بعد مضي زهاء أربعين عاما على تسجيل أولى حالات الإصابة بداء فقدان المناعة المكتسب، لا تزال المعركة متواصلة ضد هذا الوباء الفتاك. وفي اليوم العالمي للإيدز الذي يصادف الفاتح من دجنبر من كل سنة، يؤكد برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بمكافحة هذا الداء، الحاجة الملحة لإنهاء التفاوتات التي تسبب الإيدز والأوبئة الأخرى في كافة أنحاء العالم. واعتبرت الهيئة الأممية أن العالم يخرج اليوم عن المسار الصحيح للوفاء بالالتزام المشترك لإنهاء الإيدز بحلول عام 2030 "ليس بسبب نقص المعرفة أو الأدوات اللازمة للتغلب على الإيدز، وإنما بسبب غياب المساواة الهيكلية الذي تعرقل الحلول الم جربة للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وعلاجه". وأكدت أن إنهاء التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية على وجه السرعة يعد شرطا لا محيد عنه لإنهاء الإيدز بحلول عام 2030 ، مسجلة أنه على الرغم من وجود اعتقاد لدى البعض بأن الأزمات ليست هي الأوقات المناسبة لتصدير أولويات التصدي للظلم الاجتماعي، "إلا أن الحقيقية هي أنه لا يمكن التغلب على الأزمات دون معالجة الظلم الاجتماعي". وتثير أحدث الإحصاءات العالمية حول داء السيدا القلق والحزن، حيث استمرت في سنة 2020 معاناة مالايقل عن 37.7 مليون مصابا بالمرض وانضاف الى هذا العدد 1.5 مليون شخص ( 53 في المائة منهم من النساء والفتيات) ألم بهم الداء حديثا، فيما تم تستحيل 680 ألف حالة وفاة بسبب الأمراض المرتبطة بالإيدز. وقد دق برنامج الأممالمتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ناقوس الخطر بفعل استمرار هذا الداء في الانتشار. وتشير توقعات الوكالة الأممية التي تقود المعركة العالمية للقضاء على الإيدز إلى أن 7.7 مليون وفاة مرتبطة بالإيدز ستحدث بين عامي 2021 و2030 إذا ظلت تغطية خدمة فيروس نقص المناعة البشرية ثابتة عند مستويات سنة 2019. ووجهت المديرة التنفيذية للبرنامج الأممي، ويني بيانيما، دعوة عاجلة للتحرك محذرة من أن "التقدم للتغلب على جائحة الإيدز، الذي كان بالفعل بعيدا عن المسار الصحيح، يتعرض الآن لضغوط أكبر مع استمرار تفشي أزمة كوفيد-19، وتعطل خدمات الوقاية والعلاج من فيروس نقص المناعة البشرية وخدمات التعليم وبرامج الوقاية من العنف وغيرها". وقالت إنه لا ينبغي الاختيار بين إنهاء جائحة الإيدز اليوم والاستعداد لجوائح الغد ، معتبرة أن "النهج الوحيد الناجح سيحقق كليهما. حتى الآن، لسنا على الطريق الصحيح لتحقيق أي منهما". وفي رسالة بمناسبة اليوم العالمي للإيدز، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: "لا يزال من الممكن إنهاء الجائحة بحلول عام 2030، لكن ذلك يتطلب إجراءات مكثفة وتضامنا أكبر. للتغلب على الإيدز – وبناء القدرة على الصمود ضد جوائح الغد – نحن بحاجة إلى عمل جماعي". وكانت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة قد اعتمدت خلال دورتها المنعقدة في يونيو 2021، إعلانا سياسيا بشأن فيروس فقدان المناعة المكتسبة، يهدف إلى تحديد التوجه المستقبلي للاستجابة لهذا المرض. وفي المغرب، دقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ناقوس الخطر بشكل استباقي، وقدمت الدعم للأشخاص المصابين، كما أطلقت حملات تحسيسية للتوعية بمخاطر السيدا. وفي هذا الصدد ، أطلق المغرب المخطط الاستراتيجي الوطني (2021-2017) والذي تم تمديده ليشمل محاربة السيدا حتى سنة 2023. ويتعلق الأمر بإطار وطني للعمل في هذا المجال. ويعكس المخطط الاستراتيجيي الوطني لسنة 2023، الذي تم إعداده في إطار المخطط الصحي لسنة 2025، التزامات المغرب ذات الصلة بتحقيق أهداف الإعلان السياسي للأمم المتحدة لعام 2016 بشأن السيدا، وكذا أهداف التنمية المستدامة. ويروم المخطط إدماج عدد مهم من المستفيدين، من أجل الحد من اللامساواة بين الجنسين، وتعزيز حقوق الإنسان، بخصوص حق الولوج إلى الخدمات المقدمة للمصابين بالسيدا، لا سيما في زمن جائحة كورونا التي استأثرت باهتمام كافة المؤسسات الصحية منها وغير الصحية.