقيل. أقدم التجارب التي عرفها المغرب في "البودكاست" كانت مع خالد شريف. شاب قدم من كندا إلى المغرب ليفاجأ بفوارق كبيرة بين العالمين. يقول خالد "منذ انطلاقتي سنة 2009 حاولت انتقاد سلوكيات مغربية تحول دون تقدمنا، غذى رغبتي ذلك الإحباط المتراكم من مضمون بعض القنوات المغربية، التي لم تستطع مسايرة التطور الذي عرفته دول المنطقة العربية الأخرى". نقد النقد تعتبر السخرية النموذج الأكثر انتشارا، فيرى خالد أن الأمر يتعلق بوضع الأصبع على الجرح كأسلوب للتغيير، فكرة تتفق معها فاطمة الزهراء السماوي، نجمة برنامج "إف زيد بودكاست"، فتعتبر السخرية سرا من أسرار نجاح البودكاست ومنافسته للإعلام التقليدي، أما حنان أمجد، التجربة الأحدث في اليوتيوب، فلا ترى ضرورة للسخرية لإيصال الأفكار، ولا ترى مانعا في بعض الطرافة بشرط ألا ينزل المضمون إلى مجرد "الضحك على الهم الخالي من الفائدة". منابع إلهام متنوعة كان لتجارب دول أجنبية وعربية دور هام في تحفيز وإلهام نجوم اليوتيوب المغربي ، منهم من سار على خطى أسماء معينة ومنهم من اختار الجمع بين أكثر من نموذج لخلق شكله الخاص. فتأثر خالد الشريف أساسا بتجربة الأمريكيين شان داوسن، و راي ويليام جونسون، إلى جانب البرنامجين السعوديين "إيش يللي" و"لا يكثر".فاطمة الزهراء لا تخفي تأثرها بخالد الشريف، إلى جانب باسم يوسف، وتجيب حنان أمجد "سهيل الشديني وخالد الشريف أكثر من تأثرت بهم على المستوى الإخراجي". يقول عبد الله أبوجاد، الفائز بلقب "بودكاستر السنة" و"شخصية السنة" في مسابقة مواهب الأنترنت "ماروك ويب اواردس" أنه "بدأنا بمشاهدة تجارب عربية وعالمية، لكن ابتكرنا نموذجنا الخاص". نفس الشيء بالنسبة لسهيل الشديني، واحد من البودكاسترز الأكثر مشاهدة في المغرب، الذي يقول "مادفعني إلى دخول غمار اليوتيوب المغربي أساسا هي الغيرة على المحتوى المغربي في النت، والتي زادت مع متابعتي لتجارب عربية وأجنبية". بين الإعلام القديم والجديد لا يخفي عدد من الإعلاميين الجدد رغبتهم في الانضمام إلى العمل في قنوات التلفزيون التقليدي إذا أتيحت لهم الفرصة. لكنهم يستبعدون التخلي عن برامجهم على اليوتيوب، ما يفتح باب المقارنة بين الإعلامين في المغرب. ويحمل نجوم اليوتيوب هم الإبداع، ويعاتب خالد "شباب ينقلون الأفكار عن بعضهم، وأتمنى أن أرى عملا متقنا احترافيا من ألفه إلى يائه، خصوصا أن البودكاستر يتعامل مع جمهور ذكي ومتطلب"، فالتكرار قد يهدد سوق الإعلام الجديد إذا مله الناس حسب عبد الله. ويعتبر نجوم أن توفير المال مهمة شاقة، فحسب خالد "مقارنة مع دول أخرى المبلغ الذي نجنيه هزيل، حتى إني اضطررت لوقف أحد برامجي مؤقتا بسبب ذلك"، عبد الله أبوجاد اضطر لبيع عدد من ممتلكاته للانطلاق بينما يجد سهيل الشديني عددا من الصعوبات المادية لمواصلة الإنتاج بجودة يقبلها الجمهور. إغراء الحرية والتفاعلية ترى فاطمة الزهراء أن البودكاست وسيلة تعبير قائمة على الجرأة، ويشاطرها خالد الرأي، فيجد في عمله حرية في شكل العرض وتوقيته، دون رقابة على المضمون إلا تلك التي يفرضها البودكاستر على نفسه، حرية يتمنى عبد الله أن تقيد بقوانين تضع حدا لما يعتبره "تماديا في استغلال هامش الحرية من قبل البعض". أيضا اتفق عدد من نجوب الويب على ميزة التفاعلية التي يوفرها اليوتيوب. عبد الله يؤمن أن مهمة إعلامي اليوتيوب لا تنتهي عند النشر بل تتواصل بالتفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالإجابة على تساؤلات الجمهور وإعادة النشر، ويشير خالد إلى أهمية التفاعلية في استقاء أفكار جديدة من الجمهور، جمهور شاب أساسا يفرض على النجوم تقديم محتوى يتناسب مع همومهم ويتكلم لغتهم الشبابية القريبة إليهم.