بعد مسار حافل في العمل الصحافي والسياسي، عاصر خلاله أبرز أحداث وتغيّرات مغرب ما بعد الاستقلال من مختلف المواقع، رحل اليوم إلى دار البقاء، رجل المواقف الشجاعة، خالد الجامعي عن عمر يناهز 77 سنة. "ملتزم بقضايا الشعب" في شهادته عن رفيقه السابق بحزب الاستقلال، يقول مولاي امحمد خليفة قيادي بحزب الاستقلال، إنّه تلقى بألم كبير وحزن عميق رحيل الروح الطاهرة لخالد الجامعي، مذكّراً "صداقتنا ابتدأت ونحن شباب بالشبيبة الاستقلالية في مؤتمر انعقد سنة 1962". وتابع خليفة الذي جايل الراحل في تصريح لموقع القناة الثانية أن الجامعي "عاش كل حياته ملتزما بقضايا شعبه، وكان من الرواد الأوائل للتنوير والدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان، وكانت كتاباته بجريدة "L'opinion"، كلها تنوير وتبشير وإعداد الشعب المغربي للدفاع عن قيم العدالة والديمقراطية والحرية". وأكّد أن الجامعي "كان يجاهر بهذه الأفكار في زمن كان فيه ثمن الدفاع والتصريح بهذه الأفكار، غالياً". وأضاف أنّ الجامعي ملتزم حقيقي بقضايا الشعب مع الطبقات الأقل حظا، عندما كان عضواً باللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، كان يتنقّل إلى البوادي والقرى من أجل نشر الوعي وأفكاره بإقناع قل نظيره". وشدّد خليفة أن الرجل "كان صلبا ثابتاً في مواقفه عندما يؤمن بشيء يدافع عنه مهما كان الثمن، وكان مخلصاً في حياته ومواقفه"، وزاد أنّ رحيله يمثّل "خسارة للمغرب". "مرجع في الصحافة المستقلة" من جانبه، أكّد الصحافي المغربي يونس مسكين، أنّ الراحل خالد الجامعي هو واحد من الشاهدين على عصر الصحافة المغربية المعاصرة وممن عاشوا أكثر الاحداث السياسية أهمية وتأثيراً فيما انتهى إليه مغرب اليوم، مضيفاً أنّه "ظل حريصا على تتبع ومواكبة الأحداث الآنية إلى آخر أيامه. ولم يكن يتردد في الاشتباك فكريا والمساهمة في أكثر النقاشات الدائرة سخونة وحساسية". وأبرز مسكين أنّ الراحل "تميّز في العقدين الأخيرين من حياته بحرصه على الجهر بآرائه ومواقفه، وشكّل مرجعا بالنسبة للصحافة المستقلة والأجيال الجديدة من الإعلاميين، بالنظر إلى تجربته وخبرته الطويلة في الحقلين السياسي والإعلامي". "رحيل خالد الجامعي خسارة كبيرة للمشهد الصحافي المغربي"، يضيف مسكين وذلك "لما كان يجسده من ذاكرة حية وقدرة على ربط الأحداث الجارية بجذورها التاريخية وقراءة ما وراء المعلن من القرارات والسياسات". "خسارة لا تعوّض" بدوره، قال عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة في المغرب، إن الجامعي كان "أحد أعمدة الصحافة الوطنية"، وتعود معرفتهما إلى سنة 1988، عندما التحق البقالي للعمل صحافيا بجريدة العلم، وكان الراحل يشغل رئيس تحرير جريدة "L'opinion". وتابع البقالي في حديثه لموقع القناة الثانية، "عرفته في مساره المهني، حيث تميز بالموضوعية والواقعية والنزاهة، ونتذكّر دائماً مواقفه التاريخية في لحظات سياسية عصيبة عاشتها البلاد. ونتذكر كذلك الحدة التي تميّزت بها مقالاته الشهيرة على الجريدة المذكورة". وأضاف البقالي أن برحيل الجامعي "نخسر هرماً آخر من أهرامات المشهد الإعلامي الوطني، والحقيقة أنه يبدو صعباً تعويض هذه الخسارة".