في إطار عملية التأهيل الشامل لموقع "قصبة أكادير أوفلا" بمدينة أكادير، قادت تنقيبات وأبحاث أركيولوجية لفريق بحث مغربي إسباني بالقصبة التاريخية إلى العثور عن بقايا أثرية، يرجّح أن يعود تاريخها إلى فترة حكم السّعديين لسهل سوس في القرن 16. وأبرزت نعيمة الفتحاوي، المفوّضة في الشؤون الثقافية بجماعة أكادير، في تصريح ل2m.ma، أنه بفضل هذه التنقيبات والأبحاث الأركيولوجية، "عُثر على باب للقصبة التاريخية (أَگُّور) كما كان لحظة وقوع الزلزال ليلة 29 فبراير 1960، إحدى دَفّتيه مشرعة والأخرى مغلقة"، موضحة أنه "باب سميك من الخشب بُني اللون، تآكلت جنباته بفعل الزمن ومياه الأمطار المتسلّلة الى الركام خلال ستين سنة خلت".
وأضافت المسؤولة عن الثقافة بجماعة أكادير، أن الأبحاث التي انتهت قبل أيام، كشفت كذلك "عن بقايا السور السّعدي وعن الممرّات، وعن محراب المسجد، وآثار صفوف المصلين، والمَيْضَأة، إضافة إلى العثور على الرحى الكبيرة التي كانت تستعملها النساء لطحن الحبوب في الجانب المقابل للبحر".
من جانبه، أكد العربي بروان، المحافظ الجهوي للتراث الثقافي بجهة سوس ماسة، في تصريح ل2m.ma، أن فريق البحث المغربي الإسباني اكتشف أيضا "منبر المسجد الخشبي، ونقيشة ثمينة وجدت بالمسجد". وأضاف المحافظ الجهوي للتراث الثقافي، أن هناك اكتشافات لم تكن متوقّعة في هذا الموقع التاريخي، منها "قطع نقدية بمختلف الأحجام ذات أهمية تاريخية وتراثية، وأيضا أدوات معدنية حالتها تدلّ على تاريخها القديم، إضافة إلى الحديقة العجيبة". وقال المسؤول بوزارة الثقافة، إن "الحفريات الأولى تركّزت في الجهة الشرقية والجنوبية للقصبة التاريخية، فيما تركّزت في المرحلة الثانية في منطقة المساجد بالقرب من الباب الرئيسي للقصبة".
في السياق، لفت محمد بجلات، رئيس جمعية إيزوران (الجذور)، في اتصاله ب2m.ma، أن "الأشغال الأركيولوجية في القصبة انطلقت عبر مراحل، نظرا لأن الموقع له حساسية خاصة على المستوى الجيولوجي والرّوحي". وتم الاتفاق بين المؤسسات الرسمية والمدنية، على "إزالة كل ما هو شائب وليس أصلي في القصبة، والاحتفاظ فقط بما هو أصيل، وترميم كل ما هو مؤكد أنه من المكوّنات الأوّلية للقصبة"، يردف رئيس جمعية إيزوران. ويرى الفاعل المدني، أن القصبة "تختزل التجذّر الحضاري لمدينة أكادير في تربة سوس التي ارتوت عبر التاريخ بروح المقاومة ضد الأجانب الغزاة، التي تعكس الهوية الأمازيغية بشريا وعمرانيا من خلال التّعايش في تلك البقعة بين مغاربة مسلمين و مغاربة يهود".
وتعدّ قصبة أكادير أوفلا التّاريخية، التي تضرّر جزء كبير منها بسبب الزلزال المُدمّر الذي ضرب مدينة أكادير سنة 1960، معلمة تاريخية كانت تضمّ المدينة القديمة وتعتبر النواة الأولى لأكادير. وتأسّست قصبة أكادير أوفلا، التي تعني بالأمازيغية "الحصن العالي"، عام 1540 في فترة حكم السّعديين على يد السلطان "محمد الشيخ السعدي"، وهي "ذات دور تاريخي كبير في منطقة سوس، إذ كانت نقطة انطلاق الدولة السّعدية في مواجهتها للمحتلّ البرتغالي الذي تواجد أساسا على سواحل المحيط الأطلسي"، كما يبرز العربي بروان، المحافظ الجهوي للتراث الثقافي بجهة سوس ماسة.